رأي

هل دخل المجتمع المدني على زعامة جنبلاط؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

معركة شرسة تلك التي واجهها رئيس الحزب «الاشتراكي» وليد جنبلاط في عقر داره. تكتل الخصوم في لائحة واحدة لمواجهته، وبينهم خصمان من عقر الدار الدرزية، فضلاً عن غياب تيار «المستقبل» وزعيمه سعد الحريري وظهور عامل المجتمع المدني بقوة، يضاف اليهم عامل مهم يتحدث عنه «الاشتراكي» وهو تخلف «أمل» عن تجيير اصوات شيعية للائحته الانتخابية.

على القلم والورقة حصد «الاشتراكي» لائحة من ثمانية نواب فيما لم تحسم بعد نتيجة مرشحه فيصل الصايغ على لائحة بيروت، تواجه برئاسة الوزير السابق الدكتور خالد قباني لوجود اقلام لم تكن قد ظهرت نتائجها. للعاصمة رمزيتها في المختارة وخسارتها لن تكون خسارة عابرة لكن المعركة برمتها كانت مخاضاً صعباً لـ»الاشتراكي» وزعيمه كما بقية الاحزاب.

غداً ستكون نتائج هذه الانتخابات درساً لكل القوى السياسية التي ستعيد حساباتها حكماً بناء عل الارقام التي فرزتها صناديق الاقتراع والتي أفضت الى وجود خلل في التعاطي مع القاعدة الشعبية. منذ اليوم لم يعد ممكناً لأي حزب او تيار ان ينام على حرير النجاح، بعدما تشظوا في عقر دورهم. في هذه الانتخابات دخل المجتمع المدني وقوى التغيير الى صناديق الاقتراع فحصدوا نجاحاً سيحوِّلهم الى كتلة نيابية وازنة في البرلمان. هذه القوى الطارئة على البرلمان لم تتقدم على الاحزاب التقليدية فحسب وانما اجتاحت الزعامات لتشاركها حضورها المناطقي وتقاسمها شعبيتها في عقر دارها.

لفترة زمنية طويلة سيستمر تحليل الارقام التي خرجت بها انتخابات الشوف وعاليه التي اقتحمت عقر دار رئيس الحزب «الاشتراكي» وليد جنبلاط غداة تسليم الزعامة لنجله تيمور. وفيما سرت معلومات عن أن نجاح مارك ضو تحقق بفعل تصويت «الاشتراكي» الذي جاء بناء على نصائح المقربين من جنبلاط، خاصة وان ضو ليس بعيداً عن «الاشتراكي» وتربطه علاقة جيدة بالقاعدة الحزبية، و»بذلك نكون قد استوعبنا الثورة»، وهو ما ينفيه «الاشتراكي» لاستحالة امكانية تجيير الاصوات في قانون الانتخاب الحالي والا لكان فاز بمقاعد اضافية.

فوز ضو أطاح برئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب والوزير طلال إرسلان، ولو أنه من وجهة نظر الحلفاء يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية لسوء ادارته معركته الانتخابية، بينما كان الاقرب الى الربح رئيس التوحيد وئام وهاب لولا ان حجبت عنه اصوات السنة في الاقليم، وحصد ثمن خلافه مع اللواء عماد عثمان في صناديق الاقتراع.

منذ زمن بعيد بقي مشهد الجبل الدرزي مقفلاً على زعامتين تقليديتين وعلى اطرافهما عائلات ليست بعيدة عنهما اخترقها اليوم نائب درزي مستجد لمصلحة المجتمع المدني. وهو ما قرأ به البعض وجود موجة للمجتمع المدني في الجبل تنبه لها جنبلاط منذ الدورة الماضية بدأت تأخذ حيزاً، وخطورتها انها مجموعة شباب غير مرتبط بالزعامة وبينها من كان اشتراكياً سابقاً وخرج من الحزب وهو على خلاف معه واستبدله بالمجتمع المدني، وهو ما يقرأ على انه تغيير طارئ لا يشبه الجبل قبل الحرب ولا بعده وهو التحرر من الزعامات التقليدية ورفض الدخول في المعادلة.

وهو ما قد يجد النائب تيمور جنبلاط حاجة للتماهي معه بالنظر لكونه شاباً حديث الوراثة آتياً من عالم شباب يشبهه بعيداً عن القيود العائلية، لكن مثل هذا الخيار ان حصل سيتسبب له بخلاف مع رجال الدين والمحافظين، فيما بقاؤه الملاصق لهم سيجعله بعيداً عن المجتمع المدني، وهو الامتحان الصعب الذي سيفرض عليه التوافق مع الثاني دون استفزاز الاول والخروج عن طوعه.

النتائج النهائية للانتخابات لم تصدر نهائياً بعد لكن الاولية منها تشي بتغيير مزاج الناخبين في الجبل وخارجه، ما يعني ان الزعيم الشاب على موعد مع استحقاقات كبرى اولها والابرز حماية زعامته وتطويقها فهل ينجح في ذلك وهو المحتاج الى مراجعة ارقامه في الصناديق ومعالجة اسباب تراجعها؟

مارك ضو نائب درزي في البرلمان من خارج سرب جنبلاط. طلال ارسلان ينسحب من السباق موقتاً، ووئام وهّاب يمكن تنصيبه شريكاً بفعل ارتفاع نسبة اصواته في صناديق الاقتراع، واحتمال خسارة مقعد بيروت، عوامل مستجدة لكل منها اسبابها وتداعياتها.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى