رأي

هل يتوسط الخليج لمفاوضات أميركية- إيرانية؟

كتبت هدى رؤوف في صحيفة إندبندنت عربية.

زار أمير قطر طهران والتقى كلاً من المرشد والرئيس الإيرانيين، وفي حين تناولت الأخبار الرسمية تقارير حول مناقشة العلاقات الودية بين البلدين، فضلاً عن مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، يبقى التساؤل حول هدف الزيارة في ذلك التوقيت.

وتكتسب الزيارة أهمية لأنها تأتي وسط مواجهة المنطقة تحديات تتطلب التنسيق بالنسبة إلى بعض الملفات والوساطات في ملفات أخرى تفادياً لأي تصعيد، لذا فعلى رغم العلاقات الودية والقوية بين طهران والدوحة التي في جانب منها له أهميته الاقتصادية، فإن التوقيت الحالي ربما يتعلق بواشنطن وإدارة دونالد ترمب.

وخلال الزيارة لم يفوت خامنئي بالفعل فرصة لوم قطر على الأموال الإيرانية المجمدة لديها بأمر أميركي منذ صفقة تبادل المسجونين بين طهران وواشنطن عام 2023.

ولإيران علاقات متنوعة مع دول الخليج تراوح بين التنافس والود ودول محايدة، وتوطدت العلاقات مع الدوحة بفعل المصالح القطرية وطموح قيادتها للقيام بدور الوساطة في المنطقة ورفع شعارات المقاومة ضد إسرائيل، وتمتعت قطر بعلاقة وثيقة مع إيران أكثر من دول مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن تعزيز العلاقات الاقتصادية في شأن حقل الغاز البحري المشترك بينهما، وهو حقل الشمال أحد أكثر احتياطات الغاز غير المستهلكة في العالم ومتاخم من الناحية الجيولوجية مع حقل بارس الجنوبي الإيراني، مما يخلق إمكانات اقتصادية هائلة للبلدين.

كما وقع الجانبان “الاتفاقية الأمنية” التي تغطي مجالات التعاون لمكافحة الإرهاب والمخدرات والاتجار بالبشر وغسل الأموال والأنشطة الإجرامية الأخرى، وأسسا عام 2011 منتدى الدول المصدرة للغاز إلى جانب روسيا، كما وافقا عام 2014 على زيادة توسيع التجارة وأعلنا عن إنشاء ثلاث مناطق للتجارة الحرة في ميناء بوشهر الإيراني وميناءي الدوحة والرويس القطريين.

من هنا يتبين كيف أن إيران وجدت فرصة مناسبة لتتمكن من نسج علاقات قوية مع بعض الدول الخليجية دون الأخرى، مما أعاق أي فرص لتشكيل تحالفات ضدها، كما أنها الآن تعمل على استغلال تلك العلاقات من أجل استمرار دول الخليج في القيام بدور الوسيط بين طهران وواشنطن.

وفي إيران صرّح أحد المسؤولين أخيراً بأنه ينبغي أن يكون هناك حوار مباشر بين إيران وواشنطن فليس عهد ترمب بعيداً من الوساطات غير المباشرة على غرار وساطات سلطنة عمان، وأُشير حينها إلى أن طهران ربما تفضل وساطات أخرى بعيداً من عمان مثل سويسرا.

لكن زيارة أمير قطر الآن ربما تطرح احتمالات هدف الزيارة من أجل وساطة لمحادثات مباشرة بين إيران وترمب، لا سيما أن طهران تنتظر لحظة المفاوضات مع الرئيس الأميركي، مما يبرع فيه الطرفان، تجار البازار ورجل الصفقات، لذا تحاول إيران نسج مسار المفاوضات مع ترمب ولجأت إلى أمير قطر للوساطة في وقت وقع ترمب مذكرة تطبيق سياسات الضغط الأقصى، فضلاً عن توقيع عقوبات على أطراف مرتبطة بقطاع النفط، وتخشى إيران العودة لبيع نحو 300 ألف برميل يومياً كما اعتادت في ولاية ترمب الأولى بدلاً من نحو مليون و700 ألف برميل خلال ولاية جو بايدن.

وفي حين ظهرت تقارير استخباراتية أميركية تتحدث عن نوايا بنيامين نتنياهو دفع ترمب إلى دعم هجومه على المنشآت الإيرانية، قامت طهران بتوضيح المسارات المتاحة أمامها في أعقاب الهجمات ومن بينها أنها سترد على إسرائيل بإطلاق صواريخ أقوى، كما أنها ستعمل على الانسحاب من معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، فضلاً عن أنها ستغير عقيدتها النووية من سلمية إلى عسكرية.

وفي حين تبرع إيران في التصريحات التهديدية إلا أنها تسير بالتوازي معها في مسار الدبلوماسية، ومن ثم فإن زيارة أمير قطر تأتي ربما في إطار محاولتها توظيف علاقتها المحسنة بالدول الخليجية من أجل الوساطة مع إدارة ترمب، وربما قامت أو ستقوم بالمثل مع الرياض حيث تسعى إلى الاستفادة من اتفاق الصلح بينها والسعودية بدفعها أو نقل رسائل من خلالها إلى واشنطن.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى