البرلمان ساحة مزايدات تواكب الفراغ المفتوح!

كبت صحيفة “النهار” : الارباكات الكبيرة التي يواجهها مجلس النواب والتي اشارت اليها “النهار” امس، بدت امرا واقعا تصاعديا يوما بعد يوم في ظل مجموعة مؤشرات وتطورات تنذر بمزيد من التداعيات السلبية التي تواكب مرحلة الفراغ الرئاسي المفتوح على “لاافق” مرئي. اذ ان جلسة اللجان النيابية في يومها الثاني امس، عكست التخبط الواسع الذي يطبع واقع المؤسسات في اللحظة الراهنة، ليس من خلال الدوران في حلقة مفرغة حيال مشروع قانون الكابيتال كونترول المستعصي على الخروج من خروم الشباك النيابية – السياسية – المصرفية فقط، بل أيضا لجهة اندلاع موجات المزايدات النيابية بين مختلف الافرقاء وحتى ضمن الفريق الواحد كما جرى امس بين الياس بو صعب وجبران باسيل اللذين ناقض احدهما الاخر علنا.
قبل يوم كانت سوق عكاظ المجلس ابرزت تجلياتها في موضوع قرض الصندوق الكويتي لشبكة مياه الصرف الصحي في البترون حيث دارت مبارزات المزايدات بين النواب حيال المشروع من دون التوقف والتدقيق في ما يوجبه هذا القرض من انفاق رديف وتامين أموال رديفة. الى جانب هذا الواقع، ارتسمت امس معالم مواجهة محتومة في شأن جلسات التشريع من خلال اتجاه 32 نائبا معارضا الى رفض انعقاد هذه الجلسات وإبقاء الأولوية المطلقة لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية، الامر الذي سيثير إشكالية واسعة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والكتل الأخرى التي لا تعارض تشريع الضرورة. اما في المسار الرئاسي، فلا جديد تحت وطأة ارتفاع ملحوظ للتسريبات الإعلامية والصحافية حول ترشيح “حزب الله” لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية والذي اخذ زخمه اللافت عقب الكلمة الأخيرة للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله. ولفت وصول النائب جبران باسيل امس الى باريس بعد زيارته أخيرا لقطر.
في هذا السياق، نقل رئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط “رسالة محبة وسلام ” من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط امس الى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. واكد جنبلاط من بكركي “ان نواب اللقاء الديموقراطي مستمرون في التصويت للنائب ميشال معوض لرئاسة الجمهورية ولا يوجد لدى الكتلة اسم اخر”. وتوقع ان تطول مدة الفراغ الرئاسي قائلا “نحن مع معوض واذا كان لدى الفريق الاخر أي اسم للتوافق نبحث بالامر. اهلا وسهلا”. واعتبر جنبلاط ان “دعوة البطريرك الراعي لعقد مؤتمر دولي لخلاص لبنان ليست جديدة ونحن نتفهم موقف البطريرك الراعي في هذا الخصوص”.
اللقاء النيابي
وعقد عصر امس في مجلس النواب اجتماع موسع ضم 19 نائبا يمثلون 32 نائبا مستقلا وتغييريا ومنضويا في كتل الكتائب و”تجدد” و”مشروع وطن” و”الائتلاف النيابي المستقل”، بحثوا في خلاله “آلية الخروج من الأزمة السياسية المستعصية التي أدخلت البلاد في آتون الشغور الرئاسي في ظل واقع اقتصادي ومعيشي مرير مترافق مع تعطيل شامل لمختلف مؤسسات الدولة وإداراتها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان” كما افاد بيان عن المجتمعين . وأضاف “أعطى المشاركون في هذا اللقاء الأولوية المطلقة لكسر جدار التعطيل والاتجاه فورا لانتخاب رئيس للجمهورية كمدخل لإعادة انتظام المؤسسات تطبيقا للدستور وإنقاذا للبنان”.
ومع تصاعد وتيرة التسريبات عن تبني “حزب الله” لترشيح سليمان فرنجية اعتبر وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري ان فرنجية هو “الأول، ومن يحول دون انتخابه هو النائب جبران باسيل الذي لا يسهل وصوله الى الرئاسة”، نافيا “ان تكون المملكة العربية السعودية ضد انتخاب فرنجيه، فهو أبدا “لم تكن له مواقف ضد المملكة، ولا شيء يمنع أن يكون أحد مقربا من “حزب الله” ومن “فريق 8 آذار” وليس ضد السعودية”. وأضاف: “في موضوع العلاقة بين “المرده” و النائب باسيل، الأمر “ليس مرتبطا بالمحاصصة، والحديث لم يتطرق الى الأسماء من خلال أشخاص يتواصلون مع الطرفين، من دون تواصل مباشر بين فرنجية وباسيل”.
في جلسة اللجان
وسط هذه الاجواء، حضر الكابيتال كونترول مجددا امس لليوم التالي بندا رئيسيا في جلسة اللجان النيابية المشتركة، واعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب “ان النقاش كان هادئًا وموضوعيًا ويُحكم على قانون الكابيتال كونترول بعد إقراره والهدف التنظيم ووقف الفوضى بتحويل الأموال”. وتابع “سنستكمل النقاش ليتمّ اقرار قانون الكابيتال كونترول”. وأضاف: “لا اوافق الرأي القائل ان كل ما حصل بجلسة اليوم مهزلة”.
وكان رئيس “التيار الوطني الحر “النائب جبران باسيل اعتبر ان “ما يحصل اليوم مهزلة وكل النقاشات تُظهر ألا نية لإقرار “الكابيتال كونترول”. وأعتبر ان “هناك شخصا خارقا لكل الاحزاب وعاصيا على القضاء والامن في السابق، واليوم بات عاصيا على المجلس النيابي”. في اشارة الى حاكم مصرف لبنان. ولفت الى ان “الكلام عن حماية حقوق المودعين كذب، وأكثرية المجلس اللبناني مشارك في انتهاك اموال المودعين”.
في المقابل، قال رئيس لجنة الادارة والعدل نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان: “مستعدون للسير بالكابيتال كونترول ولكننا نقول منذ بداية الأزمة اننا لن نقبل بتمرير قوانين لتطيير الودائع”. واشار الى “ان من الخطر القول إن على المودعين تحمل 60% من الخسائر وأي موّال لضرب حقوق المودعين مرفوض بالنسبة إلينا ووضعنا ذلك في مادة قانونية”، مؤكدا “اننا نخوض معركة المودع والودائع وسنسير بتطبيق الكابيتال كونترول وفق شروط ويهمنا أن تكون خطة التوازن الاقتصادي مع الكابيتال كونترول في الهيئة العامة ونحن متخوفون من شطب الحكومة الديون ليتحمل المودع ما لا يستطيع تحمله”.
وعلم ان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ادلى بمداخلة في الجلسة ابدى فيها اعتراضه على عدم حضور حاكم مصرف لبنان جلسة اللجان معتبرا انه من غير الجائز عدم مثول أي مسؤول في الدولة امام مجلس النواب عندما يتم استدعاؤه. واكد ان الأولوية اليوم هي لحماية المودعين والاقتصاد اللبناني وعدم السماح باعطاء براءة ذمة لمن استولوا على أموال المودعين وعلى التحويلات وقاموا بعمليات تهريب الأموال . واقترح الجميل ان يتم اختصار القانون بضبط عملية تحويل الأموال الى الخارج وربط الحديث عن السحوبات في الداخل بخطة شاملة تتضمن إعادة هيكلة للمصارف وتحديد حجم الخسائر وتوزيعها للبناء عليها ومعرفة كيفية رد الاموال للناس .
بداية استكشاف
في سياق متصل بملف ترسيم الحدود البحرية أعلنت مجموعتا “توتال انرجي” و”إيني” اتفاقية إطارية مع إسرائيل بشأن حقل الغاز المشترك مع لبنان. وأصدرت”توتال” بيانا جاء فيه: “وقعت “توتال انيرجي” وشريكتها “ايني” مع إسرائيل إتفاقية إطار تطبيقا لاتفاق الحدود البحرية الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل ولبنان في 27 تشرين الأول 2022. في لبنان ان توتال انيرجي هي الشركة المشغّلة للرقعة الإستكشافيّة الرقم 9 ولها حصة 60% إلى جانب شريكتها ايني ولها حصة 40%.
اضاف البيان “تبعا لتوقيع اتفاقية الإطار هذه، سيبدأ الشركاء في الرقعة الرقم 9 عمليات استكشاف لمنطقة يحتمل أن تحتوي على الغاز، قد سبق وتم تحديدها والتي قد تمتد في كل من الرقعة الرقم 9 والمياه الإسرائيلية جنوب خط الحدود البحرية الذي تم تحديده أخيرا. ويبدأ الآن التحضير لأنشطة الإستكشاف من خلال تجهيز الفِرَق وشراء المعدّات المطلوبة والإستحصال على سفينة الحفر”.
رؤساء الحكومات
في هذه الأجواء توقفت مراجع معنية عند اجتماع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيسين الأسبقين للحكومة فؤاد السنيورة وتمام سلام مساء الاثنين الماضي في دارة رئيس الحكومة، بحثاً عن الظروف التي أدت اليه في ظل الأجواء التي تتحكم بأعمال جلسات مجلس النواب المخصصة لانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية والوضع الناشئ عن مجموعة الأفكار المؤدية الى “تشريع الضرورة”.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” ان الفكرة انطلقت لعقد هذا اللقاء منذ الاجتماع الموسع للنواب السنة الذي عقد في دار الفتوى في 23 تشرين الأول الماضي، وخصّص للبحث في صلاحيات رئيس الحكومة في مرحلة تصريف الاعمال وتولّي جزء من صلاحيات رئيس الجمهورية التي انتقلت وكالة الى مجلس الوزراء مجتمعاً، كما بالنسبة الى التحضيرات لانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية.
ولفتت المصادر التي تابعت تفاصيل ما تم التفاهم عليه أن البحث تناول المواقف المتشنجة من انتخاب الرئيس والمواقف السلبية التي أدت الى تعطيل العملية بعد عبور البلاد المهلة الدستورية التي سبقت نهاية ولاية الرئيس ميشال عون. ولفتت الى ان اللقاء كان مناسبة للرد على موقف الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاخيرة والتصويب على اتفاق الطائف في الذكرى الثالثة والثلاثين لتوقيعه والمناقشات في شأن ما آل إليه وسط خلافات في تفسيره والتأخير في تطبيقه نصا وروحا، وتقدير جهود الرئيس ميقاتي في ادارة مرحلة الشغور بهدف متابعة تسيير شؤون الدولة والمواطنين واستكمال العمل لحل الأزمات المتراكمة التي يعانون منها. ورحّبت بحراكه الاقليمي والدولي لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين.
وانتهت المصادر الى القول ان اللقاء قصد الرد على خطاب قادة “التيار الوطني الحر”، عندما لفتت الى ان المجتمعين شددوا على “ضرورة وقف الخطاب المعيب بكل المقاييس وحملات الكراهية التي تشنُّ لبث الفتن والتفرقة بين اللبنانيين، وعلى أهمية تحلّي الجميع بالروح الوطنية العالية في هذه المرحلة المصيرية واعتبار وحدة لبنان وأبنائه وأولوية إنقاذه ومصلحة المواطنين اللبنانيين هي طريق الخلاص التي تسمو على كل اعتبار آخر”.
الكابيتال كونترول
من جهة ثانية، اعتبرت أوساط مواكبة لجلسة اللجان النيابية المشتركة التي انعقدت امس لمواصلة مناقشة قانون “الكابيتال كونترول” انّ المنحى البطيء جداً الذي يتخذه النقاش حول بنود القانون لا يؤشر إلى جدية ومسؤولية في مقاربته”. وأشارت هذه الاوساط الى “انّ المداولات النيابية في خصوص القانون تسير على إيقاع السلحفاة”، مبدية خشيتها من “ان لا ينتهي النقاش الا بعدما يكون القانون قد فقد كل جدواه بالنسبة إلى المودعين اللبنانيين”.
واعتبرت الاوساط ان ما يجري هو معيب بالدرجة الأولى في حق النواب الذين لا يزالون يماطلون في إقرار القانون ويقفزون من تأجيل الى آخر بينما يستمر في الوقت الضائع استنزاف ما تبقى من احتياطي مصرف لبنان. ولفتت الى ان إصرار حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة على عدم حضور الجلسات النيابية ينطوي على إهانة متمادية للمجلس النيابي، فيما يبدو وكأن هناك نوابا قرروا ابتلاع ألسنتهم والتغاضي عن هذه الإهانة.
وأكد رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل، بعد اجتماع اللجان، أن “ما يحصل اليوم هو مهزلة، و”الكابيتال كونترول” هو فكرة ضبط التحويلات المالية إلى الخارج، ويضاف إليها ضبط السحوبات في الداخل”. واعتبر “أن البعض يربط خطة التعافي الكاملة بالسحوبات الداخلية، وهذا خطأ كبير. وربط التحويلات الخارجية بالسحوبات الداخلية “ما بيمشي”، مشدداً على أن “إقرار القانون يتعطل لصالح استمرار التحويلات إلى الخارج بطريقة استنسابية”. وهاجَم باسيل سلامة من دون ان يسمّيه فقال: “هناك شخص خارق لكل الأحزاب والقضاء والإعلام، كان عصيّاً على القضاء والأمن في السابق، واليوم بات عاصياً على المجلس النيابي الذي طلب الاستماع إليه إلا أنه لم يحضر”.
إتفاق “توتال” وإسرائيل
وفي الوقت الذي يغرق لبنان في الشلل الحكومي وفي ظل خلو سدة الرئاسة، أعلنت شركة “توتال انيرجين” عن انطلاق أنشطتها الاستكشافية في البلوك الرقم 9 بعد شهر وأربعة أيام على الإعلان عن اتفاق الترسيم في 11 تشرين الأول الماضي، عندما أعلن الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون موافقته على مضمونها، قبل ان يتبادل الجانبان اللبناني والاسرائيلي وثائق الترسيم في 27 من الشهر عينه في مقر قيادة “اليونيفيل” في الناقورة.
وقالت مجموعتا “توتال انيرجين” الفرنسية و”إيني” الإيطالية عمّا سمّتاه في بيان لهما “اتفاقية إطارية مع إسرائيل بشأن حقل الغاز المشترك مع لبنان”، انّ هذه الاتفاقية جاءت “تطبيقاً لاتفاق الحدود البحرية الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل ولبنان في 27 تشرين الأول 2022″، علماً انها أي “توتال اينيرجين” هي الشركة المشغّلة للرقعة الإستكشافيّة الرقم 9 ولها حصة 60 % إلى جانب شريكتها “ايني” التي لها نسبة 40 %.
وقال البيان “تِبعاً لتوقيع اتفاقية الإطار هذه، سيبدأ الشركاء في الرقعة الرقم 9 عمليات استكشاف لمنطقة يحتمل أن تحتوي على الغاز، قد سبق وتم تحديدها، والتي قد تمتد في كل من الرقعة الرقم 9 والمياه الإسرائيلية جنوب خط الحدود البحرية الذي تم تحديده أخيرا. ويبدأ الآن التحضير لأنشطة الإستكشاف من خلال تجهيز الفِرَق وشراء المعدّات المطلوبة والاستحصال على سفينة الحفر”.