رأي

مطالبة سنّية للحريري بتسليم الراية النيابية للمستحقين

كتب رضوان عقيل في “النهار”: يودّع اللبنانيون سنة 2021 وهم لا يأسفون على أيامها نتيجة ما تلقّوه من خيبات سياسية واقتصادية ومالية وصلت الى حدود تبدل اوضاعهم المعيشية وتدهورها عند العدد الأكبر من شرائحهم ومن مختلف الطوائف والمناطق. وترث 2022 كل هذه الاثقال التي كانت حبلى بمسلسل الانهيارات والانتكاسات المتلاحقة. وتجري قراءة الايام المقبلة بحسب ما تم عليه في الايام السابقة، اي بمعنى ان ما زرعته القوى السياسية يمكن معرفة حصيلة حصاده، ولا سيما ان الجميع يمرون في وضع غير المسبوق.
وفي خضم هذه المشهدية لن تغيب الانظار عن استحقاق #الانتخابات النيابية المقبلة التي يجري التعاطي معها بجدية عالية والعمل على هذا الاستحقاق الذي ينتظرون خوضه في وقت يقدم آخرون على الدخول فيه بمعنويات محبطة لا تظهر انهم ينامون على حرير قبل موعد الانتخابات في أيار المقبل. واذا كان ثنائي “حزب الله” و”أمل” والحزب التقدمي الاشتراكي و”القوات اللبنانية” يتعاطون مع الانتخابات باطمئنان، فان الجهات الاخرى بدءاً من “التيار الوطني الحر” تسيطر على قواعده حالة من القلق، ولا سيما بعد “الضربة” التي تلقاها في المجلس الدستوري. ويجري الحديث ولو بطريقة الهمس عن احتمال إقدام النائب جبران باسيل على عدم الترشح في الاصل ويخوض المعركة بوجه قريب منه في البترون جراء الحصار الذي يعانيه في الدائرة الثالثة في الشمال من كابوس المغتربين المسجلين. وفي المناسبة، فان الوزير السابق سليمان فرنجية ليس في وضع أفضل، واذا كانت حساباته تقول بأنه يؤمّن حاصلين قبل جواب “الدستوري” فهو لا يحسم اليوم بامكانية حفاظه على مقعديه في زغرتا، زائد ان مقعده الارثوذكسي في الكورة بات مهدداً بدوره.
في هذا الوقت تتجه الانظار الى الرئيس سعد الحريري وكيف سيتعاطى السنّة مع الاستحقاق وهم الذين يشكلون أكبر كتلة ناخبة في البلد. واذا كان الرجل قد وصل وبنسبة كبيرة الى عدم خوضه الانتخابات شخصيا واطلاق لوائح تحمل عنوان “تيار المستقبل”، فان الحديث يدور بين نخب الطائفة في بيروت والمناطق وبعضهم على تواصل مع الحريري، يقولون بأنهم لن يتركوا الساحة للفراغ و”القناصين” وضياع المقاعد السنية الـ 27. واذا كانت هناك ستة او سبعة مقاعد سنية تصل بأصوات اصحابها او بدعم من “حزب الله”، فان المقاعد العشرين الاخرى لن يتم تركها لاهواء طامحين لا يمثلون حقيقة وجدان الطائفة.
ومن هنا يجري الطرح في المرحلة الانتقالية هذه لرسم مقاربة التعاطي مع السنّة والبحث بين أركانها، ولا سيما مع الحريري للتوصل الى تحضير نواة مجموعة من المرشحين بدءاً من بيروت يمثلون جمعيات عريقة في الطائفة مثل المقاصد وغيرها، على ان يتم الاتيان بمرشحين من رحم هذه الجمعيات والعائلات. ويقول هذه التوجه إن على الحريري كقائد حقيقي ان يسلم الراية لمن يستحق. ويقوم الرئيس فؤاد السنيورة بمثل هذه المحاولة مع حلقة من الشخصيات السنية البعيدة من الاستعراض السياسي في العاصمة، ولا سيما من طرف الذين يرفعون الصوت في وجه سياسات “حزب الله” ولا يقدرون على تعبئة الفراغ لدى هذا المكون المتمسك بخيارات الدولة ومؤسساتها. ولذلك يتم الحديث في البيت السني عن عدم اخلاء الساحة لطامحين غير مؤهلين مع عدم توقع تحقيق حركة “سوا للبنان” خروقا في البيئة السنية.
ويجري التواصل مع الحريري على تقديم وجوه لا غبار عليها، على ان تتم هذه العملية على ايدي اناس يحظون بالثقة ونظافة الكف وليس عن طريق مجموعة من المنتفعين على غرار من تسببوا باضرار للحريرية السياسية. ولم يعد البيت السني ومستقبله يهم اهله فحسب، بل ان شظايا انقسامات هذا المكون ستصيب الآخرين وسيزداد السباق على مقاعد السنّة ومحاولة السيطرة عليها من عكار الى العاصمة ومناطق اخرى.
ولذلك سارع حزبا التقدمي و”القوات” الى التواصل مع القيادة السعودية في الرياض للوقوف عند رؤيتها في الاستحقاق الانتخابي نظراً الى عمق تأثيرها لدى هذه البيئة، ولا سيما في حال اختار الحريري العزوف عن خوض الاستحقاق المنتظر. ولن يكون الرئيس نجيب ميقاتي بعيدا من تحمّل هذه المسؤولية، ولا سيما انه قادر على ادارة انتخابات الشمال بحكم حضور “تيار العزم” وجمهوره في طرابلس والمناطق السنية الاخرى. وهو لن يكون مرتاحا في حال قرر الحريري الابتعاد نهائيا عن الساحة الانتخابية.
واذا كان كثيرون يقولون ان الطائفة السنية “ولّادة”، فهذا كلام حق ولكن على ارض الواقع لا يتم تقريشه. ولم يأت كلام الوزيرالسابق والسياسي المخضرم رشيد درباس من فراغ عند قوله: مَن غير الحريري قادرعلى ترشيح مرشحين في كل لبنان إلا هو؟ ومن هنا لا احد يفرح برحيل الحريري عن المشهد السياسي، فهو لا يزال على كل صعوباته حاجة للجميع. ومن غير المستغرب ان يقول فرنجية: “اذا اعتذر الحريري فهذا الامر سيكون خطرا على المسيحيين”. ولا يحتاج الرئيس نبيه بري الى قول شهادته في صديقه وابن صديقه رفيق الحريري. ويقول جنبلاط الكلام نفسه وأكثر.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى