باسم المرعبي_ ناشر موقع “رأي سياسي”:
دأبت اسرائيل منذ عدة أيام من عدوانها على لبنان على استهداف المدنيين النازحين في العديد من القرى والبلدات في أكثر من منطقة بحجة ملاحقة مسؤولين أو عناصر من “حزب الله”، وقد أدى ذلك إلى استشهاد عائلات بكاملها بعد سقوط المبنى الذي كانوا إما ضيوفا فيه أو يستأجرونه.
وإذا سلّمنا جدلاً أن المسيرات الإسرائيلية تراقب مسؤولين من الحزب وتغتالهم في منازل تأوي نازحين، فلماذا لم تستهدفهم قبل وصولهم إلى هذه الأماكن، أو بعد مغادرتهم؟ إن الغاية من هذه الجرائم إحداث شرخ داخل المجتمع اللبناني، وخلق حالة رعب وذعر لدى طوائف أخرى من أبناء الطائفة الشيعية الهاربين من الجحيم الإسرائيلي وعدم استقبالهم، إلى جانب الهدف الأساسي للعدو الإسرائيلي وهو إحداث شرخ كبير ما بين الحزب وبيئته أولاً، وما بين النازحين والبيئات المستضيفة لهم ثانياً، ومحاولة خلق ردّات فعل شعبية رافضة لوجود النازحين الشيعة في المناطق المسيحية والسنيّة والدرزية، والتضييق عليهم في مراكز الإيواء البعيدة كلياً عن مناطق المواجهات.
إن العالم بأسره بات يعلم أن العدو الإسرائيلي لا يحتاج إلى أي ذريعة لتنفيذ مخططاته إن بالعدوان أو قتل المدنين، وقد شهدنا الكثير من المجازر الإسرائيلية التي حصلت إن في لبنان أو غزة، والتي كان العدو الإسرائيلي يختلق الأعذار والأكاذيب بعد القيام بعمله الإجرامي، وفي أحسن الأحوال اذا وجد ردة فعل من قبل منظمات دولية أو إنسانية يذهب إلى تأليف لجنة للتحقيق وتوضع النتائج في الأدراج، وتبقى اسرائيل من دون حسيب أو رقيب.
من هنا المطلوب الحذر من النوايا الإسرائيلية الخبيثة التي تسعى إلى الإيقاع بين أبناء الوطن الواحد، وأن نكون على قدر كبير من الوعي والحكمة في التعاطي مع هذا المشروع الحساس والخطير، فالتاريخ الإسرائيلي حافل بهذه المحاولات لتفتيت منطقتنا إلى دويلات طائفية ومذهبية متناحرة، لكي تبقى هي الأقوى والمتسلطة على شعوبنا وثرواتنا .
في موازاة ذلك فإن هناك ما يوازي خطورة الفتنة التي تحاول إسرائيل زرعها بين اللبنانيين، وهو الخطاب التخويني الذي بدأ يرتفع منسوبه في هذه الأونة، وتقوم على تغذيته وإشعال فتيله للأسف بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، إضافة ايضا إلى بعض المواقع الإلكترونية، وهذا الأمر يجب التنبه له، لأن مفاعيله أخطر من العدوان الإسرائيلي بحد ذاته، ناهيك عن قيام البعض في مهاجمة دول صديقة وشقيقة كانت قد بدأت منذ الاسبوع الأول من الحرب بإرسال شتى أنواع المساعدات إلى كل اللبنانيين النازحين، من دون النظر إلى طوائفهم ومذاهبهم وانتمائاتهم.
نقول لهؤلاء كفوا عن هذا الإسلوب البغيض الذي ينعكس سلبا على لبنان واللبنانيين، لأنكم بذلك تخدمون الهدف الإسرائيلي الرامي إلى سلخ لبنان عن محيطه العربي والإستفراد به للقضاء على التعددية فيه والتي هي نقيض أسس الكيان الإسرائيلي، ونخاطب العقلاء والحكماء في هذا البلد، العمل على درء الفتنة من خلال الخطاب البناء والهادئ، ومنع بعض الموتورين من المساهمة عن قصد أو غير قصد في تحقيق المشروع الإسرائيلي الفتنوي.
وأنهي لأقول عبارة تعودنا على سماعها منذ عقود” الفتنة نائمة لعن الله من يوقظها”.