جورج الهاني – نداء الوطن
أسدلت الستارة على العرس الكرويّ العالميّ أمس بتتويج المنتخب الأرجنتيني بطلاً للمرة الثالثة في تاريخه. البعض وضّب حقائبه وغادر، والبعض الآخر على وشك الرحيل. لاعبون، مدرّبون، إداريون ومشجّعون، منهم من كان راضياً وفخوراً بالنتائج التي تحقّقت كالمغرب على سبيل المثال لا الحصر، ومنهم من جرّ خلفه أذيال الخيبة كالبرازيل وألمانيا وإسبانيا وغيرها.
لكن، والحقيقة تقال، إنّ الإنجاز الذي صنعته الأرجنتين بالأمس لم يكن الوحيد الذي شهده المونديال، بل إنّ الدولة العربية الصغيرة بمساحتها والكبيرة بطاقاتها وطموحات حكّامها وشعبها كانت شريكة فعلية وأساسية فيه. فالكلّ يتذكّر أنه يوم فازت قطر في نهاية العام 2010 بشرف تنظيم واستضافة كأس العالم 2022 بعد منافسة شديدة مع الولايات المتحدة الأميركية، راهنَ كثيرون على أنّ صعوباتٍ وعراقيل كثيرة ستعترض مسيرة القطريين في هذا الملفّ، ولن يطول كثيراً الوقت لكي يعتذروا من “الفيفا” عن إكمال المهمّة وإسنادها الى دولة أخرى، إلا أنّ قطر خالفت هذه التوقّعات وأسكتت منتقديها من خلال احتضانها الناجح والمُبهر للنسخة الـ22 من المونديال كأول دولة عربية وشرق أوسطية تحظى بهذا الشرف الرياضيّ الرفيع.
لقد عوّضت قطر خيبة خروج منتخبها من الدور الأول من كأس العالم بثلاث خسارات متتالية أمام الإكوادور والسنغال وهولندا، بالتنظيم الرائع والمحترف لهذا الحدث الكرويّ الضخم، والذي فاقَ كلّ التوقّعات، وقد دخلت من خلاله تاريخ الرياضة من بابه الأوسع، وفرضت نفسها كواحدة من الدول الحاضرة والقادرة على قبول التحدّي في أيّ مناسبة كبرى في المستقبل، وكسب الرهان المعوّل عليها.
أمتعَت قطر جمهورها وأسعدت جماهير الكرة العربية بأسرها، كما أدخلت البهجة الى قلوب اللبنانيين الذين وضعوا همومهم المتراكمة ومعاناتهم اليومية جانباً لمدّة شهر كامل، وأخرجتهم من أجواء اليأس والإحباط التي تحيط بهم من كلّ حدبٍ وصوب، بانتظار الفرج الموعود الذي قد يحمله معه زمن الميلاد المجيد.