جعجع : لا مانع لدينا بانتخاب عون
أكد رئيس حزب” القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع أنه “لا يمكن الإتيان برئيس للجمهورية غصبا عن أكثرية المسيحيين”، وقال في حوار مع “الراي”: “إذا كانت المشكلة تحل بانتخاب قائد الجيش…فلا مانع لدينا”.
وسئل جعجع عن الخطوة التي يمكنها كسر الجمود بعد رفض كتلته تلبية دعوات رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار وإلحاحه على جلسات مفتوحة ومتتالية حتى انتخاب رئيس، فقال: “نحن مع الحوار الجدي الذي يحصل عمليا منذ نحو 4 أشهر، والحوارات مستمرة على قدم وساق بين كل الكتل. وحتى الكتل التي لا تتواصل مع بعضها البعض تحصل حوارات بينها بالواسطة أو من خلال أشخاص آخرين. وبالتالي إذا كان المقصود حوارا لانتخاب رئيس للجمهورية، فهذه الحوارات قائمة وبكثافة ومازالت تحصل كل يوم. والمثال الأبرز عليها لقاءات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع “حزب الله” والرئيس بري، ولقاءاتنا مع الحزب التقدمي، ولقاءات الكل مع الكل بطريقة أو بأخرى.
وتابع:” نحن دائما مع أي حوار لأنه لا بد أن يخرج بنتيجة ما، ولكننا لسنا مع استخدام الحوار لغايات أخرى. وفي رأينا أن الدعوة لطاولة حوار رسمية ليس هدفها الحوار، لأن الحوارات تحصل حيث يفترض. ولنفترض أن الهدف هو الوصول الى اسم موحد للرئاسة، ولنسلم جدلا بأن هذا المبدأ سليم، لا أعتقد أن بلوغ هذا الهدف ممكن من خلال جلوس 15 شخصا حول طاولة، بل هذا يحصل بالمفاوضات غير المباشرة وتبادل الآراء والأسماء وهذا ما يجري بالفعل، وحتى بين المرجعيات الدينية وبعض المرجعيات السياسية”.
أضاف: “رفضنا طاولة الحوار الرسمي لأن هدفها كان إبعاد التركيز عن جلسات انتخاب الرئيس وعن تعطيلها من “حزب الله” وحلفائه، هم الذين لم ينفكوا منذ بدء الجلسات عن إنزال أوراق بيض ثم الانسحاب وتطيير النصاب. وكي يخْرجوا من تحميلهم مسؤولية هذا التعطيل المتمادي كانت فكرة طاولة الحوار الرسمي، التي في رأينا لو انعقدت مرة أو 50، لن تؤدي إلى نتيجة وإلا لكانت الحوارات الجانبية أدت غرضها وهذا ما لم يحصل حتى الآن ولا يبدو أنه سيحصل. ومن هنا نحن في المأزق الحالي. وموقفنا أن طاولة الحوار ستنتهي إلى لا شيء، وستساهم في تعميم مسؤولية التعطيل على الجميع وتظهير أن اللبنانيين اجتمعوا ولم يتمكنوا من الاتفاق، في حين أن أصل المشكلة يكمن في أن ثمة جلسات انتخاب يجب أن يحضرها الجميع ولا ينسحبوا منها وأن يلتزموا بالمواعيد الدستورية ويرتبوا أمورهم على أساسها عوض ترتيب المواعيد الدستورية على أساس إذا كانت خلاصاتها تناسبهم أم لا. ومن هنا لم نوافق على طاولة الحوار الرسمي، ولم نرفض في الوقت نفسه الحوار، إذ نقوم بحوارات في كل الأوقات وفي كل الاتجاهات، باستثناء الحوار المباشر مع “حزب الله” للأسباب المعروفة، وليس أقلها أن الحزب لا يفتش عن رئيس للبنان وبما يخدم مصالحه بل يريد رئيسا يتوافق مع متطلبات المحور. ما دام جرس الدعوة لعقد جلسات الانتخاب بيد بري منفردا”.
وتابع جعجع: “في أي وقت تتم الدعوة لجلسة سنحضر، فهذا موقف مبدئي وحتى لو كانت فولكلورية تأكيدا على موقفنا، إلا في حال برزتْ تطورات أخرى ليست قائمة في الوقت الحاضر.
وفي ما خص كيفية الخروج من الأفق المسدود، الحل الأول بالنسبة إلينا أن يدعو الرئيس بري إلى جلسة ويبلغ الجميع في معرض توجيهها وبصفته المؤتمن على حسن سير هذا المرفق الدستوري أي مجلس النواب، أن الجلسة ستفتح وستبقى مفتوحة في دورات متتالية، ويفصل بين كل منها ساعة من الوقت للتشاور بين الكتل على اسم حتى نصل لانتخاب الرئيس على غرار ما حصل في انتخاب رئيس مجلس النواب الأميركي.
أما الحل الثاني الذي لا أفضله والذي لا أدري إذا كان سيتوافر عدد النواب المطلوب له، فينطلق من أن مجلس النواب هو في حال انعقاد دائم لانتخاب رئيس. وبدعوة أو من دون دعوة، بحال اجتمع 86 نائبا تنعقد الجلسة، وإذا حضر رئيس البرلمان يترأسها، وإلا ترأسها نائب الرئيس وإلا النائب الأكبر سنا، وتكون دستورية مئة في المئة. وطبعا أنا أفضل من بعيد الحل الأول”.
وقال ردا على سؤال: “هل الهدف هو انتخاب رئيس كيفما كان أو رئيس قادر على إخراجنا من جهنم التي تم زجنا فيها؟ لا يمكن للبنان وشعبه أن يتحمل مجيء رئيس يمدد للأزمة 6 سنوات أخرى. لسنا ضد التفاهمات شرط ألا تؤدي إلى رئيس يمدد للأزمة، بل رئيس يتمتع بالحد الأدنى من المواصفات الإصلاحية والسيادية. وكل الأسماء التي يتداولها الفريق الآخر حتى هذه اللحظة لا تتحلى بهذه المواصفات. ويجب ألا يغيب عن بال وحسابات أحد أن هدفنا هذه المرة من الانتخابات الرئاسية وصول رئيس فعلي وقادر على أن يؤثر إيجابا في حياة اللبنانيين ويدفعها للأمام”.
وعن حركة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لتوسيع مروحة الأسماء المطروحة للرئاسة، من دون الخروج رسميا من تبني النائب ميشال معوض، قال: ” في الحقيقة، هذه الحركة ليست منسقة معنا، ولكن في المطلق لسنا ضد أي تحرك يمكن أن يؤدي إلى ايجاد اسم للرئاسة، شرط أن يتمتع كما قلت بالحد الأدنى والمقبول من المواصفات التي تتيح إحداث التغيير المنشود في حياة اللبنانيين”.
أما عن الأسماء التي طرحها جنبلاط، فقال جعجع: “لا تتوقع مني أن أتطرق الآن للأسماء. ودعني بداية أصوب نقطة صغيرة في ما خص ما قاله رئيس “التقدمي”، إذ في الواقع لم أرشح العماد جوزف عون، بل قلت – وأعيد جوابي الآن – ردا على سؤال حول انه في حال اتفقت أكثرية النواب على قائد الجيش هل تؤيدونه: إننا نفضل أن يكون الرئيس سياسيا، والعماد جوزف عون يحتاج انتخابه إلى تعديل دستوري، وهو قاد المؤسسة العسكرية بأفضل ما يمكن في هذه الظروف الصعبة، ولديه من الاستقامة والمناقبية ما يجعلنا لا نضع فيتو عليه.
وبالتالي إذا تأمنت غالبية 86 نائبا لتعديل الدستور لانتخاب العماد عون فلن يكون لدينا مانع وسنصوت له”.
وسئل: “من الواضح أن جنبلاط ينطلق في حركته من أن ترشيح معوض عطل ترشيح فرنجية، وتاليا لابد من الذهاب إلى خيار ثالث… هل أنت مع الفكرة أم ضد توقيتها؟”.
وأجاب: “أنا ضد الفكرة. فترشيح النائب معوض لم يكن لتعطيل أي ترشيح آخر بل نحاول الوصول إلى رئيس يتمتع بالحد الأدنى من المواصفات السيادية والإصلاحية، ونحن متمسكون بترشيحه حتى النهاية إلا إذا جاء من يقول لنا، هذا مرشح لديه المواصفات نفسها ومع حظوظ أكبر منه للوصول، عندها نرى. ترشيح معوض قائم في ذاته، انطلاقا من رغبتنا في إيصال رئيس قادر على أن يؤثر إيجابا في الوضع اللبناني.
ولنستعرض هذا السيناريو: لو انتخب معوض، أي رد فعل ستكون لدول الخليج العربي مثلا؟ سيعتبرون بالتأكيد أنه بات للبنان رئيس جدي، وهذه وحدها بداية لحل مشاكلنا المالية والاقتصادية ولاستعادة ثقة أشقائنا الخليجيين والعرب والعالم بلبنان”.
وقال ردا على سؤال: “إذا كان أحد يعتقد أنه يمكن الإتيان برئيس للجمهورية غصبا عن أكثرية المسيحيين يكون مخطئا، فهذه ليست طريقة في التصرف، فيما الجميع يعرفون واقع المواقع الدستورية. وفي مثل هذا الطرح، عوض أن نكون في معرض خطوة تستعيد ثقة اللبنانيين بدولتهم وثقة الخارج بلبنان، تكون انطلقت أساسا وانت فاقد لثقة أكثرية اللبنانيين.
من جهة أخرى، وانطلاقا من كيفية تصرف الفريق الآخر، يجب وضع كل الاحتمالات على الطاولة، فهو لم يترك مجالا للدستور ولا للديموقراطية أو المنطق، ولا للقانون أو الحق، وبالتالي من حقنا في مثل هذه الحال أن نعيد النظر بكل مواقفنا. وبات كل همنا كيفية إيصال رئيس يحدث فارقا «ولو شعرة» في واقع لبنان وعيش شعبه. وكل ما يقتضيه بلوغ هذا الهدف سنفعله”.
سئل: في حال استشعرتم بجدية اقتراب فرنجية من رقم 65 نائبا، هل ستكونون في وارد إحباط وصوله للمرة الثانية على التوالي عبر “انتفاضة” تجعلكم يدا بيد مع النائب باسيل ولو على مرشح ثالث؟ ولماذا لا تلاقون التيار الحر في دعوته لاتفاق المسيحيين على مرشح؟ وهل تشاطرونه أنه سيكون ضربا من الجنون تجاوز المسيحيين في هذا الاستحقاق؟
أجاب: “ليس مقبولا ولا معقولا تجاوز الأكثرية المسيحية في الاستحقاق الرئاسي. وفي ما خص دعوة باسيل للمسيحيين للاتفاق على مرشح ثالث فهي تنطوي على غش. فحتى الآن، يضع باسيل في ذهنه أن يكون هو المرشح الجدي، وإذا وجد بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة أنه غير قادر على أن يكون مرشحا جديا، فهو يريد رئيسا “عن يده”. وبالتالي دعوة باسيل المسيحيين للاتفاق كاذبة لأنه لو كان العكس، فبأقل قدر من الاستقامة والمنطق والحق، كان ليأتي ويقول إنه يجب أن نتفق على مرشح عل ذلك يسهل المهمة على الأحزاب والكتل الأخرى – وفي رأيي أن هذا غير صحيح ولكن لأفترض ذلك – وكما أن “القوات” في الانتخابات الماضية “أعطتْنا” نحن جاهزون لنعطيها، فمن تريدون؟ وبالتأكيد طرح هذا السؤال وقلت ميشال معوض، فذهب الرسول ولم يعد.
من هنا، باسيل لا يريد الاتفاق على مرشح ثالث بل يهدف الى أن نلتف حوله أو حول مرشح “عن يديه”.
أضاف: “لو تخلينا عن ترشيح معوض، هل تحصل الانتخابات الرئاسية؟ لا يمكن الذهاب وتحميل المسؤولية لمن لم يتلكأ مرة عن القيام بواجباته الدستورية. وللخروج من هذه الحلقة المفرغة، يتعين على المؤتمن على حسن سير المؤسسة الدستورية، مجلس النواب، أن يبلغ إلى “حزب الله” والتيار الحر أن يختارا الاسم الذي يريدانه ويذهبا به الى جلسة مفتوحة حتى انتخاب رئيس”.
سئل: هل تعتقد أن “حزب الله” الجديد بنسخته البراغماتية اي بعد ترسيم الحدود البحرية في وارد الذهاب بعيدا في انتخاب رئيس لا يحظى بقبول عربي ودولي وبقدرة على وضع البلاد على سكة الإنقاذ؟
أجاب جعجع: “لا أوافق الرأي على توصيف “حزب الله الجديد”. فلا يوجد حزب الله جديد وآخر عتيق. ولا يحتاج الأمر لجهد لتبيان أن الحزب هو من وضع لبنان في هذه العزلة الدولية والعربية، من خلال أعماله وتصريحاته. ولطالما كانت السعودية هي النصير الأول للبنان، سياسيا وماليا واقتصاديا. وأين المصلحة اللبنانية في معاداة المملكة التي لو كانت بجانبنا اليوم لما وصلنا إلى ربع الأزمة التي نتخبط فيها. وبالتالي في حسابات “حزب الله” تأتي مصالح المحور في الدرجة الأولى، ومن هنا هو لا يفتش عن رئيس يطمئن الخليج العربي أو دول العالم، فهو يعرف من هو هذا الرئيس ولكان انتخب معوض وما أضعنا 4 أشهر حتى الآن. ولكن الحزب يفتش عن رئيس يحافظ على مصالح المحور. وفي رأيي، أنه سيتشدد أكثر فأكثر في هذا الأمر انطلاقا من التوترات الإقليمية والدولية”.
وعما إذا كان اسم فرنجية مطمئنا عربيا وخليجيا، قال: “وفق معلوماتي وبقدر ما يمكن أن أستشف، فالجواب هو لا، ليس مطمئنا”.
ولفت من جهة أخرى، الى أنه لا يتوقع “الكثير من اللقاء الخماسي المرتقب” في باريس. وقال: “كتر خيرهم أن قضية لبنان وتعطيل الانتخابات الرئاسية مازالت مطروحة، ولا أنتظر نتائج عملية.
في تقديري، أن التوترات الاقليمية والدولية ستزيد “حزب الله” تشبثا بمرشحيه، وستدفعه لمزيد من تعطيل الاستحقاق الرئاسي لأن لا قدرة لديه في الوقت الحالي على إيصال مرشحيه”.
وردا على علاقة “حزب الله” والتيار الوطني الحر التي تشي بالافتراق وفق ما عبرت عنه مواقف باسيل وعما إذا كان يمكن التقاطه كالابن الضال، قال: ” في تقديري أنه مهما حصل، فإن باسيل و”حزب الله” لا يفترقان. هما يختلفان على مصالح من هنا وهناك، ولكنهما لا يفترقان لأن المصالح التي يؤمنها الحزب لباسيل لا يمكن لأحد آخر أن يوفرها والعكس صحيح.
أما بالنسبة إلى “الابن الضال”، فقبل أن يعود والده ليتلقفه ألا يفترض أن يقول “لا تؤاخذوني”، لم يكن في بالي أن أتسبب بكل هذا الضرر، وأن كل انسان معرض لسقطات وأخطاء وهذا ما حصل معي وأعتذر عن كل ما صدر عني؟ عن مليارات الدولارات التي هدرت على الكهرباء والسدود، وعن أن اللبنانيين غارقون حاليا في العتمة وأعد بتغيير كل هذه الممارسة؟ كما يفترض أن يقول إننا ذهبنا على مدى 15 عاما في الاتجاه الاستراتيجي الخاطئ الذي يخالف كل التوجهات التاريخية لبيئتنا وكل طرحنا التاريخي وكل منطق لبنان ودولته، فلا تؤاخذونا، وقد فككنا التحالف مع “حزب الله” وخرجنا من تفاهم مار مخايل كليا، وسنعود للطرح الوطني بمعناه التاريخي الفعلي. وعندها نرى ماذا يمكن أن نفعل.
ولكن باسيل مازال يتباهى بما قام به ويفاخر بما أنجزه، وهو يختلف على حد قوله مع “حزب الله” ولكنه لا يحيد عن طروحاته “المقاوماتية” لمصلحة المحور ولا عن علاقته ببشار الأسد. وبالتالي بالتأكيد لا”.
وقال جعجع في شأن ملف تفجير مرفأ بيروت القضائي: “أكيد لم يعلق في شباك الاشتباك السياسي، بل في فخ الذين لديهم النية من الأساس في تعطيل التحقيق.
هناك جريمة كبرى وقعت، وتم تعيين محقق عدلي بعدما أحال مجلس الوزراء القضية على المجلس العدلي، أي بات لدينا محقق استثنائي ومحكمة استثنائية، فلماذا لا يتركون قاضي التحقيق يكمل مهمته؟ هم يقولون إنه مسيس في حين أن أحدا لا يعلم ماذا يوجد في الملف وعلى ماذا استند القاضي بيطار الذي- وللأمانة- لم يعرف عنه يوما إلا كل استقامة ونزاهة وتجرد. وبالتالي، إذا كان لدى أحد خشية من وجود أخطاء في الملف، فالحري بهؤلاء انتظار القرار الظني ويطلبوا معالجتها، إذا وجدت، أمام المجلس العدلي، وليس محاولة عرقلة العدالة من أطراف سياسيين معروفين ووقف التحقيق قبل اكتماله”.
وتابع: “نحن، وفي رد فعل طبيعي جدا، مع أن يمضي القاضي بيطار في تحقيقاته حتى النهاية وصدور القرار الظني ليبنى على الشيء مقتضاه”.
أضاف: “منذ اللحظة الأولى نعمل للجنة تقصي حقائق دولية. ونشعر للمرة الأولى، بعد الذي حصل مع القاضي بيطار، بأن هناك نوعا من القبول بتشكيل مثل هذه اللجنة، وسنستكمل أكثر العمل في هذا الاتجاه.
من جهة أخرى، سنواصل بوسيلة أو أخرى محاولة منع الآخرين من عرقلة التحقيق حتى كشف الحقيقة كاملة، وعلى الرأي العام مساندة القاضي بيطار أكثر لمتابعة مهمته”.