بورصة بيروت المالي “معزولة” عن الأسواق العالمية
لم تنعكس انهيارات الأسواق العالمية على بورصة بيروت، رغم أن البلاد تشهد إلى جانب انهيار نقدي مالي شامل، وضعاً أمنياً دقيقاً، في ظلّ الحرب الدائرة في الجنوب اللبناني مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ يؤكد محللو اقتصاد أن السوق اللبناني يعيش معزولاً عن البورصات العالمية.
وتراجعت البورصات العالمية في بداية التعاملات الأسبوعية، على وقع أرقام سلبية صدرت قبل أيام عن الولايات المتحدة الأميركية، ما يجعل الأنظار شاخصة إلى التداعيات الاقتصادية، ولا سيما في ظلّ التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط. وذكرت صحيفة ذا غارديان البريطانية أنّ المستثمرين في أوروبا وآسيا ونيويورك يشعرون بالقلق ويتأهبون لمزيد من الاضطرابات في الأسواق المالية، بعدما أدت المخاوف من أن ينجرف اقتصاد الولايات المتحدة نحو الركود إلى هبوط في أسواق الأسهم الرئيسية حول العالم في نهاية الأسبوع الماضي.
مخاوف من تقلبات جديدة
وانخفضت أسهم الشرق الأوسط أيضاً خلال اليومين الماضيين، وسط التوترات المستمرة في المنطقة. ولفتت الصحيفة إلى أن هناك خشية من أن تؤدي أي علامات أخرى على الهشاشة والضعف في الاقتصادات الكبرى إلى تقلبات جديدة.
والجمعة، قال مكتب إحصاءات العمل الأميركي إن البطالة صعدت خلال يوليو/تموز الماضي إلى 4.3% من 4.1% في يونيو/حزيران السابق له، ما أدى إلى تراجعات حادة في أسواق المال الأميركية. وأضيفت هذه البيانات إلى نتائج مالية سلبية لشركات كبرى في وول ستريت، ما دفع الأسواق لتسجل تراجعات حادة تجاوزت 3% في ختام جلسة الجمعة.
وتُطرح تساؤلات حول انعكاس هذه التطورات لبنانياً، مع استمرار الحرب الدائرة في الجنوب اللبناني منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، غداة عملية “طوفان الأقصى”، والمخاوف من تصعيدٍ شاملٍ، واندلاع عدوان إسرائيليٍّ واسعٍ، في ظل التهديدات الإسرائيلية الأخيرة التي تلت عملية مجدل شمس.
بورصة بيروت “معزولة”
في الإطار، يقول أستاذ محاضر بالأسواق المالية العالمية في الجامعة الأميركية في بيروت، جهاد الحكيّم، لـ”العربي الجديد”: “لا انعكاس لتراجع البورصات العالمية لبنانياً، باعتبار أن لبنان يُعدّ سوقاً قائماً بذاته، وبورصة بيروت معزولة عن الأسواق المالية العالمية، خصوصاً في ظلّ تخلّف البلاد عن سداد مستحقات اليوروبوند، وتعدّد أسعار الصرف، والانهيار النقدي وربطاً به الدولار، وغيرها من العوامل التي جعلته معزولاً عن البورصات العالمية.
ويشير الحكيّم في المقابل إلى أنّ “الانعكاس يقتصر على المستثمرين والمتداولين في لبنان الذين يتكبّدون بهذه الحالة خسائر كبيرة، خصوصاً أنّ الكثير منهم هواة بالتداول، تدفعهم الشركات الموجودة في لبنان عبر التسويق الكبير لهذه العمليات ومنافعها ومكاسبها للتداول بالبورصة مستغلة الأوضاع الاقتصادية وظروفهم المعيشية”.
شركات غير مرخصة
ويلفت الحكيّم إلى أنّ “شركات البورصة في لبنان والمؤسسات المالية وشركات الوساطة المالية بعددٍ كبيرٍ منها غير مرخّصة، حتى تلك المرخّصة لا تحترم المعايير اللازمة ولا تغطي عملياتها بالشكل المطلوب، وبالتالي تعمد إلى دفع الناس ولا سيما الهواة منهم لوضع مدخراتهم، وتشجيعهم على ذلك باستغلال أيضاً الوضع الاقتصادي والمالي الصعب وبحث الناس عن أبواب ومصادر رزق ودخل ثانية، من دون أن يكونوا على دراية بالسوق وزوايا التداول ما يجعلهم يخسرون هذه المدخرات”، مشيراً إلى أن “الشركات حققت أرباحاً على حساب المتداولين خصوصاً أن غالبيتها لا تغطي عملياتها”.
من ناحية ثانية، يوضح الأستاذ المحاضر بالأسواق المالية العالمية في الجامعة الأميركية في بيروت، لـ”العربي الجديد”، أنّه حسب مؤشر MSCI ويعرف باسم “مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال”، هناك المؤسسات المتقدمة وتلك الناشئة والمبتدئة، بينما لبنان يأتي في أدنى درجة وهي السوق القائم بذاته، من هنا القول إن بورصة بيروت معزولة عن الأسواق المالية العالمية، وليست بالتالي عرضة للتقلبات المالية.
ومن جانب ثان، أشار بنك عودة في التقرير الأسبوعي الصادر أول من أمس، إلى أنّه “وسط تصعيد عسكري خطير في منطقة الشرق الأوسط وازدياد المخاوف من تحوّل الصراع إلى حرب أوسع، بقيت الأنفاس محبوسة داخل الأسواق اللبنانية هذا الأسبوع وسط ترقب لمجريات التطورات العسكرية في المنطقة، ومخاوف من التداعيات القاسية لاندلاع حرب موسّعة على الاقتصاد الوطني الذي يعاني من الوهن أصلاً”.
ففي السوق الموازية لتداول العملات، ظل سعر صرف الدولار يتحرك هامشياً في محيط 89500 ليرة، على الرغم من المخاوف من أن يتعرض الاستقرار النقدي الذي ظل سائداً خلال 15 شهراً إلى انتكاسة، وأن يصار إلى استنزاف احتياطيات مصرف لبنان السائلة بالعملات، والتي وصلت إلى 10.3 مليارات دولار في نهاية يوليو/تموز 2024.