شؤون دولية

الغموض يلف هوية رئيس الحكومة الجديدة في فرنسا

لا زال الغموض يلف هوية الشخص الذي سيخلف جان كاستكس في منصب رئيس الحكومة الفرنسية الجديدة بعد انتخاب إيمانويل ماكرون لعهدة ثانية. فتتداول تكهنات حول تعيين امرأة قادرة على توحيد الصفوف في هذا المنصب، وأخرى حول تولي أحد مقربي ماكرون هذه الحقيبة.

من سيختاره إيمانويل ماكرون ليكون رئيسا للحكومة الفرنسية الجديدة؟ هذا السؤال، بحسب “فرانس 24” لا يزال مطروحا بعد مرور أسبوعين على انتخابه لعهدة رئاسية ثانية. وأكد غابرييل عطال المتحدث باسم الحكومة أن “حكومة جان كاستكس ستستمر في عملها لغاية انتهاء الولاية الأولى لماكرون أي عند منتصف ليل 13 مايو/أيار”، نافيا بذلك تعيين حكومة جديدة قبل نهاية هذا الموعد.

وأضاف عطال أن رئيس الحكومة المقبل “سيهتم بالمسائل الاجتماعية والبيئية وبمسألة الإنتاجية. كما سيسعى إلى سد الفجوة الاجتماعية والاقتصادية التي تزداد اتساعا يوما بعد يوم، فناخب من أصل اثنين صوت لصالح أحزاب راديكالية أو متطرفة خلال الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 10 أبريل/نيسان الماضي.

امرأة على رأس الحكومة؟

يدور الحديث في أوساط مقربيه حول ميل ماكرون إلى فكرة تعيين امرأة على رأس الحكومة الجديدة، لكن السيناريو لا يبدو سهلا. ويتداول بانتظام مثلا اسم وزيرة العمل إليزابيث بورن لكنها غير معروفة جيدا لدى الفرنسيين. ويتساءل أحد أعضاء الحكومة “إليزابيث بورن تستجيب لبعض المقاييس. لكن هل تحمل أي رسالة سياسية؟”. فيما يقول عضو آخر “لقد كثر التركيز على هذا السيناريو” إلى حد تقلص فرضية تحققه.

أما وفق صحيفة “لوبارزيان”، فلقد برز في الآونة الأخيرة اسم شخصية أخرى قد تتولى منصب رئيسة الحكومة، وهي فيرونيك بيداغ، التي كانت مديرة مكتب رئيس الحكومة السابق مانويل فالس قبل أن تصبح المديرة العامة للمجمع العقاري ناكسيتي. لكنها لم تعر اهتماما لذلك.

ولا تبدو كذك فاليري رابو، رئيسة كتلة النواب الاشتراكيين في الجمعية الوطنية الفرنسية، بين المرشحين لخلافة كاستكس. فحسب ما أكدته قناة “بي أف أم”، اعتبرت رابو أن مشروع تمديد سن التقاعد إلى 65 عاما يعتبر توجها “يمينيا”.

ظهرت أسماء عديدة أخرى لتولي منصب رئيسة الحكومة الفرنسية، على غرار كريستال مورانسي، رئيسة منطقة لالوار (حزب الجمهوريون) وكاترين فوتران (وزيرة اللحمة الاجتماعية في عهد الرئيس السابق جاك شيراك ورئيسة المجمع الحضري لرينس)، فضلا عن وزيرة البيئة في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، نتالي كوسيسكو موريزيه، لكن دون أن تؤكد هذه الفرضيات مواقف موحدة وغالبة.

شخصية تكنوقراطية أم سياسية؟

يبدو أن من بين السيناريوهات الطاغية على التكهنات تتمثل في اختيار شخصية تكنوقراطية تعرف جيدا دواليب السلطة ولا تملك طموحات سياسية. لأن شخصية سياسية قد تسعى لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في 2027 فتلقي بالتالي بظلالها على الرئيس ماكرون الذي لا يمكنه الترشح للمرة الثالثة على التوالي.

في حال عينت شخصية تكنوقراطية يمكن أن يحتل وزير الزارعة الحالي جوليان دونرموندي رئاسة الحكومة، فهو مقرب من ماكرون. يمكن أيضا أن يتولى هذا المنصب الأمين العام للإليزيه ألكسي كوهلير بعد أن لعب دورا محوريا خلال العهدة الرئاسية الأولى لماكرون.

وأكد أحد الوزراء أنه نظرا للاضطرابات الاجتماعية البارزة في الأفق، من مشروع إصلاح نظام التقاعد إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين الفرنسيين، يجب “تعيين شخصية سياسية!” قادرة على مواجهة التحديات. ويوضح “شخصية مستعدة لإمكانية إزاحتها من المنصب بعد ستة أشهر فقط من تعيينها، لأن الإصلاحات الاجتماعية ستكون صعبة”، بمعنى آخر شخصية تلعب دور الدرع لحماية الرئيس.

البحث عن شخصية جامعة

ويرى إيمانويل ريفيير، مدير الدراسات السياسية في معهد كنتار أن رئيس الحكومة الجديدة مطالب بـ”طمأنة” الفرنسيين، لتدارك صورة ماكرون فهو لدى الرأي العام”لا يصغي للآخرين” ويتصرف أحيانا بنوع من “الاحتقار”.

من جهة أخرى قد يشكل تعيين رئيس حكومة جديد ينتمي إلى معسكر اليمين، على غرار وزير الاقتصاد الحالي برونو لومير، فرصة لماكرون للاستمرار في استقطاب مؤيدي حزب “الجمهوريون” لتعزيز صفوف حزب “الجمهورية إلى الأمام” الذي أسسه.

كما قد يسمح له أيضا بعرقلة صعود رئيس الحكومة السابق إدوار فيليب إلى واجهة الساحة السياسية، وكان قد غادر ماتنيون في 2020 مكللا بشعبية تتجاوز آنذاك تلك التي كان يحظى بها ماكرون.

لكن حسب إيمانويل ريفيير فإن ترقبات الفرنسيين كبيرة بشأن القدرة الشرائية والمسائل البيئية، وهذه التحديات قد “تدفع البوصلة نحو اليسار”.

سلم الأطياف اليسارية محدود

رغم ذلك يؤكد أحد المستشارين في الحكومة الحالية أنه يبدو من الصعب إيجاد شخصية سياسية من معسكر اليسار لتولي رئاسة الحكومة، و بما في ذلك حزب البيئة (الخضر) الذي أشار أحد الكوادر المقربين من ماكرون إلى اتساع الفجوة السياسية معه بسبب الخلاف حول الملف النووي.

ويضيف غاسبار غانتزير وهو أستاذ بمعهد العلوم السياسية ومسؤول خلية الإعلام في قصر الإليزيه خلال عهدة فرانسوا هولاند الرئاسية أن زعيم حزب الخضر “يانيك جادو لا يملك الخبرة التقنية” الضرورية لتولي المنصب.

فيما يرى مسؤول آخر في حزب “الجمهورية إلى الأمام” أنه لم يبق على الطاولة سوى اسم باسكال كانفان، رئيس لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي لتولي منصب رئيس الحكومة المقبلة باعتباره الشخص الذي “أسس نظرية الخطة البيئية” التي اعتمدها ماكرون شعارا.

وأشار وزير آخر إلى أن “الرئيس لديه فكره حول رئيس الحكومة الجديد وحتى عن أعضاء هذه الحكومة، لكنه يريد فقط ربح الوقت ليقلص فترة الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية”.

وخلافا عن 2012 و2017، سيتم تنظيم الانتخابات التشريعية بعد سبعة أسابيع فقط من نهاية الانتخابات الرئاسية. وقصر هذه الفترة قد ينعكس سلبا على النفس الجديد المرتجى من الحكومة المقبلة في بدايات عهدة ماكرون الثانية. لذا فمن مصلحة الرئيس أن ينتظر آخر الآجال لتعيين رئيس حكومة جديد.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى