الصين تحجز دورا في الشرق الاوسط…..وتخوف من رد اسرائيلي معاكس للاتفاق السعودي الايراني.
كتبت المحللة السياسية تيريز القسيس صعب ل”رأي سياسي”:
حظي الاتفاق السعودي-الايراني باستئناف العلاقات الديبلوماسية بينهما بعد قطيعة دامت ٧ سنوات، باهتمام بالغ ومتابعة دولية واقليمية، فتصدر الأحداث الخارجية، وفاجا الكثير من الدول وعلى رأسهم الولايات المتحدة على الرغم من”ترحيبها بعودة العلاقات الديبلوماسية، معربة عن شكوكها في احترام ايران التزاماتها”.
مما لا شك فيه يمكن الاستنتاج منذ اللحظات الأولى لاعلانه، ان هذا الاتفاق شكل صدمة وخطوة متقدمة في مسار التطورات في المنطقة.
وراى مصدر ديبلوماسي اممي رفيع المستوى ل “رأي سياسي” ان نجاح عودة العلاقات السعودية الإيرانية هو “انتصار ديبلوماسي” في الدرجة الأولى لراعيه، اي الصين.
بمعنى آخر، اصبح بامكاننا اليوم القول ان الصين باتت لاعبا اساسيا في منطقة الشرق الاوسط، وقوة سياسية واقتصادية كبرى لا يمكن تجاهلها اواستبعادها. وهذا يعود ربما إلى تراجع الدور الأميركي في الخليج والاقليم، والسياسات الخارجية الخاطئة التي اتبعتها ادارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحديدا. فوجدت الصين المنفذ الذي من ورائه بامكانها ان تحل مكان الولايات المتحدة، لتصبح دولة قادرة وفاعلة ذاث ثقل دولي واقليمي، يحسب لها الف حساب في اي تسويات او اتفاقيات محتملة.
الديبلوماسي الاممي الذي رفض الكشف عن اسمه قال انه اضافة إلى انها باتت اليوم اول مستورد للطاقة في العالم، فهي تمكنت من خرق جدار دولي لها، وكسر قوتها وعزلتها السياسية والاقتصادية في المنطقة.
وما عزز نجاح هذا الاتفاق ان العاهل السعودي الملك سلمان، والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي كانا على اطلاع مباشر بكل تفاصيل المفاوضات التي سبقت اتفاق بكين، خصوصا وان زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الى السعودية في كانون الاول الماضي والمبادرة التي اقترحها على المملكة خلال القمة الصينية- السعودية عجلت في تقدم المفاوضات بين ايران والرياض، كما الزيارة التي قام بها الرئيس الايراني الى الصين في شباط من العام الحالي، عززت في تقريب وجهات النظر وتقدم المفاوضات السرية بين البلدين.
ويجمع المراقبون ان هذا الاتفاق جاء نتيجة محادثات ومفاضات صعبة بدأت منذ اكثر من سنة بين البلدين على مستويات ديبلوماسية ورفيعة، وشهدت مطبات وشد حبال متاثرة بالتطورات العسكرية في المنطقة وتحديدا الصراع اليمني السعودي، الحرب في سوريا، التطورات في العراق ولبنان…
ويؤكدون ان هذا الاتفاق هو بمثابة “ورقة نوايا حسنة”، بمعنى ان الشهرين المقبلين سيشهدان مزيدا من التواصل واللقاءات والحوارات بين مسؤولين كبار في كلا البلدين بهدف بناء ثقة قوية تمهد في توسيع التعاون والاتفاق على قضايا مصيرية ودولية تخص البلدين.
الا ان هذا التفاؤل يقابله تخوف كبير قد يترجم ربما بردة فعل تقدم عليها إسرائيل عبر عملية نوعية لضرب مواقع إيرانية منتشرة في الشرق الاوسط، لاسيما وان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وخلال زيارته الأخيرة الى باريس نهاية كانون الثاني من السنة الحالية، أبلغ الرئيس الفرنسي عن تقرير اسرائيلي يتحدث عن وجود ٣٠٠٠ موقع عسكري إيراني في الشرق الاوسط.
ماذا سيحصل على خط الملف اللبناني؟
مما لا شك فيه ان هذا الاتفاق ترك انطباعات مطمئنة ولو بالشكل لدى أغلبية دول المنطقة لاسيما الدول التي تتاثر مباشرة بالحوار السعودي الايراني.
وهذا الامر بطبيعة الحال سيترك اثارا إيجابية على الوضع الداخلي في لبنان بدءا من التخفيف في لهجة الخطاب السياسي العالي النبرة، وصولا الى التفاهم على أهمية الجلوس على طاولة للتحاور وتبادل وجهات النظر والاتفاق على اسم لرئاسة الجمهورية.
فالرسائل الدولية والاقليمية واضحة للعيان، وتؤكد على ضرورة “التقارب اللبناني- اللبناني وليس التقارب السعودي- الايراني” كما أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان.
وبالتالي هذا الاتفاق سيرخي بظلاله على الجو السياسي العام في البلاد ويفتح آفاقا وابوابا للتشاور حول اسماء “متعددة وكفؤة، حتى ان رياح التفاهم بين السعودية وايران ستلفح ليس لبنان فقط، إنما ايضا سوريا والعراق.
ويخلص المراقبون الى القول هذا الاتفاق سيقود الى تخفيف الاحتقان والتوتر في المنطقة لاسيما في الخليج والبلدان العربية، وسيستتبع بحوار بناء في المستقبل، حوار مستدام، وستترجم بنوده على أرض الواقع عبر بدء إعادة العلاقات الديبلوماسية بعد شهرين تقريبا….