مصادر “القوات اللبنانية”: التمديد ولّى وسنواجهه
بدأ منسوب رفض وشجب أيّ تفكير أو سعي للتمديد الرئاسي أو تطيير الانتخابات، يرتفع من أكثر من طرف سياسي وخصوصاً من بعض مكونات فريق الرابع عشر من آذار سابقاً. فبعد موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي حذّر من التمديد أو بقاء رئيس الجمهورية ميشال عون يوماً واحداً في القصر الجمهوري، لوحظ أنّ ذلك ينسحب على أكثر من مكوّن سياسي لقطع الطريق على هذا الخيار، في ظل مواقف رئيس الجمهورية التي أطلقها من الدوحة والتي استُدلّ منها على أنّ في دوائر بعبدا وبين الداعمين للعهد وحلفائه وتيّاره السياسي، من يسعى إلى بقاء عون في القصر. وفي الإطار عينه، وعلى خط الاستحقاق النيابي، ثمّة مخاوف يعبّر عنها أكثر من مرجع سياسي وحزبي من تطيير الانتخابات النيابية، على أكثر من خلفية، ما يعني في المحصلة أنّ الاستحقاقات الداهمة في مهب الريح، على الرغم من تشدّد المجتمع الدولي لحصولها في مواعيدها الدستورية باعتبارها مدخلاً أساسياً لإنتاج سلطة جديدة.
من هذا المنطلق، يُنقل أنّ معظم الأطراف السياسية والحزبية تخيّم عليها برودة انتخابية واضحة، ومعظم القوى تترقب وتنتظر أكثر من إشارة وتحديداً من الخارج لحسم خيار إجراء الانتخابات، باعتبار أنّ البلد يشهد حالة انقسام سياسي وظروف استثنائية، بينما يسأل مرجع سياسي في مجالسه عن ماهية ما يجري في المجلس الدستوري، إذ نُميت إليه معلومات مؤدّاها أنّ هناك حالة انقسام داخل المجلس والأمور ضبابية حتى الآن في ما خصّ مسألة المغتربين، فيما لا يخفى ترقب آخر لما سترسو عليه الأزمات القائمة حالياً ولا سيما مع الخليج، وانعكاس تلك الأزمات على المسار الداخلي بعدما باتت العناوين الخليجية واضحة وتحديداً السعودية منها، لعودة الأمور إلى ما كانت عليه.
في هذا السياق، وبصدد ما يثار عن تمديد رئاسي، تقول مصادر “القوات اللبنانية” لـ”النهار” إنّ التمديد هو خرق للدستور ومرفوض جملةً وتفصيلاً، أكان بشقّه النيابي أم الرئاسي، مشدّدةً على ضرورة إجراء الاستحقاقات في مواعيدها الدستورية بعيداً من كل محاولات تأجيلها بحجج واهية وساقطة، وحذّرت من مغبة تطيير الانتخابات النيابية لأنّ الفريق الحاكم يريد الحفاظ على أكثريته من أجل مواصلة تحكّمه بالسلطة وعدم تعريض وضعيته لانكشاف مزدوج: وطني يفقد من خلاله الأكثرية النيابية، ومسيحي يفقد من خلاله الغطاء المسيحي لمشروعه، فيما يدرك هذا الفريق تمام الإدراك أنّ الناس ستقول كلمتها في صناديق الاقتراع رفضاً لمشروعه الذي قاد البلاد إلى الانهيار والهاوية والفشل والعزلة والإفلاس.
وأكدت المصادر أنّ الانتخابات النيابية المقبلة مفصلية، بعد أن لمس الشعب اللبناني من جيبه وعرق جبينه ونمط عيشه خطورة تصويته للمشروع الذي يُغيِّب الدولة في لبنان، أو نأيه بالنفس عن مواجهة هذا المشروع، لأنّ انسحابه سمح بتمدُّد هذا الفريق الذي يجب على الناس أن تقول كلمتها ضده في الانتخابات لأن الخيار أصبح واضحاً: بين الانهيار والازدهار، ولا خلاص للبنان سوى بكفّ يد فريق الأمر الواقع عن السلطة وإعادة الاعتبار للدولة والسيادة.
واعتبرت المصادر أنّ الكلام عن التمديد سببه محاولة الفريق الحاكم الهروب من محاسبة الناس له في صناديق الاقتراع، مؤكدةً أنّ الزمن الذي كان باستطاعته التمديد فيه من دون ردة فعل وطنية وشعبية ولّى إلى غير رجعة، وأيّ محاولة تمديدية ستواجَه ديموقراطياً وسلمياً وستكون عواقبها وخيمة على من يخطف قرار الدولة ويسلب إرادة الناس.
وقالت المصادر إنّ من المبكر الكلام عن التحالفات قبل إنهاء المجلس الدستوري النظر في الطعن وتحديد الموعد النهائي للانتخابات وحسم القوى السياسية ترشيحاتها، فتأتي التحالفات في المرتبة الرابعة، فيما ترفض “القوات” أي تحالف انتخابي مع قوى وشخصيات لا تلتقي معها في الرؤية الوطنية السيادية بعنوانَي فك أسر الدولة وحُسن إدارتها.
وشدّدت المصادر على أهمّية عودة الملف اللبناني بقوة من الباب السياسي إلى جدول اهتمامات الدول الخليجية وفي طليعتها السعودية، حيث حضر بقوة في كل محطات الجولة الخليجية لوليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن في مباحثاتها أو في بياناتها المشتركة التي كانت تتضمن في إحدى فقراتها وبشكل بارز إشارات سيادية متعددة، وذات أهمية تتعلق بالدولة ودورها وحصر السلاح داخلها وضبط حدودها وأرضها وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.
ورأت المصادر أنّ البيانات المشتركة التي توالت في أسبوع واحد، بدءاً من البيان السعودي-الفرنسي إلى كل البيانات الخليجية الأخرى، وضعت دفتر شروط لبنانياً سيادياً بامتياز، مركّزةً على الجانب البنيوي للأزمة اللبنانية والمتمثل بتغييب الدولة، ومن دون معالجة هذا الجانب يستحيل الخروج من الانهيار المالي، وتوقفت أمام التشخيص المشترك الغربي والعربي للأزمة اللبنانية وكيفية معالجتها، وهذا التطابق في وجهات النظر ووحدة الموقف والصف هو الكفيل بوضع حدّ لمعاناة اللبنانيين من جراء تغييب دولتهم وانتهاك سيادتهم، خصوصاً أنّه تولّدت قناعة خارجية ومحلية بأنّ الأزمة اللبنانية ستبقى تراوح ما لم تعتمد خريطة الطريق التالية: تطبيق الدستور، حصر السلاح بالمؤسسات الشرعية، تطبيق القرارات الدولية، إجراء الإصلاحات المالية.