أكثرية ساحقة تحاول فتح ثغرة في الحائط المسدود الذي يعيق الإنتخاب
أكّد مصدر نيابي بارز أن الأكثرية الساحقة في البرلمان اللبناني أبدت موافقتها الفورية على دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بتحويل الجلسة النيابية، المقررة الخميس المقبل، لانتخاب رئيس للجمهورية، إلى جلسة حوارية، في محاولة لفتح ثغرة في الحائط المسدود الذي يعيق انتخابه. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن بري ينتظر رد فعل حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» ليكون في مقدوره أن يبني على الشيء مقتضاه، لأن عدم تجاوبهما سيدفع باتجاه التمديد لمسرحية تعطيل جلسات الانتخاب إلى ما لا نهاية، وهذا ما يؤدي إلى حشر النواب أمام الرأي العام اللبناني، ومن خلاله المجتمع الدولي، الذي يصر على وقف مهزلّة الدعوات لجلسات الانتخاب التي تنتهي إلى استمرار الشغور في سدة الرئاسة الأولى إلى أمد طويل.
ولفت المصدر النيابي إلى أن مجرد موافقة حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» على المشاركة في الجلسة الحوارية بحثاً عن مخرج يؤدي إلى إخراج انتخاب رئيس للجمهورية من المأزق السياسي الذي لا يزال يحاصره، يعني أن الطريق قد تكون سالكة للتوافق على اسم المرشح الذي يحظى بتأييد الغالبية النيابية، وقال إن عدم تجاوبهما مع دعوة الرئيس بري سيؤدي حكماً إلى تكرار مسرحية التعطيل.
ورأى أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة لتحديد إمكانية السير في جلسة حوارية مفتوحة أو العودة إلى جلسات الانتخاب التي ستنتهي على شاكلة سابقاتها من الجلسات، وقال إن مشاركة أحد الطرفين في الانخراط في الحوار سيدفع برئيس المجلس إلى تثبيت دعوته للحوار، وإن كان يفضّل أن يأتيه الجواب بما يؤدي إلى اكتمال عقد المدعوين للحوار حول طاولة مستديرة تُعقد في إحدى القاعات المخصّصة للاجتماعات، ويشارك فيها ما بين 12 و15 من النواب بالنيابة عن الكتل والتكتّلات النيابية، إضافة إلى ممثلين عن النواب المستقلين.
وأكد المصدر أنه لا بديل عن الحوار. ولفت إلى أن الكتل النيابية، سواء أكانت في المعارضة أو في الموالاة، إضافة إلى المستقلين من النواب، أبلغت بري موافقتها على دعوته للحوار، باستثناء حزبي «القوات» و«التيار الوطني الحر». وأوضح أن الحوار هذه المرة لن يكون كسابقه من الحوارات التي توصلت إلى إصدار توصيات بقيت حبراً على ورق، ولم ترَ النور بسبب انقلاب بعض الأطراف المشاركة فيها على تعهداتهم بترجمتها إلى خطوات عملية، وقال إن الظروف السياسية الراهنة غير تلك الظروف التي كانت قائمة سابقاً؛ خصوصاً أنه لا مصلحة لأحد بالتمديد للأزمات الكارثية التي حلّت بلبنان.
ورأى المصدر النيابي أن الرئيس بري لا يحبّذ الرأي القائل بأن تُعقد أولاً جلسة تخصّص لانتخاب رئيس للجمهورية، سرعان ما تتحوّل إلى جلسة حوارية، شرط أن تبقى مفتوحة من دون أن يصار إلى إقفالها، وقال إنه لا جدوى سياسياً من اعتماد مثل هذا الاقتراح، لأن هناك صعوبة في تحويلها إلى جلسة حوارية يشارك فيها الجميع، وتتحول إلى ما يشبه جلسة حوار الطرشان، يختلط فيها الحابل بالنابل وتتحوّل حكماً إلى جلسة نيابية بامتياز، بدلاً من أن يصار إلى تقنين الحضور ليكون الحوار مثمراً.
واعتبر المصدر النيابي أنه لا مشكلة في اختيار الكتل النيابية لممثليهم إلى الحوار النيابي المفتوح الذي يُفترض أن يشمل النواب المستقلين، وسأل؛ ما الجدوى من تقسيم الحوار إلى جلستين طالما أن جلسة الانتخاب لن تؤدي إلى فتح ثغرة يمكن للنواب التأسيس عليها لوقف المراوحة، وكأن البلد بألف خير، ولدى البرلمان متسع من الوقت يتيح له اللعب في الوضع الضائع؟
وكشف أن حزب «الكتائب» أبدى استعداده للمشاركة في الحوار، وهذا ما ينطبق على «اللقاء الديمقراطي» برئاسة النائب تيمور وليد جنبلاط الذي كان سباقاً، ليس في تجاوبه مع دعوة بري للحوار فحسب، وإنما لأنه يعلّق أهمية على التواصل بحثاً عن تسوية لإخراج انتخاب الرئيس من التأزُّم الذي أصبح أكثر كلفة على المستويات كافة. وكشف أيضاً أن كتلة «التجدُّد» النيابية التي تضم النواب ميشال معوض، وأشرف ريفي، وفؤاد مخزومي، وأديب عبد المسيح، أبدت استعدادها للمشاركة في الحوار، وقال إن أكثرية الأعضاء فيها تحبّذ الانخراط فيه، مع أن ريفي يتحفّظ على المشاركة «لأن التجارب الحوارية السابقة كانت مخيّبة للآمال، بسبب انقلاب (حزب الله) على موافقته على كل ما صدر عنه». وأضاف أن الكتلة تنتظر عودة معوّض من زيارته الخاطفة لواشنطن، التي اصطحب فيها ابنته للالتحاق بإحدى جامعاتها، وقال إنه لا عودة عن قرارها، وهذا ما ينسحب أيضاً على كتلة «الاعتدال» التي تضم نواباً عن عكار والمنية والضنية، إضافة إلى النواب المنتمين إلى القوى التغييرية الذين توزّعوا أخيراً على أكثر من محور نيابي ويمكن أن يشاركوا بممثلَيْن اثنين عنهم.
وعليه، يترقّب الوسط السياسي الجواب النهائي لحزب «القوات» على دعوة بري للحوار، وإن كان يصر حتى الساعة على التلازم بين تخصيص الدورة الأولى من جلسة الخميس لانتخاب الرئيس، على أن تبقى مفتوحة، إفساحاً في المجال أمام انطلاق الحوار، ليعود البرلمان لاحقاً وفي نفس اليوم لاستكمال انتخابه في دورة ثانية، ما يعني أن البرلمان سيمضي في يوم انتخابي طويل، بلا نتائج توقف تعطيل العملية الانتخابية.
وحسب معلومات «اللواء» فان الحوار الذي دعا اليه الرئيس برّي مرشح لأن يشق طريقه الى التطبيق، وقالت مصادر نيابية مسيحية لـ»اللواء»: ان لديها معلومات وليس تقديراً، بأن التسوية السياسية لإنتخاب رئيس للجمهورية باتت قيد التحضير نتيجة الضغوط والمساعي الدولية العربية وغير العربية، وان الدول الشقيقة والصديقة لا يهمها من يكون رئيس الجمهورية بقدر ما يهمها التوافق الداخلي اللبناني على الرئيس وعلى رئيس الحكومة وبرنامج الحكومة، على ان يكون اختيار الرئيسين وفق معايير معينة وان يكونا مقبولين من كل او معظم الاطراف.
واوضحت المصادر انه نتيجة هذا التفاهم الخارجي سيحصل تفاهم داخلي، لذلك لا بد من الحوار كخيار وممر ضروري للتفاهم الداخلي، مشيرة الى ان الدليل على هذا الانفراج هواستقبال ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في الرياض، ومواقف الكتل النيابية اللبنانية المرحبة بالحوار، ولو ان القوات اللبنانية ما زالت تضع شروطاً أو معايير للحوار، لكنها وافقت عليه من حيث المبدأ.
وأضاف المصدر ان هذا الجو كان جزءاً مما حمله مساعد وزير الخارجية الاميركية الاسبق دايفيد هيل الذي زار بيروت ولو بصفته الشخصية كونه اصبح خارج الادارة الاميركية لكنه يدير مركز ويلسون للدراسات في واشنطن، والتقى العديد من الشخصيات الرسمية والسياسية وهو مهتم بمتابعة التطورات في دول منطقة الشرق الاوسط ومنها لبنان.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» أن موضوع طرح الحوار حول ملف الرئاسة الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري قيد التشاور، ولذلك فإن الكتل النيابية تناقش الأمر ضمن اجتماعات تعقدها، وسط معطيات تفيد أن ثمة نوابا يؤيدون هذا الحوار على الرغم من أن كتلهم لا تبدي حماسة له.
وأوضحت هذه المصادر أن الحركة السياسية يتوقع لها أن تدخل في اجازة الأعياد قريبا مع العلم أن زوبعة جلسة مجلس الوزراء تركت تداعياتها ، واللقاء المرتقب بين البطريرك الراعي والرئيس ميقاتي يتطرق إلى الموضوع بعدما كان البطريرك استمع الى وجهة نظر النائب جبران باسيل.
إلى ذلك، افيد أن اللقاء الوزاري التشاوري الذي دعا إليه الرئيس ميقاتي لا يزال قائما ويتوقع أن يشارك فيه جميع الوزراء.