“الميثاقيّة الشيعيّة” طيّرت الحكومة و “السنّية” دفنت الحوار
كتب ميشال نصر في “الديار” : “في لبنان وحوله «كوفيد19» بمتحورَيها «دلتا» و»أوميكرون»وبينهما «فلورونا»، كالتسونامي يفتك بالبشر آخذا بدربه الحجر، كما في السياسة ومواقفها من بعبدا إلى عين التينة وما بينهما وحولهما من متحوّرات كلامية «عم تاكل الأخضر واليابس»، «مكمّلة عا يلي باقي» ، تجمع بين الحالتين، خشيةٌ من السيناريوهات الكارثية. «فمكانك قف» تتسيّد الملف السياسي الداخلي، في انتظار خروج قطار الإنتخابات النيابية عن سكّته، فيما «الترقيع ماشي» في «الكهربا والتلفون والإنترنت»، والوعد بإجراءات جديدة صحياً «مسوك قلبك والحقني»، في بلد شعبه «بلا مخّ مش من هلّق …. من زمان».
هكذا يوماً بعد يوم، ومع اقتراب نهاية العهد يزداد تفكيك الأزمة صعوبة وتعقيداً، مع صبّ المعطلين الدائم للزيت على نار الخلافات العميقة بين أهل الحكم والدولة حول الأساسيات والبديهيات لقيام المؤسّسات وانتظام عملها، ليزيد من طينها بلّة الكيمياء المفقودة بين أركان البيت الواحد، حيث يعمل كلّ واحد منهم بمنطق «قبور بَيّك والحقني»، و»الشاطر بشطارته»، مقتطعاً لنفسه مساحة يلعب فيها، ومحمية يبني على أنقاضها.
فرئيس الجمهورية الذي ادرك منذ اللحظة الاولى ما كان يرسم من مكيدة «مشي باللعبة» فقدم «على طبق من ميقاتي» عقدا استثنائيا للمجلس النيابي اخرج «استيذ» عين التينة كمنتصر وحيد، واضعا لغما اساسيا عبر ادراجه تعديل قانون الانتخاب كاحد مواضيع البحث النيابي،ما اثار حفيظة عين التينة «سيدة نفسها» ،لتعود الامور الى نقطتها الاولى، وينفجر الخلاف من جديد على جدول اعمال هذه الدعوة.
وفيما الجميع غارق في الرد والرد على الرد ،اخرج جنرال بعبدا ارنب الحوار ،ناقلا طرحه النظري الى الواقع،ومع اقتراب لجنة خاصة كلفها بدرس تفاصيل مواضيعه يفترض ان تنهي اعمالها هذا الاسبوع، فاقدم على الاتصال ببيت الوسط ،التي رد شيخها معتذرا عن تلبية الدعوة ،متحججا بان لا معنى لها قبل الانتخابات ،حيث ترى المصادر ان القصر الجمهوري الذي ضمن مشاركة اطراف الثامن من آذار ،راهن على ان تكون «دغدغة الصهر» للشيخ سعد قد فعلت فعلها بفتحه «طاقة» امام امكانية التحالف من جديد بين البرتقالي والازرق ،فجاءت حسابات حقله لا تتوافق وبيدر «المستقبل»،الذي يبدو انه قرر التموضع الى جانب القوى المسيحية الرافضة من قوات وكتائب،اضافة الى بيك المختارة المتردد،واضعا بذلك معادلة جديدة مفادها الميثاقية الشيعية اسقطت مجلس الوزراء والميثاقية السنية ستسقط طاولة الحوار ،الذي ستكون جلسته صورة طبق الاصل عن الدعوة السابقة. انه مشهد «ولا أهضم» ،غريب عجيب لا يحدث إلاّ في لبنان، عجز عن جمع حكومة اللون الواحد، وأمل «من كل عقلن» بأن يجمعوا «من كل وادٍ عصا» إلى طاولة حوار أجندتها مشاكل لبنان منذ قيامه.
لكن اين الثنائي الشيعي من كل ما تقدم؟ طبيعي ان رئيس مجلس النواب اصاب عصفورين بحجر واحد ،فهو ثبت صلاحيات الشيعة في ادارة حصتهم من المؤسسات الدستورية ،حتى في حال حصول فراغ وتاجيل الانتخابات،محتفظا لنفسه بمفاتيح المجلس، وبالتالي فارضا نفسه رقما صعبا في المعادلة «كيف ما برمت» ، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، سدد ضربة معلم لبعبدا عبر «خصومهم اللدودين» باسقاط طرحها للحل بالكامل. اما حزب الله فبدوره تلقف بدون اي تردد كرة نار التعطيل آخذا بصدره «باس» رئيس الجمهورية، ذاهبا ابعد بتامينه نصاب الثامن من آذار وفوقه حبة مسك لطاولة الحوار.
اما الميقاتية السياسية فواضح انها باتت في خطرٍ وجودي، بدليل حركة رئيس الحكومة «المركّبة»، بعد تخلّي العرّاب الفرنسي عنه، وفرحة اتصال ولي العهد السعودي»، التي لم تصل» لقرعته»، حيث بات هامش المناورة يضيق أمامه داخلياً، اذ ان مسألة تعطيل الحكومة، ما عادت تؤذي العهد، ف»الضرب بالميت حرام» بقدر ما باتت تهدد مستقبل المشروع الميقاتي، الذي بات قاب قوسين أو أدنى، من الخروج من «المولد بلا حمص». ما يطرح السؤال الكبير :لماذا فوّت النجيب الفرصة على نفسه؟
في المنطق وقاعدته، من الواضح أن الأمور مش «زابطة»، و»ما رح تزبط»، فلا شيء يشجّع على توقّع اي خرق في المدى المنظور في حروب الصلاحيات كما كانت دائما ، بين اطراف اللعبة السياسية المتحكمين بقرار طوائفهم، فيعطلون ويشلون المؤسسات الدستورية تحت حجة تحصيل حق او حماية حقوق، وعليه لا جلسات قريبة لمجلس الوزراء،رغم اصرار رئيس الحكومة على الدعوة الى جلسة فور الانتهاء من درس الموازنة،»مربحا اللبنانيين جميلة من كيسهم»،هو العارف جيدا ان مفتاح ارسالها حاليا بيد الثنائي الشيعي،وبالتالي ما ينطق به من حق يريد به باطل، عله يكون اقل الخاسرين. فطلب اهل المنظومة «طبخة» قضائية وانتخابية و»تعييناتية» «يستطييبونها «جميعا ، وهو ما لن يكون طالما اننا لم نجد الطباخ.
في الخلاصة، الكل مستمرٌ بمهامه، ميقاتي «مبسوط مش مصدق وصل» على السراي، وجنرال بعبدا باق في مقره وفقا «لمفهومه»،كما «الاستيذ» متربع على عرش عين التينة، كلهم بارادة من «الحزب» إلى أن يقضي الله أمراً بات مفروغاً ، ، حتى ولو لإدارة أزمة… في كل الأحوال ، «بقيو أو فلوّ»، النتيجة ذاتها طالما أن الكل يعتبر أنه «غير معني بالصفقة» ومن «عندياته» حتى ولا بغيرها … حتى آخر لبناني …. “