كاتبة أطفال سودانية: هناك من يجتهدون في هدم الأدب الموروث بحجة الحداثة

حذرت كاتبة الأطفال السودانية، مناجاة الطيب عوض الله، من مخاطر عدة تتربص بالأدب الموجه للأطفال العرب، وطالبت بإسراع الجهات صاحبة الاختصاص والمسؤولة عن أدب الطفل بالعالم العربي، لحماية ذلك الفرع من الآداب الإنسانية، ودعمه بالرعاية والصرف والرقابة، مؤكدة أنه في ظل استمرار غياب دور تلك الجهات، فلن تقوم لأدب الأطفال العرب قائمة، و»سنظل نبحث عنه ولا نجد له طعما ولا سمة».
ولفتت على هامش زيارتها الأخيرة للعاصمة المصرية القاهرة، إلى أزمة النشر التي يعاني منها الأدب الموجه للطفل في العالم العربي، مشددة على ضرورة تدخل المؤسسات المعنية لحلها، ووضع خطط دائمة لنشر أدب الأطفال ووصوله لكل الأطفال العرب من المحيط إلى الخليج.
أدب الطفل
وحول رؤيتها لحاضر ومستقبل أدب الطفل بالبلدان العربية، قالت إن «الرؤية غير واضحة، وإنها باتت غير مطمئنة على مستقبل ذلك الأدب الموجه للصغار واليافعين العرب، وأن ذلك يرجع لوجود من يجتهدون في هدم الأدب الموروث بحجة الحداثة وروح العصر، وهم للأسف ليست لهم مدارس خاصة ولا يملكون رؤىً لبناء تلك الحداثة».
وأضافت أن مستقبل أدب الأطفال بالعالم العربي وصموده، مرهون بالمحافظة عليه وحمايته من المدعين مؤكدة على أنه لا توجد خطط نشر طموحة في الدول العربية، وأن عقود النشر تصب بنودها في مصلحة الناشر، ولا تنص على أي حماية لحقوق الكاتب إلا نادرا، وهو الأمر الذي تسبب في ظهور حالة من الإحباط في أوساط المبدعين.
وحول مدى حضور التراث في الأدب الموجة للطفل، قالت عوض الله، إن التراث، وكل ألوان الموروث الثقافي والشعبي، هو النبع والمصدر والقاعدة التي يتغذى منها إبداع الكُتّاب، ومنه يستلهمون أفكارهم، ويطورنها، رافضة عدم التفريق السائد بين الفكر والإبداع الأدبي، وبين التقدم العلمي، مثل إطلاق مسمى «جيل الكمبيوتر» وغير ذلك من مصطلحات.
واعتبرت أن الاختراعات الحديثة التي تيسر سبل العيش، هي وسيلة وليست هدفا، وأن الكمبيوتر على سبيل المثال هو وسيلة تُغذى بعصارات الفكر في كافة المجالات، وأنه لابد لمثل هذه المقولات ان تمنع ذاتيا من التداول، ليستمر الاجتهاد والتأليف بتواصل أجياله، وأن هذا هو التطور الحقيقي، وليس تعطيل التراث وإهماله بحجة التطور العصري.
وحول رؤيتها لدور كل من الكتاب والحكومات في تحقيق نهضة حقيقية لأدب الطفل في العالم العربي، قالت الكاتبة مناجاة الطيب عوض الله، إن الكاتب هو من يقنع الجميع بفرض إبداعه عملا وليس بكثرة الأقوال وعلو الصوت، وأنه على الحكومات رعاية الكاتب في معاشه، حتى يتفرغ للإبداع، دون أن تتنازعه المسؤوليات الحياتية، وذلك لأن عمله الإبداعي لا يجني منه ما يوفر له سبل العيش، والمطلوب هو تأسيس قنوات نشر تستوعب ما يكتبه المبدعون وتنشر ما يكتبون، وتحفظ لهم حقوقهم، وما يعينهم على توفير نفقات الحياة لأسرهم.
وحول المجلات العربية الموجهة للأطفال، ومدي قدرتها على القيام برسالتها، قالت الكاتبة السودانية إن أغلب المجلات «تساقطت» بسبب الغلاء، وليس انتشار النشر الرقمي، كما يدّعي الكثيرون، موضحة أن المجلات تعيش ذات الظروف التي تعيشها حركة نشر الكتب الموجهة للأطفال. ورأت أن النشر الإلكتروني غير متاح لكل الأطفال، وأن شغف اقتناء مجلة هو الأكثر انتشارا بين الأطفال واليافعين العرب، مقترحة أن يتم العمل على توفير طباعة المجلات العربية الموجهة للأطفال بسعر تشجيعي، كعلاج لغلاء تكلفة الطباعة، بما يحقق الاستقرار للكثير من المجلات التي صار لها رمزية قيمة تاريخية.
وعلى الرغم مما عرضت له الكاتبة السودانية مناجاة الطيب عوض الله، من مشكلات تواجه حركة الآداب الموجهة للأطفال واليافعين العرب، رأت في ختام المقابلة، أن الآونة الأخيرة شهدت حالة من الحراك الواضح الذي يتمثّل في انتشار معارض كتب الأطفال، مطالبة بإيجاد آلية تيسر انتقال وعرض الكتب الموجهة للأطفال، ما بين بلدان العالم العربي، وتشجيع حركة الطباعة في هذا المجال، وذلك لمواجهة التراجع في الأعداد المطبوعة من الكتب الموجهة للأطفال العرب، والتي باتت تسجل أرقاما مخجلة ، وحل كافة المشكلات التي تعيق حركة نشر والنقل والتوزيع داخل المنطقة العربية.
كاتبة سودانية
يُذكر أن مناجاة الطيب عوض الله، هي كاتبة سودانية متخصصة في مجال أدب الطفل، ولها 34 إصدارا موجها للأطفال واليافعين، كما تمت ترجمة تسعة من أعمالها للغتين الإنكليزية والفرنسية، كما تعمل كإعلامية في مجال صحافة المرأة والطفل، وتولت العمل ما بين مديرة تحرير ورئيسة تحرير لعدد من الصحف والمجلات السودانية بينها مجلات سمسمة، والصبيان، وهدهد، وصحف نون، والصحافي الصغير، وغير ذلك من المجلات والصحف.
ووفقا لمبدعين ونقاد فقد قدمت عوض الله خلال مسيرتها إبداعات ونصوص متفردة، وحازت قصتها «الناي السحري» على جائزة المركز الفرنسي وبيت التراث السوداني.