الرئاسة اللبنانية في قمة واشنطن.. وماكرون يُتابع المساعي في مؤتمر بغداد

كتبت صحيفة “اللواء” : اعتبرت مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن مقاربة قمة واشنطن بين الرئيسين الاميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون التي عقدت مساء امس بتوقيت العاصمة الأميركية للوضع في لبنان، تعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن لا تعفي اللبنانيين من مسؤولية ادارة حوار او تفاهم لتنظيم انتخاب لا يتأخر لرئيس جديد للجمهورية. وقالت المصادر، نقلا عن اجواء القمة ان بايدن شكر ماكرون على مساعدة فرنسا في التوصل لاتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية الذي وصفه «بالتاريخي» بين لبنان واسرائيل.
واكد الرئيسان بايدن وماكرون (حسب قناة الحرة) تصميمهما على مواصلة الجهود المشتركة لحض قادة لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية والمضي قدما في الاصلاحات الجذرية». ولم يستبعد مصدر دبلوماسي لبناني ردا على سؤال لـ«اللواء» ان يلتقي الرئيس ماكرون مسؤولين لبنانيين خلال زيارة لتفقد كتيبة بلاده العاملة ضمن اليونيفيل في جنوب لبنان بين عيدي الميلاد ورأس السنة، والذي يزور المنطقة في اطار اجتماعات وانشطة اقليمية تعقد في عمان خلال هذا الشهر.
على ان الثابت ان ماكرون الذي انتزع دعما اميركيا لمهمته حول تسريع انتخابات الرئاسة اللبنانية، سيواصل مساعيه، عبر مساعديه ومباشرة لتوسيع دائرة التشاور الاقليمي حول انتخاب الرئيس. فقد حضر لبنان في المؤتمر الصحافي المشترك بين الرئيس وماكرون. وفي سياق عرضه للمواضيع التي تناولها في المباحثات مع نظيره الفرنسي قال بايدن: «لقد شكرت فرنسا على جهودها في التوصل الى الاتفاق التاريخي بين لبنان واسرائيل».
وعقّب الرئيس الفرنسي على كلام بايدن قائلا: «عزيزي جو، تحدثتم عنا بشكل انيق، وعندما تشكرون فرنسا على مساعدتها في التوصل الى الاتفاق التاريخي بين اسرائيل ولبنان، صحيح اننا عملنا أقصى ما يمكن لإتمام الاتفاق، لكن الصدق يحتم علينا ان نذكر انكم أنتم من عملتم على انجاز العمل في هذا الاتفاق، وفي هذه اللحظة لا بد ان أشكركم للعمل الأساسي الذي قمتم به من اجل لبنان الغالي جدا على قلوبنا، والذي كان بحاجة لهذا الاتفاق، بالاضافة الى المواضيع الاخرى التي تهمنا وتعنينا وتدخل ضمن اجندة لبنان للأسابيع المقبلة والأشهر المقبلة».
وتوقعت مصادر سياسية ان يحدد مسار ملف الانتخابات الرئاسية، وبأي اتجاه سيكون عليه، بعد انقشاع حركة الاتصالات والمساعي الاقليمية والدولية الجارية، لاسيما وان هذا الملف يحضر ولو جانبيا على هامش القضايا والازمات الساخنة بالعالم.
وقالت المصادر ان الانظار توجه نحو مؤتمر بغداد ٢،الذي سيعقد في العاصمة الاردنية عمّان، لدول جوار العراق، ما بين العشرين والثاني والعشرين من الشهر الجاري، ويشارك فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ، والمملكة العربية السعودية وايران والعراق، ويشكل مناسبة، لعقد لقاءات ثنائية وجامعة، يرتقب ان يطرح خلالها الوضع في لبنان وكيفية مساعدته للخروج من ازمته، وتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتوقعت المصادر ان تسفر اللقاءات والمباحثات بين قادة الدول المشاركة، عن رغبة شبه جامعة، لتنفيس الاحتقان السائد بين بعض دول المنطقة، استنادا الى المواقف والتصريحات التي تسبق انعقاد المؤتمر، ما يؤدي إلى انفراجات للوضع عموما، والى تسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية باسرع وقت ممكن.
واعتبرت المصادر ان نتائج جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بالامس، رسمت صورة مأزق الانتخابات الرئاسية، وعجز اي طرف عن انتخاب اي مرشح لصالحه، في ضوء تبعثر مكونات المجلس، ما يرتب على كل الاطراف اعادة النظر بمواقفهم وتوجهاتهم، بما يؤدي بالنهاية الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وشددت المصادر بأن مرشح المعارضة النائب ميشال معوض، حصل على اقصى ما يستطيع من اصوات المعارضة، ولم يعد بامكانه بلوغ سقف اعلى بعد ثماني جلسات لانتخاب الرئيس، مايعني عمليا،انه بلغ طريقا مسدودا، واصبح ترشحه عديم الجدوى،ولو استمر ظاهريا،في حين،ان عدم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من جانب اي طرف، يجعل من حظوظ تقدمه بالانتخابات الرئاسية ضعيفا او غير ذي جدوى وبالتالي يرتب على حلفائه مهمة طرح مرشح آخر، يمكن ان يستقطب معظم اطراف المعارضة المفككة، للتفاهم عليه وانتخابه لرئاسة الجمهورية.
ومن وجهة نظر المصادر فإن تعذر انتخاب معوض حتى الان وتجنب حزب الله وحلفائه ترشيح فرنجية، اضعف اعتراضات ورفض رئيس التيار الوطني الحر ،ورئيس القوات اللبنانية وبات البحث عن مرشح تسوية، اكثر قبولا من كل الاطراف، بالرغم من الاعتراضات التي تظهر من وهناك،ولكن بالنهاية، اصبح انتخاب رئيس جديد، ينتظر تباشير التفاهمات الاقليمية والدولية التي تلوح بالافق.
في المسار الداخلي، بقي الفشل والتعثر السيّد الموقف، والمسؤولون يأخذون البلد إلى الهاوية، فيما لايعرف احد بعد ما سيترتب على البدء بتطبيق الدولار الجمركي يوم امس من انعكاسات تزيد ازمة الناس المعيشية بوجود مافيات السلع الاساسية الحياتية، وغياب اي رقابة فعلية للدولة على التجار الكبار والصغار. فيما تجاوز سعر صرف الدولار 41 الف ليرة مقترباً من 42 الفاً في ظل الفوضى المالية والنقدية التي يعيشها لبنان.
وفي غياب اي حلول للأزمات المتركمة ما زال البحث قائماً في عقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل إذا تيسرت الاتصالات التي يجريها الرئيس نجيب ميقاتي لمعالجة بعض الازمات لا سيما الصحية ومنها مستحقات المستشفيات، بينما تغيب الحكومة عن معالجة الوضع المعيشي المتردي، وذلك قبل أن يغادر ميقاتي الى المملكة العربية السعودية للمشاركة في القمة العربية- الصينية التي تعقد في الرياض يوم الجمعة في 9 الجاري، تلبية لدعوة وجهها اليه الملك سلمان بن عبد العزيز، وستشكل مناسبة مهمة للبحث، على هامش القمة، في الوضع اللبناني وازماته.
الفشل الثامن
وحضرت الجلسة بقوة على مسرح المواقف والتصريحات بين ملحّ ومصرّ على عقد هاكنواب اللقاء الديمقراطية وكتل «التحرير والتنمية» والمردة، من باب «الضرورة المستعجلة» لتوفير الاموال للمستشفيات في القطاع التعليمي، فضلا عن عمليات نقل اعتمادات للصرف على القاعدة الاثنين عشرية، بدءاً من العام المقبل 2023، ومعارض لعقدها كنواب التيار الوطني الحر وكتلة لبنان القوي، اذ اعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب انه ليس «مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، ولا يجب ان تستمر الحكومة في عملها بشكل عادي، وسط ضرورة انتخاب رئيس جمهورية لان الاستحقاق الرئاسي اولوية.
الجلسة
وعلى سيرة انتخاب الرئيس، لم يخرج الدخان الأبيض من البرلمان، وكما كان متوقعاً، انتقلت الجلسة بعد تطيير نصابها القانوني، بالتزامن مع فرز الأوراق في الدورة الاولى، ليعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عن رفع الجلسة الى الخميس المقبل، مؤكدا انه «اكثر الناس والنواب حرصاً على انتخاب رئيس للجمهورية، أمس قبل اليوم، وهذا الأمر لا يوجه إليّ» رداً على مداخلة للنائب انطوان حبشي شدّد فيها على «أهمية انتخاب رئيس للجمهورية، مطالباً بري كالمخول الوحيد عن ادارة المجلس، بإبقاء الجلسات مفتوحة، وعدم السماح بالتعطيل من قبل جزء من اقرب المقربين اليه».
وباستثناء الانقسام بين النواب المستمر، بين الجدوى من الدعوة للحوار من عدمه والحديث عن رفع وتيرة الاتصالات في الايام والساعات المقبلة، لم يسجل خرقاً يذكر على محور الجلسة، إلا حضور النائبين فيصل كرامي وحيدر ناصر، اللذين لفت جلوسهما الى جانب كتلة الوفاء للمقاومة، وشاركا للمرة الاولى في التصويت، حيث صوت كرامي بعبارة توافق، فيما وضع ناصر ورقة بيضاء.
ولعل الجلسة التي حدّدها رئيس المجلس الاربعاء المقبل، للنظر في مطلب نيابي عبر عريضة موقعة من قبل 26 نائباً، بالادعاء من عدمه في ملف الهدر العام في وزارة الاتصالات، بحق الوزراء السابقين: بطرس حرب وجمال الجراح ونقولا صحناوي، بين قبول الادعاء وتشكيل لجنة تحقيق برلمانية تكون خاضعة للمجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، او رفضه كليا او جزئياً، ستظهر حقيقة الصورة السياسية، في المجلس، وتكون بمثابة الصورة المصغرة عن الواقع المأزوم، بغض النظر عن الناحية القانونية للموضوع.