رأي

العراق يعاند قبضة إيران؟

كتب راجح خوري في صحيفة “النهار”:

ربما صار على إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس في #الحرس الثوري، أن ينقل مكاتبه من طهران الى #العراق، ليحول دون تداعي النفوذ ال#إيراني، في هذا البلد العربي الذي تتعامل إيران معه منذ عام ٢٠٠٣ وكأنه حديقتها الخلفية، فهو القاعدة الغربية لجسر محورها الممتدّ الى غزة عبر سوريا والعراق ولبنان. لكن، لقد فشلت كل محاولات قاآني حتى الآن في لملمة البيت الشيعي، الذي تعصف به نتائج الانتخابات النيابية، التي شكلت صفعة قويّة للنفوذ الإيراني في العراق.

عشية الانتخابات التي جرت في العاشر من تشرين الأول من العام الماضي، وصل قاآني الى بغداد في محاولة لدعم الفصائل المؤيّدة لإيران في “الحشد الشعبي” التي كانت تخشى من النتائج، بعد أحداث القمع الدموي الذي تعرّضت له مجاميع الحراك الشعبي في عام ٢٠١٩، والذي كان أحد أسباب الذهاب الى الانتخابات المبكرة، التي جاءت نتائجها أشبه بفاجعة للنفوذ الإيراني، ومع انتصار كتلة مقتدى الصدر وإصراره على تشكيل “حكومة أكثرية”، وبعد أسابيع من الطعون ومحاولات تغيير النتائج، انتقلت ميليشيات الحشد لتتجمّع تحت شعار “الإطار التنسيقي” وتطالب بحكومة “وحدة وطنية” تحفظ لها مكانها في السلطة التنفيذية، ولكن الخلاف تعمّق برغم أحكام المحكمة العليا لصالح النتائج، التي تعطي مقتدى الصدر الكلمة النافذة في تشكيل الحكومة، خصوصاً بعد تحالفه مع السنّة في كتلة “تقدّم” ومحمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب، وكتلة “عزم” بقيادة خميس الخنجر.

لقد أعيد انتخاب الحلبوسي رئيساً للبرلمان برغم الطعن الذي رفضته المحكمة العليا، وكانت النتيجة قصف مقرّه قبل يومين بثلاث قذائف، فيما واصلت جماعات “الإطار التنسقي” اتهام الصدر بأنه “ينحو منحى ضدّ التشيّع والشيعة”، رغم أنه يقول “حرصت على الدعوة الى لملمة البيت الشيعي ولم أتلقّ أيّ إجابة أو تفاعل منهم نهائياً… ولقد دعوتهم الى طاعة ومركزية المرجعية الشيعية في النجف والأخذ بأوامرها وقراراتها”.

مرة ثانية عاد قاآني الى العراق في محاولة لخلق مساحة من التفاهم بين الجانبين كما يقال، وقيل إنه نجح في إقناع مقتدى الصدر بأن يعطي رئيس الوزراء الأسبق رجل إيران نوري المالكي وعضو “الإطار التنسيقي”، ضمانات بعدم محاسبته على ملفّات، طالما لوّح بها الصدر ومنها الفساد الكبير والتقصير الفاضح، وخصوصاً حيال احتلال تنظيم #داعش الموصل ومناطق العراق الغربية عام ٢٠١٤، عندما كان رئيساً للوزراء وقيل يومها إن كل ما قاله عن جيش كان يحرس تلك المناطق تبيّن أنه من الأشباح.

ورغم موافقة الصدر على دخول أعضاء من “الإطار التنسيقي” في الحكومة، يستمرّ الإصرار على عدم استبعاد المالكي، ويشترط جماعة الحشد أن تكون وزارة الداخلية من حصّة أحد أعضائه، وأول من أمس عاد قاآني مرّة ثالثة الى بغداد، لتبرز عقدة جديدة، وهي تهديد “الإطار التنسيقي” بسلاح التعطيل الذي نعرفه جيّداً في لبنان، وهو “الثلث المعطّل”، والمقصود هنا أن مجلس النواب العراقي المكوّن من ٣٢٩ نائباً، لن يتمكن من التصويت على إنتخاب رئيس الجمهورية الكردي دون حضور ثلثي أعضائه، لأنه يتعيّن أن يكون عدد الحضور خلال افتتاح الجلسة البرلمانية ثلثي أعضاء البرلمان، وحيث إن “الإطار التنسيقي” يملك ٧٥ نائباً فإن غياب ٢٩ نائباً من الكتل الأخرى والمستقلّين يسقط النصاب!

وفي هذا ما يذكّرنا بعشرات الجلسات النيابية التي سبقت انتخاب الرئيس ميشال عون بعد فراغ استمرّ عامين ونصف العام!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى