حرب روسيا على أوكرانيا تُذكّر بالحرب عليها في أفغانستان!

كتب سركيس نعوم في “النهار”:
سأل المسؤول الأميركي السابق المهم نفسه الذي شغل مواقع ديبلوماسية مهمة عدّة وله خلفية عسكرية متينة: “هل ستوجّه إسرائيل ضربة عسكرية مباشرة الى إيران؟” ثم أجاب: “هناك احتمال أن يحصل ذلك، إذ قد تعطي إيران توجيهات وتعليمات لـ”حزب الله” لضرب إسرائيل من لبنان فينفّذها. وعندها تردّ إسرائيل بضرب لا لبنان فقط بل إيران أيضاً على الأرجح”. علّقت: أنا أستبعد ذلك تماماً. فإيران لا تزال متمسّكة بالاتفاق النووي لعام 2015 أو بالأحرى بإحيائه. وهي تنتظر انتهاء مفاوضات فيينا المعلّقة حالياً الى نتيجة إيجابية بعد استئناف عملها. طبعاً أخّرت حرب #روسيا على #أوكرانيا وانشغال أميركا وأوروبا وحلف شمال الأطلسي بها الاتفاق الجديد “الجاهز” تقريباً. لكن الاثنتين، أي أميركا وإيران، تعرفان ذلك. الإيرانيون يقولون إن الاتفاق شبه مُنجز وهناك تفاصيل قليلة لكن مهمة ينبغي التوصّل إلى تفاهم حولها. إيران تدعم “حزب الله” و”حماس” الفلسطينية. لكنّ هناك شيئاً عميقاً في التاريخ لا أعرف عنه الكثير ربما يجعل الاشتباك أو الحرب المباشرين بين إسرائيل وإيران مستبعدين، إلا طبعاً إن كانت الأولى هي البادئة بالحرب. يحتاج الشرق الأوسط الى نظام إقليمي جديد بعد انهيار النظام الذي أُنشئ عند انتهاء الحرب العالمية الأولى. ولا بد أن تكون إسرائيل وإيران عضوتين فيه مع تركيا على الأرجح.
انتقل المسؤول الأميركي السابق المهم نفسه الى المملكة العربية السعودية، قال: “ولي العهد الأمير محمد بن سلمان Nasty أي رديء الطبع وبغيض و… لقد قتل أو بالأحرى نفّذ حكم الإعدام بسبعة من الذين قتلوا جمال خاشقجي في اسطنبول رغم أنهم كانوا ينفّذون أوامره، وأولها الذهاب الى هذه المدينة التاريخية لإعادته الى المملكة. أميركا ولا سيما في عهد الرئيس جو بايدن لم تتقبّل هذا الأمر حتى الآن”. علّقت: قد تكون محقاً في تحليلك أو معلوماتك. مشكلة أميركا أنها تدافع عن حقوق الإنسان عموماً وفي العالم كله. لكنها تتغاضى أحياناً عن احترامها بسبب مصالحها الوطنية والحيوية والاستراتيجية التي لها الأولوية دائماً. هذه الحقوق محترمة دائماً في الداخل الأميركي. أنا لا أدافع عن محمد بن سلمان وليّ العهد، كما أنه لا علاقة لي مع المملكة وعدد من المسؤولين فيها ومن زمان، من جرّاء استقلاليتي رغم حبي لها وتقديري لمساعدات كثيرة جداً قدّمتها الى بلدي لبنان منذ قيامه، فضلاً عن أنه لا علاقة لي أيضاً بجيرانها في الخليج رغم محبتي لهم وتقديري لمساعدتهم وطني لبنان. لكن وليّ العهد هذا المحبّ للسلطة وربما المتهوّر أحياناً، والحرب التي شنّها على حوثيي اليمن منذ أكثر من سبع سنوات من دون الإعداد الكافي لها دليل على ذلك، يُجري منذ سنوات قليلة تغييرات جذرية اقتصادية واجتماعية وثقافية في بلاده. طبعاً هو ليس مهتماً بأن يشمل التغيير الوضع السياسي في المملكة والحريات السياسية على أنواعها. لكن استمراره في السلطة المدة الكافية لإنجاز ما بدأه من تغييرات لا بد أن يجعل من الصعب على أخصامه في الداخل وتحديداً رافضي التغيير الذي يُجريه نقضه لاحقاً. وهذا مكسب للسعودية وشعبها وللعالم العربي وحتى لأميركا، إذ إنه يقلّص الى أبعد الحدود حرّية المتشدّدين من المواطنين ورجال الدين في المملكة وتالياً قدرتهم على إعادة عقارب الساعة الى الوراء.
انتقلنا في الحديث الى أوكرانيا والحرب التي شنّها عليها رئيس روسيا فلاديمير بوتين، فقال المسؤول الأميركي السابق المهم نفسه الذي تسلّم مهمات ديبلوماسية عدّة وكانت له تجربة عسكرية متينة: “هذه الحرب مشكلة. بوتين لن يربح فيها لكنه لن يخسر كل شيء. فهو الآن مشغول بالسيطرة على كامل منطقة “الدونباس” الأوكرانية الشرقية، وقد نجح في ذلك الى حد كبير. وهو مشغول أيضاً بالعمل للسيطرة على مناطق جنوبية أوكرانية مطلّة على البحر الأسود وبحر آزوف. أما الشرعية الأوكرانية فلا تزال مسيطرة على جغرافيا واسعة من بلادها”. علّقت: هناك من يعتبر أن رئيس أوكرانيا زيلينسكي “جرّ قدم” الغرب وأميركا الى أوكرانيا لتحقيق أهدافه. في البداية تجاوبت أميركا وأرسلت إليه أنواعاً كثيرة من الأسلحة مع حلفائها الأوروبيين لمواجهة الاحتلال الروسي ولمنع بوتين من استعادة السيطرة أو على الأقل النفوذ على دول وإن قليلة في شرق أوروبا، كانت على مدى سنوات تدور في فلك الاتحاد السوفياتي الذي صار روسيا عام 1990. لكن بايدن الرئيس الأميركي بدأ يتحدّث الآن عن “الانتصار” في أوكرانيا. كيف ولماذا؟ أجاب: “لن يقبل بوتين الخسارة. وإذا تأكد من أنه متّجه إليها فإنه سيلجأ الى استعمال سلاحه “النووي التكتي” لإجبار كل الأطراف المشاركين في الحرب والداعمين لها على الجلوس حول طاولة مفاوضات. إلا أن ذلك لن يحصل في رأيي إذا بقيت أميركا غير متدخلة عسكرياً في الحرب أي إذا امتنعت عن إرسال قواتها العسكرية الى قتال روسيا في أوكرانيا. أما إذا قرّرت أميركا تنفيذ تدخل كهذا في الحرب فإن استعمال بوتين السلاح “النووي التكتي” يُصبح محتملاً”. علّقت: قد يكون استعمال هذا السلاح لدفع أميركا الى التفاوض معه؟ ردّ: “بوتين مريض استناداً الى آخر المعلومات المتوافرة لدى الولايات المتحدة. في آخر لقاء له داخل مكتبه في موسكو بدا أنه يحرّك قدمه اليمنى على الأرجح بعصبية شديدة وبقوة يميناً وشمالاً. وذلك يحدث عادة للذين يعالجون لإنهاء مشكلة طبية في حركة القدم بعقار معيّن (ربما ستيروييد). وعندما ينتهي مفعول الدواء تجمد حركة القدم. فضلاً عن أن وجه بوتين منتفخ أحياناً. ويُقال استناداً الى معلومات الغرب إن الرياضيين يستعملون هذا العقار أو الدواء، إلا أن مفاعيله وتأثيراته الجانبية ضارة. وهناك من يدعو في الأوساط غير المدنية أي العسكرية الى تذكّر #أفغانستان وانسحاب روسيا أي الاتحاد السوفياتي في حينه منها بعد سنوات من غزوه إيّاها عسكرياً ومن مواجهة جيشه والنظام الشيوعي الذي أسّس فيها. وكان انسحاب المهزوم أمام المجاهدين الأفغان والعرب والمسلمين عموماً المدعومين من أميركا وحلفائها في المنطقة وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية”.
سألت: هل في أميركا اليوم أو في أوساط حلفائها من يفكّر في تكرار تجربة أفغانستان في أوكرانيا؟