إخراج مضمر بماء الوجه للجميع!
كتبت روزانا بو منصف في “النهار”: “لا بأس في الادراك المتأخر من خلال التبريرات التي ساقها الثنائي الشيعي للافراج عن جلسات الحكومة التي عطل اجتماعاتها منذ ١٢ تشرين الاول 2021 بان ” يمر بلدنا الحبيب لبنان بازمة اقتصادية ومالية لا سابق لها تتمثل على وجه الخصوص بانهيار العملة الوطنية ،وحجز اموال المودعين في المصارف اللبنانيه ،والتراجع الكبير في الخدمات الاساسية خاصة في قطاعات الكهرباء والصحة والتعليم ،وسط اوضاع سياسية معقدةعلى المستوى الوطني والاقليمي وما له من انعكاسات خطيرة على المستويات المعيشية والاجتماعية والأمنية ” معتبراً أن “المدخل الرئيسي والوحيد لحل الازمات المذكورة وتخفيف معاناة اللبنانيين هو وجود حكومة قوية وقادرة تحظى بالثقة وتتمتع بالامكانات الضرورية للمعالجة”. هذه التبريرات تشكل مخرجا يمنن اللبنانيين بالافراج عن الحكومة . ولكن الواقع ان الصفقة غير المعلنة تمت بهدوء من دون ان تؤدي الى اطاحة المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار كما يعلن الثنائي الشيعي ويؤكد بقاءه في موقعه انما بعدما تم تقييده لا بل تعطيل اليات مواصلته عمله واصداره حتى القرار الظني في الجريمة في المدى المنظور . فهذه صفقة على طريقة لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم بعدما باتت اطاحة البيطار في حد ذاتها مشكلة كبيرة بما ترمز اليه من ضرب للسلطة القضائية برمتها. وهنا التسوية المعنوية في “خسارة ” شكلية للثنائي الشيعي وكسب فعلي من خلال تعطيل اليات التحقيق والاعلان عن نتائجه. إذ ان فقدان الهيئة العامة لمحكمة التمييز نصابها القانوني باحالة أحد اعضائها الى التقاعد كان المخرج المنتظر. وتاليا فان افراج الثنائي الشيعي عن الحكومة اتى في التوقيت المناسب بعد ايام قليلة على فقدان الهيئة العامة لمحكمة التمييز النصاب القانوني ما يعيق البت بالدعاوى المرفوعة امامها المتصلة بملف تفجير المرفأ بعد احالة احد اعضائها القاضي روكز رزق على التقاعد. فبهذا يدخل هذا الملف مرحلة الجمود الكلي ما لم تسارع المراجع القضائية الى اصدار تشكيلات جزئية، بتعيين رؤساء محاكم تمييز اصيلين الذين تتألف منهم الهيئة العامة. وهذا لا يبدو محتملا في المدى المنظور . وما يلفت في هذا الاطار وفق سياسيين وقانونيين ان الهيئة المناط بها النظر في دعاوى مُخاصمة الدولة فقدت نصابها قبل أن تبتّ دعوى مخاصمة الدولة المقدّمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس الذي يعتبر اكثر اهمية بكثير بالنسبة الى حزب الله ” على هذا الصعيد وما يتردد من معلومات في المجالس الخاصة من تفاصيل في ما يتعلق بملف المرفأ اكثر من الوزراء السابقين الاخرين الذين وردت اسماؤهم ايضا فيه . والبيطار نفسه لا يذهب الى بيته تحت وطأة ملف انفجار المرفأ فتحافظ السلطة القضائية كما الدولة ككل على ماء وجهها الداخلي والخارجي على حد سواء وتحظى السلطة الممثلة بالعهد والحكومة جائزة ترضية كبيرة تتمثل في استئناف جلسات مجلس الوزراء فيما يتم تمنين اللبنانيين كما قال رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بالافراج عن اعمال الحكومة وبالشق المتعلق بالوضع المعيشي المندرج تحت عنوان الموازنة والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي . ويصح توصيف ما حصل بالصفقة غير المباشرة بعد فضيحة الصفقة التي كانت تقضي بقبول المجلس الدستوري بالطعن المقدم من التيار العوني بانتخابات المغتربين في مقابل تعيينات قضائية تحاصصية ترفع يد البيطار عن التحقيق في انفجار المرفأ . وتبدي مصادر سياسية حذرا ازاء التسليم بان الصفقة غير المباشرة تقتصر على المعادلة المذكورة في انتظار الايام المقبلة لرؤية ما إذا كانت جلسات مجلس الوزراء التي أفرج عنها تتعلق بالموازنة وما يتصل بها ام ستشمل مروحة اخرى من الملفات تحت هذا العنوان.
يود البعض من سياسيين وديبلوماسيون الاعتقاد بقوة ان الضغط الشعبي غير المباشر الذي أدى الى تسليم الافرقاء السياسيين في السلطة بضرورة تأليف الحكومة قبل أشهر قليلة لعب دورا في التسليم بالافراج عن جلساتها كذلك. اذ ان هناك مكابرة في الاعتقاد بان تجاهل معاناة الناس لحسابات سياسية داخلية او اقليمية يمكن ان يستمر في قطف النجاح لا سيما في ظل الذهاب الى انتخابات نيابية قريبا من حيث المبدأ ، او ايضا تحميل الثنائي الشيعي من غالبية لبنانية انضم اليها اخيرا رئيس الجمهورية وفريقه الحليف ل” حزب الله” في تحميل الاخير مسؤولية الانهيار الكارثي الحاصل ما لم يفرج عن مجلس الوزراء. وحده الساذج في السياسة يعتقد ان ما حصل يندرج في اطار ملاقاة معاناة الناس من دون اثمان . اذ هذا الاحراج المتعلق بهموم الناس ليس فعلا وراء قرار الافراج عن جلسات مجلس الوزراء لا سيما ان هذا الهاجس لم يكن موجودا في اي مرحلة سابقة علما ان الانهيار تسارع في العامين الاخيرين والا لكان حفز الثنائي على رفض التعطيل من الاصل كما ينطبق ذلك على حليفه الذي بات يتهمه بالتعطيل فيما لم يأبه لا لتعطيل تأليف حكومة بعد انفجار المرفأ ولا لمرحلة فراغ رئاسي استثمر فيه عامين ونصف العام من دون حساب للكلفة الاقتصادية على الاقل. ولكن بعض السياسيين لا يسقطون ايضا الحسابات المتصلة بالمستجدات المرتقبة على ملف ترسيم الحدود البحرية ومجيء المنسق الاميركي لشؤون الطاقة الدولية اموس هوكشتاين الى بيروت قريبا، على الاقل ربطا باي تطورات ايجابية محتملة على ملف العودة الى الاتفاق النووي بين ايران والولايات المتحدة في شكل اساسي . كما لا يسقطون الضغط نتيجة الرغبة في تأمين الرواتب للمناصرين والمحاربين المتخمة بهم الادارات والوزارات على عتبة الانتخابات فيما ان “الجميل” بوقف التعطيل من اجل الموازنة والاجراءات المعيشية هو اقصى ما يحفل به جدول الحكومة في الاشهر الثلاثة المقبلة.”