حذار الفراغ الحكومي… هل ينجو لبنان من انفجار محتَّم؟
كتبت ماري هاشم في موقع “القوات اللبنانية”:
ودّعت الحكومة الميقاتية اللبنانيين أمس بسلسلة قرارات أرادتها “حلولاً” انطلاقاً من مبدأ “آخر الدواء الكَيّ”… لكن إقرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة أمس زيادة تعرفة الاتصالات بدءاً من أول تموز المقبل شكّل قنبلة متفلتة لا تُحمد عقباها. زيادة تُضيف عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن الرازح تحت ثقل تحليق الدولار الأميركي إلى حدود مفتوحة يحمل معه صعوداً أسعار الدواء والغذاء والمحروقات و…
لكن مجلس الوزراء قد يكون رَحَم المواطن مما هو “أعظم” ربما، بسحبه بند “الدولار الجمركي” بطلب من وزير المال “لمزيد من الدرس” كما تردّد، ما دفع الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان إلى اعتبار أنه “لو تم إقرار “الدولار الجمركي” لكان ذلك تكريساً لـ”لا عدالة” الاجتماعية”، ويسأل في حديث لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني “هل من العدل أن يسحب المكلّف أمواله من المصرف على سعر صرف 8000 ليسدّد ثمن الضريبة على البضاعة التي اشتراها على سعر 22 ألفاً؟!”.
وإذ يحذّر من “انفجار اجتماعي إذا ما استمرّ الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في السوق الموازية”، يقول، الجميع كان يعلم أن تثبيت سعر الصرف قبل 15 أيار كان لسبب انتخابي بحت تمريراً لمرحلة الانتخابات…
أما التفلّت الحاصل اليوم في سعر صرف الدولار فيَعزوه أبو سليمان إلى الأسباب الآتية:
– توقعات الناس بارتفاعه بعد إنجاز الاستحقاق الانتخابي، ما أدّى إلى نوع من الهلع تسبّب بمزيد من الارتفاع.
– مصرف لبنان لم يعد يؤمّن الدولارات الكافية للتجار عبر منصّة “صيرفة” إذ تراجع حجمها من 90 مليون دولار إلى 50 مليوناً.
– عامل المضاربة، ما يؤدي إلى التلاعب في سعر الصرف كون السوق غير منظَّمة وخاضعة للرقابة في السوق الموازية، ما يسبّب هذا الارتفاع الجنوني.
– نتائج الانتخابات النيابية أفرزت انقساماً سياسياً حاداً، فهل يا ترى سينجح المُنقَسِمون في الاتفاق على التصويت على قوانين مُلِحّة كي نستطيع تمرير مرحلة تطبيق الشروط المطلوبة من صندوق النقد الدوليوبالتالي الحصول منه على القرض المأمول؟
يُضيف، إذاً نحن في مرحلة ضبابية سياسياً، مقابل تقنين ملحوظ في دولارات منصّة “صيرفة” لأن مصرف لبنان قد بدّد الكثير من الدولارات… واللافت أننا نشهد انخفاضاً ملحوظاً للاحتياطي بالعملات الأجنبية مقابل ارتفاع ملحوظ في سعر صرف الدولار. وفي كلتا الحالتين المتضرّر الوحيد والأكبر هو المودِع والمواطن فهذه أموالهما التي من خلالها يتم تثبيت سعر الصرف، الأمر الذي يحفّز سعر صرف الدولار صعوداً.
– إضافة إلى كل تلك العوامل هناك عامل أساسي يكمن في ارتفاع كلفة الفاتورة النفطية والغذاء وغيرهما بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، ما تسبّب بارتفاع معدّل التضخم بفعل الحاجة إلى كميات أكبر من الدولارات.
وفي معرض إضاءته على الحلول، يعتبر أن “المطلوب أولاً المُجاهَرة بالإفصاح عن القيمة المتبقية من الاحتياطي لدى مصرف لبنان لمعرفة ما إذا كان هناك من داعٍ لدَق ناقوس الخطر أم لا، فالغموض في هذا الموضوع يطرح علامة استفهام حول أسبابه”.
ويستعجل أبو سليمان “مجلس النواب الجديد على الانكباب فوراً على تكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة جدبدة في موازاة سَنّ القوانين المُلحّة المرجوّة كمشروع قانون الموازنة وقانون الـ”كابيتال كونترول” بما يحفظ أولاً أموال المودِعين وحركة الرساميل ذهاباً وإياباً، إضافة إلى قانون السريّة المصرفية على أن يتم تعديلها بطريقة ملائمة للمعايير الدولية…”.
من هذا المنطلق، يحذّر من أننا “مقبلون على انفجار اجتماعي إذا لم يُطبّق كل ما ذُكر آنفاً، فنحن نتكبّد يومياً خسائر لا تقل عن 30 و35 مليون دولار إن كان من الاحتياطي الإلزامي أو كاقتصاد. ناهيك عما يؤدي إليه الارتفاع الجنوني في أسعار القطاعات كافة لا سيما سعر صفيحة البنزين المرتبط مباشرة بارتفاع سعر صرف الدولار… وإذا بلغ الأخير ذروته فإلى أين سنصل؟! هل سيأكل الناس بعضهم البعض…؟!”.
ويقول، على كل فريق سياسي نجح في الانتخابات النيابية، أن يترجم وعوده التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، عبر تطبيق الأولويات الاقتصادية والمعيشية، وأوّلها لجم ارتفاع سعر صرف الدولار عبر الخطوات التي ذكرناها بما يُعيد الثقة تباعاً.
وفي حال دخل لبنان في فراغ حكومي، “عندها لن يكون هناك اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي”، وفق أبو سليمان، “لأنه لا يوقع أي اتفاق مع حكومة مستقيلة التي يصبح دورها تسيير أعمال الدولة فقط لا غير، فالفراغ الحكومي قاتل يعني الانفجار الحكومي لا محالة”.