أبرزرأي

الوحدة الوطنية ولغة الحوار ظهرتا بأبهى صورهما في عاشوراء

باسم المرعبي – ناشر موقع “رأي سياسي”:


من تابع مراسم عاشوراء على مدى العشرة أيام ، يدرك بأن احياء هذه المراسم هذا العام كان مختلفا نوعا ما عن السنوات السابقة، حيث برزت بشكل واضح روح الوحدة الاسلامية لا بل والوطنية ايضا، لناحية المشاركة السياسية أو الدينية في المجالس التي كانت تقام يوميا، والخطاب الوحدوي والوطني الذي سمعناه على لسان كل من شارك في هذه المجالس من مختلف المذاهب الاسلامية ومن الطائفة المسيحية الكريمة ايضا، وهو ما كان محط تقدير واعجاب وتمني في ان ينسحب ذلك على الحياة السياسية التي تعج بالمشاحنات والتجاذبات.


ومن جال على المضائف، او شاهد بعض الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي يرى ان مجالس عشوراء في لبنان لم يقتصر الحضور فيها على الشيعة فقط، وانما كان لأهل السنة والمسيحيين والدروز حضور بارز ايضا هذا العام.
الجميع شارك ان كان من خلال القاء كلمة جامعة بالمناسبة والقاء الضوء على القواسم المشتركة بين ذكرى عاشوراء وبين ما تمر به غزة من مجازر، وبين ما تركز عليه بقية الطوائف من معاني انسانية تتقاطع مع ما كان ينادي بها الامام الحسين واهل بيته.


وفي ترجمة للنوايا الخيرة ، تداعى الشيعة في كل لبنان الى اقامة المضافات او “حواجز المحبة” في مختلف المناطق ووزعت فيها الهريسة والحلوى والعصير والقهوة وصولاً الى الاطعمة على انواعها والخبز، والصورة اللافتة ايضا ان ابناء المناطق التي يتواجد فيها خليط ومزيج طائفي شاركوا ايضا في تحضير الهريسة وفي تقديم المياه، وهذا دليل على ان ما تفرقه السياسة تجمعه الانسانية وكلمة الحق والوقوف في وجه الظلم.


فبعض المشاركين في عاشوراء من الطائفة المسيحية يعتبرون ان هناك أوجه شبه كثيرة مع مأساة الإنسان التي تلازمه طوال حياته، وفيها أيضا أوجه شبه مع المسيحية. ففي صلب المسيح وقيامته انتصار على خيانة يهوذا الذي باعه بثلاثين من الفضة وانتصار على جماعة اليهود الذين أسلموه، وفيها أيضا انتصار على الألم والموت.


وعند اهل السنة هي بمثابة وثبة حياة جديدة وولاء مطلقا لله والوطن، وهي أيضا ليست تاريخا ولا حدثا محدودا بوقت وزمن، إنها حالة ما زالت تتكرر في عالمنا العربي، وهي حدث يومي نعيشه نتيجة تشتت فكري وثقافي.


اما المشاركين في مجالس عاشورا من قبل طائفة الموحدين الدروز، فهم يعتبرون ان اول درس يجب انه يتعلمه الجميع من عاشوراء هو الانتصار للحق وعدم الرضوخ للباطل، والاستعداد الدائم للمواجهة، بما في ذلك من انتصار لكرامة الإنسان والأمة.


هذه المشاركة يجب على الجميع الاحتذاء بها، لانه من رحم الألم نفهم عاشوراء بأنها أيضا تطلع إلى الوحدة والعيش المشترك من أجل حياة أفضل. وهذا يتطلب حوارا متواصلا وتفاهما متبادلا ليس بين المذاهب الاسلامية وحسب بل بين كل الطوائف، لأنه لا تقدم ولا سلام ولا أمن من دون قبول الآخر كما هو، بفكره وعقيدته ودينه ورؤيته الخاصة واحترام تطلعاته.


ومن هنا يتوجب على المسؤولين بكافة شرائحهم وانتماءاتهم الدعوة إلى تشجيع الحوار وتعزيز التنوع الثقافي في مجتمعنا، وانه يكونوا صادقين في هذا الحوار، لانه حتما سيساهم في تخفيف حدة الانقسامات الموجودة في بلدنا ومجتمعنا، ليس على مستوى انتخاب رئيس للجمهورية فقط وانما على مستوى حل الخلافات اينما ظهرت، خصوصا وان اعتماد سياسة الأبواب المغلقة اثبتت فشلها وأوصلتنا الى ما نحن فيه على كافة المستويات.


فليكن ما رأيناه في مجالس عاشوراء وتحديدا في اليوم العاشرة درسا نستفيد منه للعمل على وحدة الكلمة والموقف في سبيل انقاذ بلدنا الذي يواجه هذه الأيام اخطر مرحلة في تاريخه، حيث ان وضعه الداخلي مضطرب نتيجة الخلافات السياسية، وهو ايضا يتعرض لمخاطر خارجية تتمثل بالعدوان الاسرائيلي والتهديدات والضغوطات اليومية التي تمارس عليه من اكثر من جهة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى