رأي

خطر تصفية «الأونروا»

كتب علي قباجة في صحيفة الخليج:

سارعت دول غربية عدة في مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، وغيرها، إلى تعليق تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، مباشرة بعد اتهامات إسرائيلية لبضعة أفراد من المنظمة بالمشاركة في عملية 7 أكتوبر الماضي، من دون انتظار تحقيقات المنظمة الأممية، أو حتى قبول هذه الدول بإجراءات ضد «المشاركين» من خلال فصلهم من وظائفهم. لكن استعجال القرار بوقف المساعدات جاء بمنزلة توقيع على قرار بمضاعفة مأساة مليونَي نازح في غزة وفي غيرها من أماكن الشتات الفلسطيني، جرّاء الحرب، ومعظمهم من اللاجئين في القطاع يقيمون في مدارس الوكالة، ويتلقون أساسيات حياتهم منها، على الرغم من أن ما كانوا يتلقونه يعد شحيحاً، ولا يكفي بالحد الأدنى، إضافة إلى تركهم للمجهول، والخطر المحدق، خصوصاً أن وكالة الغوث تتولى مسؤولية تشغيل الكثير من المدارس والمراكز الطبية والمستشفيات، وتنسق تزويدها بالوقود، إلى جانب توزيع المساعدات، في ظل تقارير تؤشر أن سكان القطاع قد يموتون من الجوع جرّاء الحصار المطبق.

المتهمون لا يتجاوزون 12 شخصاً، في حين أن موظفي الوكالة في غزة وحدها يبلغون 13 ألفاً، ما يعني زعزعة استقرار أسرهم في هذه الظروف الحرجة أساساً، كما أن 5.5 مليون لاجئ تغطيهم «الأونروا» في داخل فلسطين والشتات، قد يجدون أنفسهم بلا قوت في القريب العاجل، لتضاف إلى سلسلة من الأزمات المركّبة التي تعصف بالفلسطينيين، في ظل حرب عليهم تأكل الأخضر واليابس، ومجتمع دولي عاجز عن وقف المذبحة، ومحاولات حثيثة لتصفية القضية، وإنهاء حلم الدولة الفلسطينية، ذلك أن نتنياهو أكد في أكثر من مناسبة، إلى جانب وزراء في حكومته، أنهم لن يسمحوا بقيام كيان فلسطيني، وتوعدوا بمضاعفة الاستيطان، وسط نوايا بإعادة الاحتلال إلى غزة في ظل رغبتهم بتهجير سكانها.

وكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة وجهت تحذيراً عاجلاً، بأن قطع التمويل ستكون له عواقب كارثية، وقد يؤدي إلى انهيار النظام الإنساني في غزة، مع عواقب إنسانية وحقوقية بعيدة المدى في الأراضي الفلسطينية، ودَعم موقفهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بقوله إن «الأونروا» «هي العمود الفقري لجميع الجهود الإنسانية في غزة».

قرار قطع التمويل في هذا الظرف بالذات، يعني بما لا يدع مجالاً للشك، أن الغرب ينظر بعين واحدة فقط، ويتجاهل شعاراته التي لطالما روّجها حول أهمية الإنسان في أبجدياته؛ بل وخاض الحروب في سبيل نشرها.

ما يحدث لا بد أن يدفع القيادة الفلسطينية، وظهيرها العربي، إلى وضع آليات جديدة، بعدم رهن لقمة العيش في يد الغرب، وإيجاد صيغ جديدة تحرر الفلسطينيين من «سيف المساعدات» الذي يسلط على رقابهم، لإخضاعهم وقتما شاء الغرب ذلك، والعمل على رفد وكالة الغوث بما تحتاجه من دعم مادي كي تبقى شاهداً على مأساة طال أمدها.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى