يكتب باتريك مارتن، في موقع منظمة WSWS، عن أزمة الوثائق السرية التي عثر عليها في مقرات الرئيس الأميركي بايدن عندما كان نائباً للرئيس في عهد باراك أوباما، ويرى أن المشكلة الأساسية هي فيما تتضمنه هذه الوثائق وليس بكونها موجودة في غير مكانها السري.
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
هناك العديد من الأسئلة تدور حول العثور على وثائق سرية في مواقع غير آمنة في العاصمة الأميركية واشنطن، وفي ويلمنجتون بولاية ديلاوير، حيث تم نقلها من قبل مساعدين لنائب الرئيس آنذاك جو بايدن، في نهاية سنواته الثماني في منصبه السابق خلال ولاية أوباما.
لكنها ليست الأسئلة عينها، التي “ينبح” بسببها خصوم بايدن من “الجمهوريين”. ولا هي تلك التي تتجنب معظم وسائل الإعلام الأميركية إثارتها، لأنها تحوي على الكثير من الأسرار الخطرة، التي تخفيها جهود مضنية لحكومات الولايات المتعاقبة. لما فيها من معلومات مفصلة وحساسة تتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وتتضمن كل ما يتعلق بالجرائم البغيضة التي ترتكبها الإمبريالية الأميركية في جميع أنحاء العالم.
بعض الموضوعات المحتملة التي قد تتضمنها هذه الوثائق:
– دور الحكومة السعودية، الحليف التاريخي للولايات المتحدة، في الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/سبتمبر 2001، التي نفذتها منظمة “القاعدة”، بقيادة المليونير السعودي أسامة بن لادن. ويذكر أن معظم منفذي الهجمات يحملون الجنسية السعودية، والعديد منهم حصلوا على دعم مالي من النظام السعودي في ذلك الوقت.
– دور الولايات المتحدة في عملية تغيير النظام في أوكرانيا في عام 2014، والإطاحة بحكومة منتخبة وتنصيب حكومة متطرفة مناهضة لروسيا، مليئة بالنازيين الجدد، مهدت الطريق لاندلاع الحرب مع روسيا خلال 8 سنوات.
– ما تفعله الولايات المتحدة بشأن تايوان، من تصعيد قد يؤدي بالنهاية إلى “غزو” صيني للجزيرة، سيصبح بعده ذريعة لحرب شاملة تقودها الولايات المتحدة ضد حكومة بكين.
– خطط الولايات المتحدة لتغيير الحكومات من خلال الخنق الاقتصادي والتخريب الداخلي والحروب، ضد إيران، وفنزويلا، وكوبا، ونيكاراغوا، وكوريا الشمالية، وغيرها من البلدان المناهضة للإمبريالية الأميركية.
– خطط الولايات المتحدة، للتدخل ودعم الحكومات الاستبدادية والشوفينية، في القارات الخمس.
– الاغتيالات السياسية التي نفذتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وغيرها من العمليات السرية في كل بلد في العالم تقريباً.
هذا غيض من فيض، السنوات الثماني السابقة لبايدن، كنائب للرئيس في إدارة أوباما، كان بحوزته آلاف الصفحات من الوثائق السرية، لدرجة أنه كان من السهل على مساعديه الاحتفاظ ببعض منها. وتشير تقارير صحفية إلى أن معظم تلك الوثائق يتعلق بأوكرانيا، وإيران، أكثر المناطق حساسية وأهمية في توجهات التخريب الأميركي العالمي.
كذلك، أن الوثائق السرية للغاية، لا تقتصر على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. من الجدير بالذكر أن الأرشيف الوطني أصدر الشهر الماضي سلسلة من الوثائق المتعلقة باغتيال الرئيس جون كينيدي عام 1963، لكنها منقحة بشدة وحجب منها معلومات مهمة. بعبارة أخرى، بعد 60 عاما على اغتيال كينيدي، لا تزال وكالة المخابرات المركزية ترفض الكشف عن علاقاتها مع القاتل المفترض، لي هارفي أوزوالد، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الببحرية الأميركية.
حين كان دونالد ترامب في منصبه، ركزت هجمات “الحزب الديمقراطي” عليه، حول السياسة الخارجية، وتم اتهامه بالعمالة لحكومة روسيا. وبعد أن ترك منصبه، ركز الديمقراطيون على حيازة ترامب لوثائق سرية خزنها بمنزله، وما كان من بايدن إلا أنّ يقرع طبل “الضرر الذي لحق بالأمن القومي”، خلال مقابلة تلفزيونية أجراها في حينه.
مع ذلك، فعل بايدن ما فعله سلفه ترامب، واستغل الجمهوريون الأمر لتقويضه سياسياً ولإثارة المشاعر المعادية للصين. ويلمحون إلى أن الجواسيس الصينيين كان بإمكانهم الوصول إلى الوثائق غير المؤمنة في المنزل الخاص للرئيس جو بايدن.
هناك الكثير من السخرية والنفاق ورد الفعل من كلا الحزبين، كما هو الحال في النزاعات داخل أروقة النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة. وإذا كان هناك من جريمة في هذه المسائل، فهي ليست في كشف الأسرار، بل الجريمة الحقيقية هي في خداع الشعب الأميركي، والضحايا من كل سكان العالم الذين تستهدفهم الإمبريالية الأميركية.
بايدن هو زعيم حكومة ديمقراطية مدفونة في أسرار، معظمها معروف لحكومات أخرى في العالم ولكن لا يتم إطلاع الشعب الأميركي عليها. فالمطلوب أن يبقى الشعب الأميركي في الظلام حول كيفية الاستعداد للحروب الأميركية وما الذي يشتريه تريليون دولار من الإنفاق الاستخباراتي العسكري الأميركي حقاً. إنهم يخشون معرفة الأميركيين عن الجرائم التي تنفذها حكومة بلادهم باسمهم.
إن الآراء الموجودة في هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها.