رأي

الكويت تفتح أبوابها للجميع

كتب سلطان مساعد الجزّاف في صحيفة القبس.

بعد سنوات من المطالبات الاقتصادية والمجتمعية، أصدرت الحكومة قراراً تاريخياً وجريئاً بفتح التأشيرة السياحية لجميع الجنسيات، في خطوة تؤكد عزمها على دفع عجلة التنمية، وتنشيط القطاع السياحي، وتنويع مصادر الدخل الوطني.
إن قرار فتح تأشيرة السياحة في الكويت سيُحدث تحولاً كبيراً في القطاعين الاقتصادي والسياحي، وقد جاء ضمن خطة إستراتيجية تهدف لتعزيز مكانة الكويت وجهةً سياحية إقليمية. كما يسهم في تحسين مركزها في المؤشرات الدولية، وتطوير بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات الخارجية.

ومن المؤكد أن هذا القرار سوف يكون للقطاع الخاص دور كبير فيه، وسينعكس إيجاباً على قطاعات اقتصادية عدة، منها القطاع الخدمي والفندقي والنقل، والمطاعم والأسواق والطيران وفرص العمل وغيرها. كما أيضا ستتأثر بشكل إيجابي على قطاعات أخرى مرتبطة بها، مما يعزز إيرادات الدولة وينعش اقتصادها، ويسهم في الناتج المحلي.

والأهم من ذلك أن هذا القرار سيسهم في كسر حالة الجمود التي عاشتها الكويت لفترات طويلة. وقد جاء في الوقت المناسب حيث تعيش البلاد مرحلة تنمية وتتجه نحو تنفيذ مشاريع تنموية كبرى، منها مطار الكويت الجديد الذي شارف على الاكتمال بقدرة استيعابية تصل إلى 25 مليون مسافر، والميناء الجديد، والمنطقة الشمالية الاقتصادية، إضافة إلى العديد من الفنادق المنتشرة في البلاد وغيرها. وهذه المشاريع حتى تعمل وتحقق أهدافها لا بد من توافر قوة محركة تدعم تشغيلها وتفعيلها. وهذا لا يمكن أن يتحقق من دون تسهيل إجراءات الدخول والفيَز والزيارات، لاستقطاب السياح ورجال الأعمال والمستثمرين، بل وحتى شركات الطيران العالمية حتى تكتمل دورتها الاقتصادية.

ما إن صدر هذا القرار الذي طالما انتظرناه، حتى ظهرت بعض الاعتراضات من قِبل بعض الناشطين الرافضين للتوسع في الفئات المشمولة بمنح التأشيرات، متذرعين بمخاوف متعددة، منها ما هو أمني ومنها ما يتعلق بقدرة البلاد على الاستيعاب، وأخرى تتعلق بروابط القرابة المشمولة بالقرار. ورغم أن هذه الآراء محل تقدير واحترام، إلا أنه لا يمكن أن نبقي البلاد في حالة انتظار وجمود حتى نصل إلى «القرار المثالي» الذي يرضي الجميع بشأن من يدخل ومن لا يدخل. لقد كانت لنا تجربة سابقة رغم قصر مدتها خلال فعاليات دورة الخليج، وقد نجحت نجاحاً باهراً، حيث استقبلنا الضيوف وغادروا من دون أي مشكلات أو مخاوف تذكر. فلا يمكن أن نطالب بتنشيط السياحة من دون سياح أو وفق شروط مشددة تعرقل الهدف الأساسي منها.

كل قرار يحمل في طياته إيجابيات وسلبيات، وهذه الخطوة تمثل تجربة جريئة يمكن تقييم نتائجها لاحقاً والعمل على تطويرها. من المهم ألا تكون نظرتنا ضيقة، بل يجب أن ننظر الى الصورة الشاملة. فالعالم اليوم أصبح أكثر انفتاحاً، والعديد من الدول مثل بريطانيا، والولايات المتحدة ودول الشنغن والصين وغيرها، خففت إجراءات التأشيرة، إيماناً منها بأهمية السياحة في دعم الاقتصاد وتحفيز النمو. بل إن بعض الدول ألغت شرط الحصول على التأشيرة المسبقة، وأصبحت تمنحها عند الوصول. حتى بعض الدول المجاورة التي كانت أكثر تشدداً منا، بدأت أخيراً بتسهيل الإجراءات من دون أن تواجه أي مشكلات تذكر.

لذلك نتقدم بالشكر إلى وزير الداخلية والحكومة على هذا القرار الجريء، وندعوهم في الوقت نفسه إلى مواصلة تطوير الخدمات، خصوصاً في مجالات الأمن، والنقل، والمواصلات، وإنشاء مرافق ترفيهية، وسياحية، وثقافية، تواكب هذا التوجه وتدعمه.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى