6 مخاطر تحملها حكومة المليارديرات ترامب للاقتصاد الأميركي… فما هي؟
ثلاثة أيام تبقت على حفل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وأداء اليمين الدستورية، ويصبح رئيساً فعلياً للولايات المتحدة في 20 يناير الجاري، وسط قلق دولي ومحلي من مخاطر رئاسته، في وقت يعيش فيه العالم مجموعة من الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية، وتواجه أميركا مجموعة من التحديات في ظل حكومة يهيمن عليها المليارديرات والأثرياء. فهناك ما لا يقل عن 13 مليارديراً يتولون مناصب حكومية في إدارة ترامب الجديدة.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” في تحليل في السادس من يناير الجاري، إن ترامب سيبدأ ولايته الثانية أقوى وأكثر هيمنةً، بوصفه لاعباً على الساحة العالمية، مقارنة بما كان عليه عندما أدى اليمين قبل ثماني سنوات. ولكن العالم الذي ينتظره مختلف تماماً وأكثر تهديداً مما كان عليه قبل 4 سنوات حينما ترك الرئاسة. وتناولت مجلة الإيكونوميست في تعليق في 12 يناير الجاري، مخاطر حكومة المليارديرات التي رشحها ترامب، وكيف يمكن أن يكون لها تأثير سلبي في السياسات التجارية، حيث إن المستشارين الذين لديهم مصالح خاصة في صناعات معينة، يمكن أن يدعموا تنفيذ التعريفات الجمركية أو الاتفاقيات التجارية التي تضر بالمستهلكين والشركات الصغيرة التي تعتمد على الواردات. ويمكن كذلك اختيار الشركاء التجاريين لإجراءات انتقامية وفق مصالح هؤلاء الأثرياء، بطريقة تؤدي إلى زيادة زعزعة استقرار الأسواق.
وفي ذات الصدد، نشرت مجلة هارفارد بيزنس ريفيو في 14 يناير الجاري، رؤى بشأن تأثير مصالح الشركات داخل حكومة ترامب. وأشار الخبراء في المجلة إلى أن العديد من أعضاء مجلس الوزراء الجديد لديهم علاقات عميقة مع الشركات الكبرى، ما قد يؤدي إلى تضارب المصالح عند صياغة السياسات. ويثير هذا الوضع مخاوف بشأن ما إذا كان ستُتَّخَذ القرارات لصالح جميع الأميركيين أو لصالح الشركات الكبيرة في المقام الأول، خصوصاً تلك التي ساهمت في تمويل الحملة الانتخابية لترامب.
ويلاحظ أن ترامب رشح أغنى إدارة رئاسية في التاريخ الحديث لحكومته، حيث من المقرر أن يتولى ما لا يقل عن 13 مليارديراً مناصب حكومية. ووفق تحليل بقناة “أيه بي سي” الأميركية، يمكن أن يتجاوز صافي الثروة المجمعة لأغنى الأعضاء في إدارته 460 مليار دولار، بمن فيهم الرئيس المشارك لوزارة الكفاءة الحكومية إيلون ماسك، الذي تتجاوز ثروته الصافية أكثر من 400 مليار دولار، وفق بيانات بلومبيرغ للأثرياء.
ويرى محللون أن حكومة المليارديرات الترامبية تشكل ستة أخطار على الولايات المتحدة. وهذه المخاطر هي:
1 – تضارب مصالح المليارديرات مع المصلحة العامة
التأثير غير المبرر في صنع السياسات الذي يفضل مصالح الشركات على الصالح العام، وتآكل ثقة الجمهور بالمؤسسات الحكومية، والتراجعات التنظيمية المحتملة في بعض القوانين التي تضر المستهلكين والعمال، والتركيز على المكاسب قصيرة المدى، على حساب الاستقرار الاقتصادي طويل الأمد، والافتقار إلى وجهات النظر المتنوعة الضرورية للحكم الفعال في بلد متعدد الأعراق والثقافات والطبقات مثل أميركا. وقد أثار اختيار دونالد ترامب للمليارديرات في حكومته مخاوف كبيرة بشأن التأثيرات السلبية المحتملة على مستقبل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة في أميركا.
أول هذه المخاوف، تضارب المصالح، الذي يُعد من أكثر القضايا إلحاحاً في حكومة المليارديرات. وهو التضارب الذي ينشأ عندما يُعيَّن الأفراد ذوو الثروات الشخصية والمصالح التجارية الكبيرة في مناصب السلطة. ويرى بعض الخبراء أن هؤلاء المعينين في حكومة ترامب قد يمنحون الأولوية لمصالحهم المالية أو مصالح أقرانهم على حساب احتياجات ورفاهية سواد المجتمع الأميركي. وعلى سبيل المثال، أعربت مجموعات المراقبة في أميركا عن قلقها من أن مثل هذا التركيز للثروة في الحكومة يمكن أن يقوّض وعود ترامب بدعم المواطنين من الطبقة العاملة، لأن القرارات التي قد يتخذها هؤلاء المسؤولون قد تحابي مصالح الشركات بدلًا من الصالح العام.
وانتقد نورم آيسن من معهد بروكينغز الأميركي، في تحليل، تعيينات ترامب في فترة رئاسته الأولى بالقول: “قال الرئيس: سأقوم بتجفيف المستنقع عندما أصل إلى البيت الأبيض، ولكنه حينما وصل فتح البوابات على مصراعيها أمام التماسيح”. ويعكس هذا التعليق اعتقاداً بأن أعضاء مجلس الوزراء الأثرياء في عهد ترامب سيعملون على إدامة نظام الامتيازات بدلاً من إصلاحه.
2 – التأثير في صنع السياسات
غالباً ما يكون للمليارديرات تأثير كبير في القرارات السياسية بسبب مواردهم وعلاقاتهم التجارية والمالية. ويمكن أن يؤدي هذا إلى سياسات تفيد الأفراد أو شركات الأثرياء على حساب الاحتياجات المجتمعية الأوسع. وعلى سبيل المثال، يمكن للإصلاحات الضريبية أو جهود إلغاء القيود التنظيمية التي يقودها المليارديرات أن تحابي الشركات الكبيرة، فيما تهمل الشركات الصغيرة والعمال، ما يؤدي إلى تفاقم فجوة التفاوت في الدخل بين مواطني الولايات المتحدة، وبالتالي تأجيج الغبن الاجتماعي.
في هذا الصدد، أشار ريتشارد بينتر، من جمعية “مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق في واشنطن” إلى أنه على الرغم من الخلافات السياسية، كان هناك إجماع على أن “النظام الأخلاقي غير مجهز للتعامل مع رئاسة ترامب”. ويسلط بيانه الضوء على المخاوف بشأن الكيفية التي قد تؤدي بها ثروة ترامب وعلاقاته إلى تضارب المصالح وانتهاكات أخلاقية.
3 – تآكل الثقة العامة بمؤسسات الدولة
يرى محللون أن الحكومة التي تدار لصالح الأثرياء يمكن أن تؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور بالمؤسسات السياسية. فعندما يعتقد المواطنون أن قادتهم أكثر توافقاً مع مصالح الشركات من احتياجات الناخبين، فإن هذا من الممكن أن يؤدي إلى خيبة الأمل في الديمقراطية ذاتها. ويمكن أن يؤدي تآكل الثقة هذا إلى انخفاض المشاركة المدنية وزيادة الاستقطاب داخل المجتمع.
في هذا الصدد يقول جيفري سونينفيلد، البروفسور بكلية ييل للإدارة، في تحليل على موقع قناة “أيه بي سي” الأميركية في يناير الجاري، إن اختيارات مجلس وزراء ترامب غالباً ما كانت تفضل الأفراد ذوي الخلفيات المالية الكبيرة، ما قد يؤدي إلى سياسات تعطي الأولوية لمصالح الشركات على الصالح العام. وشدد على أن هذا يمكن أن يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في الدخل وتقويض الأطر التنظيمية المصممة لحماية المستهلكين والبيئة.
وفي السياق نفسه، يقول الخبير بوكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني، مارك زاندي، إن التركيز على إلغاء القيود التنظيمية والتخفيضات الضريبية التي يفضلها أعضاء حكومة ترامب الأثرياء يمكن أن يزعزع استقرار الأسواق المالية على المدى الطويل. وحذر من أنه على الرغم من أن هذه السياسات قد توفر منافع مالية قصيرة المدى، إلا أنها تخاطر بخلق مشكلات نظامية أكبر يمكن أن تؤدي إلى انكماش اقتصادي.
4 – التراجعات التنظيمية
إن مجلس الوزراء المليء بالأفراد الذين عارضوا التنظيم تاريخياً قد يدفعون إلى التراجع بشكل كبير عن القواعد التنظيمية المصممة لحماية المستهلكين والعمال والبيئة. وقد يؤدي هذا إلى نتائج ضارة مثل زيادة التلوث، وظروف العمل غير الآمنة، وعدم الاستقرار المالي للمستهلكين، وهي القضايا التي تؤثر بشكل غير متناسب في السكان ذوي الدخل المنخفض.
ووفق دراسة أصدرها مركز بيو للأبحاث في منتصف الشهر الجاري، فإن ثقة الجمهور في المؤسسات الحكومية يمكن أن تتراجع بسبب التصورات النخبوية داخل حكومة ترامب. فعندما يرى المواطنون حكومة يقودها أفراد أثرياء منفصلون عن الصراعات اليومية، فإن هذا من شأنه أن يعزز الشكوك حول نيات السياسة وفعاليتها. كذلك حذر تقرير صادر عن شركة ماكينزي آند كومباني بتاريخ 16 يناير الجاري، من الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل في ظل إدارة ترامب التي تركز على الثروة. وأعرب الخبراء عن مخاوفهم من أن إعطاء الأولوية للمكاسب قصيرة الأجل من خلال التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية قد يؤدي إلى ممارسات اقتصادية غير مستدامة يمكن أن تؤدي إلى أزمات مالية في المستقبل.
5 – تركيز ترامب على المكاسب قصيرة المدى
هذا التوجه بدلاً من التركيز على الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل مضر. فغالباً ما يعمل المليارديرات ضمن إطار يركز على تعظيم الأرباح الرأسمالية قصيرة المدى بدلاً من النظر في التأثيرات المجتمعية طويلة المدى. ويمكن أن تؤدي هذه العقلية إلى سياسات تعطي الأولوية للمكاسب الاقتصادية الفورية مع تجاهل الممارسات المستدامة، ما قد يعرّض الاستقرار الاقتصادي والصحة البيئية في المستقبل للخطر.
6 – عدم وجود وجهات نظر متنوعة
فالحكومة التي يهيمن عليها أفراد أثرياء من خلفيات مماثلة قد تفتقر إلى التنوع في الفكر والخبرة اللازمة للحكم الشامل. وهذا التجانس يمكن أن يخنق الحلول المبتكرة للمشاكل المعقدة التي تواجه الولايات المتحدة، حيث إن وجهات النظر المتنوعة ضرورية لصنع السياسات الفعالة.