شؤون لبنانية

كلاس: سنبقى نناضل من أجل لبنان

كتب وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور جورج كلاس على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة : “حكومة { معاً للإنقاذ } و فنُّ إسْدالِ السِتارةِ ..!

   نصٌ  وجداني ، لا هو بيانٌ وزاري و لا طلبُ ثقةٍ و لا جردةُ حساب . بل انه وقفةُ وفاء لمَنْ وثق بي مواطناً و سمّاني وزيراً و ولّاني مسؤولية  .

مِن رَفْعِ الستارة الى إسدالها ، مشهدياتُ وَجْدٍ ، و ذَرٰفياتُ دمعٍ ، و صفنيَّاتُ وفاءٍ ، و وقفاتُ مَجْدٍ خدمةً للبنان ..!

بعد ثلاث سنواتٍ و خمسة اشهرٍ من خدمة الوطن،  في ظروفٍ قاسية اقتصادياً و ظالمة أمنياً و عابقة بتحدياتٍ سياسية محلية و إقليمية و دولية قاسية، تطفئ  حكومة ( معاً للإنقاذ ) شمعدان نذورٍ أَوقَفَته في سبيل لبنان، وتفتح كُتَبَ صلوات لأن يحفظ الله هذا الوطن  و يحصنّه ضدّ أي شر و خطر ، و يمنع عنه كل عين حمراء . 

 في العاشر من ايلول 2021 سميّنا في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي  أربعة و عشرين وزيرا  من عيار  اربعة و عشرين قيراطاً ذهباً خالصاً من العلم و الوطنية و التخصص، شعارنا ( معاً للإنقاذ ). و عملنا بإندفاعية و من كل قلبنا و عقلنا لنرضي ضميرنا و نخدم الوطن و نخاف الله في كل ما فكرّنا و عملنا و أنجزنا و ما حاولنا فعله و ما لم نقدر على تحقيقه.

ثابرنا على الواجب و تحمَّلنا النقد و الإنتقاد و الشتمَ و التجريح و التصويب ، و صبرنا و تناسينا التهجُّماتِ الاستفزازية، و تجنَّبنا الإنزلاقات الى مهاوي الخلافاتِ الموظَّفة و الإستثماراتِ النزاعية للأزمات ، و أصرَّينا ان نبقى عسكر حكومة ( معاً للإنقاذ ) كاملي المواصفات و  خارج الشروط و الرهانات و الإرتهانات  ، لأننا اردنا و قررنا  و بادرنا و إرتضينا العمل باللحم الحيّ  و البذل و النذف و  الذرفَ  حتى آخر نقطة زيت في سراجنا ، ليبقى للبنانيين أمل بالنجاة من صراع العيش القاسي ، و أن نُقنعهم انهم مواطنون و ليسوا ضحايا،  و لا هم أسماء على لوائح الشطب و  لا اعداد في صناديق الانتخاب ، و لن يكونوا ابدا ارقاماً  في عَدّاد الوطن.

 قبلنا بفخر  ملئنا الأمل، و قررنا بعزم سيفنا القلم، ان نكون و نبقى ( معاً للإنقاذ ) في شراكة متراصة متساوية بتحمّل المسؤوليات من دون النظر الى تفاوتٍ في نوعية ودور و سياديَّة أيِّ وزارة ، لأننا إعتبرنا اننا واحد في خدمة الكلّ و ان نوعية حكومتنا  هي من تنوّع لبنان.

معاً للإنقاذ كُنَّا، و معاً للإنقاذ قررنا ان نستمر، ومعاً للإنقاذ سنبقى في أي موقعٍ و مرفعٍ كنا، نتضامن و نتكافل و نتعاضد و نناضل من اجل أن يبقى لبنان كما نريدُ ، خالصاً نَقِيًّاً  حرّاً متحرراً مُحرّراً . 

لكن شعار ( معاً للإنقاذ ) تعرّض للتهاوي و التداعي ، بعد ان شعرتُ شخصياً انه مطلوب مناً ان نكون معاً للإنقاذ في ازمنة موسمية فقط ، و انه في كثير من الامور المفصلية يتحول هذا الشعار من قبل البعض و غَبَّ الطلب الى ( إعلانٍ ) تسويقي ِّ لا اكثر  ، او انه  يستحيل عنواناً باهِتاً  لمرحلة ظرفية ، يستهدفها كثيرون و يستغلها كثرٌ و  يستثمرها قراصنة في السياسة و  يتاجر بها مقاولون في الوطنية ، و  يتحيَّنها صيادو  فرص  في سوق المزادات ، العلنية مرة و السرية مرات ، و التي  غالباً ما كان المزايدون يتوزعون فيها  الأدوار  لضمان المردود و ربح المزاد بالتشارك والتساوي  .  

كنت أعي ان  حراجةَ بعض المواقف  كان يتم تسويقها او اتخاذها بالمُفرَّق ، لا بالتوافق و لا بالإجماع و لا حتى عن طريق العلم و الخبر على الاقل . كنت أدرك و اسكت مضضاً ان تلك من سيناريوهات كاتب النص و من أسرار مهنة الإخراج المسرحي المحكم الإنتاج  و الحريص على فنية الجذب و لحظية الفجائية ، حفظاً لمَوْقَعِيَّةِ المركزيات السياسية و دورها الوطني و رصيدها الشعبي و إستثماراتها المستقبلية في الناس  .

كان الصمتُ و الصبرُ  و الصفنُ و العضُ على الشفة السفلى ، مَقفَلَةَ كلِّ ندمةٍ على أيِّ  هفوةٍ ، و كل غمضةَ عينٍ على أيِّ فَشْلَة .

كانت أمالنا اكبر من قدراتنا ، و نتاجاتنا أقلَّ مما كان يطلبه المواطنون من حكومة محكومة بأزمات متراكمة  و وارثة لنزاعات متعاظمة .كان ذلك قدَرنا الوطني ، و ما تجاوزنا قطوعاته بغير صلوات ليالي القدر  و أدعية الأخيار الأوفياء و الطيبين الأتقياء.

ثلاث سنوات و ستة اشهر من عمر لبنان السياسي الحديث ،  لعلها من أطول الولايات الحكومية  ، التي عانى فيها الوطن شغوراً رئاسياً على مدى سنتين و ثلاثة أشهر ، تحول فيها مجلس الوزراء الى كيانٍ سياسي يتحمل مسؤوليات الحكومة و بعض صلاحيات رئيس الجمهورية حرصاً على إستمرارية الدولة ، متلقفين الحمم البركانية و جمر الانتقادات ، من دون تهرُّبٍ أو تقاعسٍ او إنصياعاتٍ  او الإختباء من واجب . هي مرحلة زمنية تنسدل فيها الستارة على فصول من مشاهد عذابات لبنان و نضالاته رُغمَ ما شهدته البلاد من إنزالاتٍ و  شبه وصايات مغلفة بحلاوات الغيرة على لبنان أو ريباتِ الغيرة منه . هي الستارة تنسدل ، أو نحن أردنا إسدالها ، أو اننا نتعامل مع واقعية سدلها بسلاسة و مقبولية ، لأن المسرح تبدل و المسرحية تتطلب نصاً مغايراً  و تشخيصيين جدداً  ، تتماشى مهاراتهم مع متطلبات كل دور جديد و توافق قدراتهم مع إنتظارات مأمول نجاحها إنقاذاً للبنان .    

من موقعي كمواطنٍ  ، كان لي شرفُ ان أُذَكّى و أُسَمّى و أُعَيَّنَ  وزيراً { للشباب و الرياضة } ، في فترة دقيقة الحراجة وطنياً . و يومَ أقسَمْتُ على الدستور في نَزعةٍ طقسية خاصة ، أردفتُ  و زدتُ و تعهدت ، ان انظر الى الوزارة من حيثُ أنها خدمة لا من حيثُ هي سلطة .  و انني في اللحظة التي أدخل فيها الى مكتبي لتسلُّمِ مسؤوليتي ممن سلَّمها لي أمانة ،  سأعيشُ لحظةَ التَرْكِ آمناً مطمئناً ،  و أن أكسُرَ قلمي قَبلَ أنْ أُضطُرَِّ لكسرِ خاطرِ أيِّ أحد  .

أعلنتُ و أقسمتُ و تعهدتُ في آخرُ بَندٍ من جدول إلتزاماتي ، أن لا يشكوني أحدٌ  للّه ،  من دون أن أرمي سلاحَ  أَنْ أشكو  للرَّب كُلَّ مَنْ حاولَ أوْ فَكَّرَ أوْ ظَنَّ بي عاطِلاً أو حاول استعدائي كرمى لعينٍ عوراء و مراعاةً لأذنٍ صمّاء .

 و ما بين الماقبل و المابعد ، و بين  تشرُّفي أن أخدم في أواخر ( عهد عون الاول ) المثقل بالأزمات  و  بداية( عهد عون الثاني ) الحامل التطلعات ،

و مابينهما ( عهد ميقاتي ) المتحمِّل المسؤوليات ، فبَيَانٌ  من عُمْقِ الوَجْدِ أقانيمه :

١- أنني لم أسعَ الى منصِب و لَمْ و لَنْ أتهرَّبَ من واجب ، و لن أختبئ من تحمل مسؤولية أي عمل اقدمت عليه .

٢-أنني اعرفُ كَيْفَ أدخلُ المقاماتِ  من أعلى ابوابها ، و كَيْفَ أخرجُ منها شريفاً عفيفاً نظيفاً رفيعَ الرأس صوَانيّ الضمير ، و ان أَحترِفَ بعقلانية واقعية ، كيف اكونَ ( سابِقاً ) ، و أجهدُ لأن اكون غير مسبوق ، و أعتزُّ ان يعتز بي النسيب و القريب و الغريب . 

٣- أن أبقى ممارساً محترفاً  بقناعةٍ رِضائيّة فنًَّ ( إسدال الستارة ) على مشهديات و فصول مسرحية مسار حياتي ، قَبلَ أَنْ يتمنَى الآخرون إسدالها ، ايماناً مني ان القناعة  هي اصلبُ مناعة .

إِذَّاكَ أكون أكثرَ حريَّةً و تحرُّراً و أبقى أنا ، إبنَ أخلاقي و حارسَ القيم التي نُشئتُ عليها في بيتي و مدرستي و جامعتي و مجتمعي و معارفي  . 

 بارك يا لبنان و مؤسساته الدستورية و شعبه و أرضه و جوّه و ماءه ، و إحفظه ذخراً للتاريخ و الانسانية و هيكلاً لقدسك و مجدياتِ نعمك و عطاياك  .

و إنْ من قفْلَةِ رجاءٍ أرفَعها إلى السماء ، فأن يبارك الله العهد الجديد و ينضحه بزوفى بركاته و يُمَنِّعَه بالقدرة على تجاوز الصعاب و يساعده لتحقيق كل نجاح ، بمساعدة حكومة جديدة معقودة عليها كل الامال ، و مطروقة لها كل الصدور ، المسموعةُ و الرجاءاتِ المشفوعةُُ الدعاءات :

أَنْ إحْمِ يا ربُّ لبنانَ و أبقِه في عينيكَ أمانة  ..!

رجَوناكَ يا رب “.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى