جامع المدينة التعليمية في قطر: صرح يمزج الأصالة بروح العصر
![](https://raiseyasi.com/wp-content/uploads/2022/08/90-3-730x438-1.jpg)
بأشجار الزيتون الكثيفة التي تكتنفه من كل الجوانب، يظهر «جامع المدينة التعليمية» في العاصمة القطرية الدوحة، كتحفة معمارية يختلف تصميمها عن التصاميم التقليدية للمساجد.
ويتميز الجامع بمنارتيه المزيّنتين بخط عربي أصيل كتب باللون الأسود على خلفية بيضاء، صنعت منهما صورة جمالية ومعمارية أنيقة تسرُّ الناظرين.
تجوّلت، بين ساحات الجامع، وأعدت هذا التقرير الذي يرصد تفاصيله المعمارية من الداخل والخارج، كونه جزء من كلية الدراسات الإسلامية التي تحتضنها المدينة التعليمية في الدوحة.
المعمار الإسلامي ممزوج بروح العصر
منذ بدأت قطر نهضتها الحديثة وهي تس عى إلى مزج الحاضر بالماضي والتمسك بتقاليد الأجداد وصقلها بما هو حديث، لتخرج في حلة جديدة تلائم ملامح العصر.
ومن هذه الرؤية خرج إلى النور تصميم جامع المدينة التعليمية، ليربط عظمة المعمار الإسلامي بروح العصر.
إذ يجسد هيكل الجامع المُقام على خمسة أعمدة، أركان الإسلام الخمسة (الشهادتان والصلاة والصوم والزكاة والحج) التي كتبت واضحة وبخط عربي أصيل يضفي على باطن الجامع بهجة وهيبة تلهم الزائرين، خاصة أن المسجد تحول إلى مزار يرتاده المواطنون والمقيمون على حد سواء. ويقع جامع المدينة التعليمية داخل مبنى «ذو المنارتين» ضمن كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، التي تقوم في ذاتها على مفهوم الكلية الإسلامية التي تُحصّل فيها جميع المعارف.
مُخطط البناء الحلزوني والطرق المتعددة التي تربط المدرسة بالمسجد تشير إلى أن جميع المعارف مستمدة من العقيدة الإسلامية في نهاية المطاف، وذلك بحسب المواقع الإلكترونية التابعة للجهات المعنية في المدينة.
طه الهيتي
وصمم المآذن المهندس المعماري الخطاط العراقي طه الهيتي، وتتميز بالخط العربي الذي يمتد رأسيا إلى الأعلى لجذب أنظار الزوار إلى السماء في تأمل للعقيدة.
ويُظهر جامع المدينة التعليمية التوافق بين الإسلام والحداثة، ويهدف إلى دعوة الأفراد من جميع الخلفيات للتعرف على الإسلام.
وتتسع قاعة الصلاة لنحو 1800 مصلٍ، بالإضافة إلى 500 آخرين في ساحات المسجد، كما يتميز بأربعة ينابيع للمياه متدفقة من الحدائق المحيطة، تمثّل ينابيع الماء واللبن والخمر والعسل، المذكورة في القرآن، والتي وعد الله بها المتقين في الجنة.
ويضم المجمع حديقة القرآن النباتية، التي تحتوي على نباتات ورد ذكرها في القرآن الكريم، بالإضافة إلى نباتات محلية في قطر. وصُممت الحديقة لتعكس الفن الإسلامي والهندسة المعمارية، وتُركز على التناغم والحفاظ على التنوع النباتي من جميع أنحاء العالم.
وافتتح الجامع في 2015، ليجسد معلما بارزا من معالم الهندسة المعمارية في المنطقة العربية، كونه تجريبًا لشيء جديد مستوحى من الثقافتين العربية والإســــــلامية، ممزوجتان بإطار عصري جديد ليشكلوا جميعا لوحة فنية مبهرة كانت سببا في نيل الجامع عددا من الجوائز المعمارية العالمية.
إذ تُوجت كلية الدراسات الإسلـــــامية في جامعة حمد بن خليفة، التي تحتضن الجامع، بجائزة الفن المعماري الأمريكية، لفئات المباني التعليمية والفن المـــــعماري الثقافي والمؤسسي، وذلك في 2017، إلى جانب الفوز بجائزة مهرجان الفن المعماري العالمي، وهو حــــدث دولي كبير أقــم في سنغافورة.
وصمم الجامع المهندســــان المعماريان علي مانجيرا، وأدا يفارس برافــــــو، إذ ينحدر مانجيرا، من خـــــلفية إسلامية، شكلت لديه فهما عميقا للمجتمعات الإسلامية المتنوعــــة، الأمر الذي مكنه من صنع عمل فريد يحــــتفظ بالمشاعر الروحانية وتبني أفكار جديدة في الوقت ذاته.