رأي

أكتوبر… الأمل

كتب بسام القصاص في صحيفة السياسة.

الحديث عن “انتصارِ أكتوبر” حديث ذو شجون، رغم مرور كل تلك السنوات الطوال (50 عاماً) ظل هذا “الحدث الفريد” في تاريخنا المعاصر محفوراً في القلوب، قبل العقول، وكأنه حدث بالأمس القريب.
ففي الوقت الذي شهد اندلاع شرارة حرب أكتوبر 1973، بدأت الدول العربية تقديم الدعم والمساندة لمصر، ومثلت حرب السادس من أكتوبر ملحمة عربية بتكاتف 12 دولة عربية إلى جانب مصر لدحر الاحتلال الإسرائيلي، في الحرب الرابعة بين العرب والاحتلال الإسرائيلي.
لقد أثبت المقاتل المصري خلال تجربة حرب أكتوبر، وإلى جواره المقاتل السوري وإخوانه من المقاتلين العرب، شجاعة فائقة بإقدامه وصموده، وأدهش بروحه القتالية العالية كل خبراء الستراتيجية في العالم.
فكان “يوم الملحمة” الذي شهد أكبر تمهيد نيراني منذ الحرب العالمية الثانية، وأكبر معارك الدبابات في العصر الحديث، هذا إضافة إلى اقتحام أصعب مانع مائي عرفته الحروب من قبل، بعبور “قناة السويس” وتحطيم خط بارليف الحصين، وللحقيقة والتاريخ فإن أداء هذا “المقاتل الجسور” لم يأت من فراغ، وإنما كانت أمامه “قيادة رشيدة” تمكنت من التخطيط بإحكام، لتباغت العدو في ظروف لم تكن مواتية له، فلم يتمكن من فرض مكان وزمان المعركة، مثلما كان يفعل في الحروب السابقة.
كانت حرب أكتوبر “حرباً عربية” وحّدت العالم العربي بكل تياراته، وأبرزته قوة كبيرة مؤثرة في الواقع الدولي -آنذاك- وساهمت المعارك البطولية في سريان “روح جديدة”، أثمرت “تياراً فكرياً ناهضاً” يدعو العرب إلى العبور من التخلف والتفرق إلى الحضارة والتوحد، مثلما عبروا من “الهزيمة إلى الانتصار”.
وكان العنوان الأبرز في الدعم الخليجي لجبهات القتال هو الاستخدام الناجع والفعال لسلاح النفط، الذي استخدمه العرب للمرة الأولى، من أجل استعادة الحقوق الوطنية والقومية وأحدث هزة كبرى في أسواق النفط العالمية.
بدأه الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، واتفقت جميع الدول العربية المنتجة للنفط على تنفيذ ذلك الحظر النفطي الشهير، وعلى أثر ذلك أعلنت سلطنة عمان والإمارات والكويت والبحرين وقطر قطع النفط عن الدول المعادية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وكان لهذا السلاح تأثيره السياسي البالغ.
أما عن الدعم المالي فقد تحملت دول الخليج العربية أعباء مالية كبيرة، وخصوصا السعودية والكويت والإمارات، حيث أسهمت هذه الدول وحدها بما يقرب من ثلاثة مليارات منذ انتهاء حرب 1967 وحتى قيام حرب أكتوبر 1973.
لقد عشنا تجربة حرب أكتوبر النضالية الرائعة، ولا تزال أحداث بطولاتها وستظل تمثل “علامة مضيئة” في تاريخنا المعاصر، وقد حل الأمل محل اليأس، هذا ما أدت إليه انتصارات أكتوبر من نتائج باهرة رفعت رؤوس العرب.
إِن المتأمل للواقع العربي الحالي لا يمكنه إغفال ما تتعرض له المنطقة العربية من مخاطر ودمار في العديد من البلدان، لكن يظل الأمل متقداً على الدوام، إذا ما تمت إعادة النظر إلى ما جرى في حرب أكتوبَر، والاعتبار بدروس الانتصار، هذا هو الأمل في عالم عربي جديد.
وتحية إجلال وتقدير للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يحمل أمل الانتصار في الحروب التي خاضتها مصر، ولا تزال تخوضها، سواء ضد الإرهاب، أو معركة التنمية للنهوض بمصرنا الحبيبة، وحتى الانتصار في لم شمل العالم العربي ليكون قوة في مواجهة الأخطار المحدقة بالمنطقة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى