الثابت بين نصرالله وباسيل المضيّ في مواجهة جعجع
كتب احمد عياش في “النهار”: “لم ينل كلام رئيس “التيار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل عشية خطاب الأمين العام لـ”#حزب الله” السيد حسن نصرالله في الذكرى الثانية لمقتل قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني الجنرال #قاسم سليماني، سوى لفتة عابرة في قناة “المنار” التلفزيونية التابعة للحزب. وهذه اللفتة وردت على نحو جاء فيه ان باسيل قد أكد “انه لا يزال يختار مار مخايل على الطيونة، داعيا الى تطوير التفاهم بين حزب الله والتيار لما فيه مصلحة البلد، وحتى لا يتسلل رجل الفتنة مجددا ليمارس هوايته المفضلة، والذي كان وما زال اداة للخارج من أميركا الى إسرائيل”!
طبعا، “رجل الفتنة” الذي تشير اليها قناة “حزب الله” التلفزيونية هو رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي نال في إطلالة باسيل الأخيرة، “ما لم يقله مالك في الخمرة”. وبحسب قراءة في أوساط إعلامية قريبة من الحزب، فإن الهجوم القاسي الذي شنّه رئيس “التيار” على زعيم “القوات” هو “نقطة القبول الكلّي من الحزب ضمن القواسم المشتركة والتشخيص السياسي بين الجانبين”. وفي رأي هذه الأوساط، ان الجزء الآخر من الانتقادات القاسية التي خصّ بها باسيل رئيس مجلس النواب نبيه بري، لا يرى فيها الحزب “أي جديد”، بل هو امتداد للخلاف المستعر بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نبيه بري منذ زمن طويل.
قبل ساعات من إطلالة نصرالله، كان قرار دوائر “حزب الله”، بحسب الأوساط نفسها، التعاطي مع موضوع النائب باسيل “ببال طويل، وعدم التفاعل معه”، وسط تساؤل عن جدوى ان يمرّ نصرالله على ذكره في كلمته “ولو بشكل محدد لإيضاح أي أمر” ورد على لسان باسيل. ولفتت الى ان باسيل كشف بنفسه ان “حزب الله” لا يقبل طريقة التحاور بينهما بصورة علنية، عندما قال: “الآن سيقول السيد حسن، الذي أكنّ له مكانة خاصة في قلبي وعقلي الله وحده يعرفها، هذا الكلام يحكى بالغرف المغلقة، وهذا صحيح وهو على حق”.
ولمّا كانت الأمور بين الحزب والتيار على هذا النحو، فكيف ستتطور العلاقات بين الجانبين بعدما اجتاز باسيل مسافة مهمة في كشف ما هو غير معلن بين الطرفين؟ تجيب الأوساط نفسها قائلة: “ان قرار حزب الله بعدم التطرق لكل النقاط التي أثارها النائب باسيل، هو ضمن تقدير الحزب بعدم الرغبة في توسيع شقة الخلاف. ومهما كان هناك من خلاف، فهناك أيضا عناصر تلاقٍ يمكن الرهان عليها لردم هوة الخلاف. أما الدخول في السجال، فسيأخذ الأمور الى ما هو أصعب وأسوأ، خصوصا ان وجهات نظر التيار قديمة وقد اسمعها باسيل في اللقاءات السابقة بينه وبين السيد حسن منذ أكثر من سنة. وفي الوقت نفسه، يؤمن الجانبان بأن التفاهم الذي عقداه في مار مخايل في شباط 2006 لا يزال صالحا، وهذا سيظهر جليا في الانتخابات النيابية المقبلة حيث سيتحالف الحزب حكماً مع التيار، وقد كان هناك كلام مباشر بين الحزب وباسيل، فاتفقا على التحالف في انتظار استحقاق الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي الوقت نفسه، يعلم الجانبان ان لعبة الأكثرية والأقلية، هي جزء من الصراع القادم، وان العلاقة مع التيار هي أساسية جدا. وعلى هذا الأساس، لا يريد الحزب ان يكون الإعلام وسيلة للتحاور مع التيار”.
وتتابع الأوساط الإعلامية القريبة من “حزب الله” قائلة: “لا شيء دراماتيكيا في العلاقة بين الحزب والتيار. فهل ما صدر عن رئيس التيار يمثل قناعة؟ ربما، اضافة الى ذلك ان هذا الاسلوب من التخاطب يندرج ضمن أجندة في السياسة والرغبة في شد العصب، لكنه لن يؤدي الى قلب الطاولة والى تغيير قناعة احد الطرفين”.
وتتوقف الأوساط عند ما سمّته “الجديد” في كلام باسيل الأخير، فقالت “انه يحاول ان يقول ان كل الازمة السياسية في البلد وراءها الشيعة، وهذا ليس صحيحا وينطوي على ظلم. هو، أي باسيل، يقول ان الموارنة دفعوا في الماضي ثمن الاستئثار ثم فعل ذلك السنّة، والآن الشيعة معرّضون ليرتكبوا الخطأ نفسه، علما ان الشيعة عمليا، لم يحكموا بعد حتى نقول إنتبهوا الى فائض القوة لتستأثروا به”.
أما في موضوع “المنظومة والرئيس بري” فهذا الكلام، وفق الاوساط، “معروف”. وتتابع: “يقول باسيل علناً ان اتفاق الطائف لم يعد يصلح، ثم يعود ليتكلم عن الطائفية غير السياسية، فيستعمل تعابير جديدة، كاللامركزية المالية، مُدخلاً عناصر جديدة على الفهم والنص هي غير موجودة أصلا في الطائف. ويقول أمورا في المنظومة، لكنه يتمنى على قيادة السنّة أن تأتي وتشارك في الانتخابات، وكان في ذلك يغازل الرئيس سعد الحريري بشكل خفيّ”.
وخلصت الأوساط الى القول: “في مكان ما في تشخيص باسيل، كانت هناك مجموعة من الحقائق في سرديته لا ننكرها. أما جدلية العلاقة بين الدولة والمقاومة، فهنا السقطة الكبرى التي وقع فيها رئيس التيار، لأنه لا يمكن ان تكون هناك دولة من دون مقاومة، وانها هي التي حمت الدولة من احتلال إسرائيل للبلد الى لحظة تحريره، وبعد ذلك كانت عنصر ردع لحماية البلد. لذلك، منطق الاختيار الذي وضعه باسيل في الأخير غير صائب. فهل هو فعلا عم يشدّ عصبه؟ فليكن كذلك”.
بعد كل ما سبق: ما هي خلاصة المشهد بين طرفَي “تفاهم مار مخايل”؟ مرة أخرى، ووفق معطيات الأوساط المشار اليها، هناك نقطة اتفاق كامل بين الجانبين على العمل سوية لمواجهة “القوات اللبنانية” في الانتخابات النيابية المقبلة، وكأن لسان حال نصرالله يقول لباسيل: “أهلا بك لمواجهة جعجع”!”