الشركة الوطنية للإسكان 2025.. وننتظر المزيد
كتب د. طلال الحربي في صحيفة الرياض.
منذ أن تأسست الشركة الوطنية للإسكان في العام 2016، وهي تمضي قدماً نحو رؤية وطنية متطورة في عالم الإسكان الوطني، وأقول الوطني لأهمية ملف الإسكان، وللأهمية الكبرى التي توليها القيادة الرشيدة لهذا الملف، قد يعتقد البعض أن حل مشكلة الإسكان في أي دولة في العالم متوقف على بناء الدولة للعقارات السكنية، وتوزيعها على المواطنين، ورغم أن دولتنا الرشيدة منذ تأسيسها الثالث وهي تقدم الدعم تلو الدعم في كل المجالات وليس الإسكان وحده، غير أن الأمر ليس بهذه السهولة، حتى في دول مساحتها لا تتجاوز 10 % من مساحة المملكة، وتعداد سكاني لا يتجاوز 10 % من تعداد سكان السعودية، لم تنجح طريقة “ابنِ سكنًا واعطِ للمواطن”، لأن الأمر له تداخلات عديدة، البنى التحتية، والاستدامة والنمو السكاني والجغرافي، والخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وصرف صحي، وخدمات التعليم والصحة والأسواق.. إلخ.
ولكن مع رؤية المملكة 2030، ومع رؤية ولي العهد -حفظه الله- للمستقبل، فإن الأمر اختلف كلياً، لأن مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص مفهوم متى ما نفذ بشكل سليم وصحيح فإن مردوداتها تكون كبيرة وإيجابية، وفي ملف الإسكان أتت الشركة الوطنية للإسكان لكي تكون الذراع التنفيذية الناظمة لطبيعة العلاقة بين القطاعين العام والخاص، والمركز الأساسي الثابت الذي جعلها صاحبة ريادة في التطوير العقاري والبناء السكني والتجاري، وقادت عملية الشراكة الحيوية الاستراتيجية مع القطاع الخاص، إضافة إلى دورها التنظيمي شبه التشريعي في توقع وتنفيذ احتياجات المستفيدين بكل أنواعهم، والإشراف الكلي على عمليات التسويق السكني، حتى تبقى عملية التطوير السكني والعقاري ضمن دائرة تحقق المصلحة العامة للدولة، وهذا ما جعل ملكية الشركة الوطنية للإسكان تنتقل بالكامل إلى ملكية الدولة في العام 2020.
الشركة الوطنية للإسكان بكل كوادرها، من رئيس مجلس إدارتها معالي وزير البلديات والإسكان ماجد بن عبدالله الحقيل، ورئيسها التنفيذي محمد بن صالح البطي، وكل كوادرها العاملة، تقوم وبالتحديد منذ العام 2020 بتطوير هيكل ومهام وأدوات الشركة، والمنجزات المتحققة خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة جدًا، منجزات كبيرة تنم عن حسن الإدارة، وعن دقة التخطيط، والأهم عن مدى معرفة المطلوب فعلاً ومن ثم تحقيقه، لأن الأحلام والطموحات كبيرة، خاصة في مجال الإسكان، لكن دور إدارة الشركة هو ما يمكن تحقيقه في فترة زمنية بسيطة، ويحقق الأهداف المنشودة، لا شك أن المسيرة طويلة ومستمرة، كل عام نزداد سكانيًا، والتوسع الجغرافي العمراني في ازدياد أيضًا.
الحديث عن قطاعات الشركة وفروعها وخدماتها يحتاج إلى مجلد وليس مقالة محدودة الأحرف والكلمات، كذلك عن مشاركاتها ومبادراتها في الأعوام الأخيرة، مثل فعالية سيتي سكيب ومبادرة حياة نبنيها، موقعها الإلكتروني يحتوي على أرقام رائعة عما تم إنجازه وما هو تحت التنفيذ وما هو ضمن مخطط التنفيذ، خاصة أن كل الملفات الوطنية وفي مقدمتها ملف الإسكان، هو أحد أعمدة برنامج جودة الحياة في المملكة، وكما أشرت سابقًا فالأمر ليس على بناء الوحدات السكنية فقط، بل خدمات متكاملة من صحة وتعليم ومدارس وجامعات وأسواق ورياض أطفال ومرافق رياضية وترفيهية، ثم طرق النقل والمواصلات والكهرباء والمياه، عمل جبار حقيقة لا يمكن حصره ولا شرحه بالمختصر.
2025 العام الجديد، ولا جديد في الحس الوطني والعمل الدؤوب والجهد المبذول، لكن الجديد في المنتجات وتحقق الأهداف، وإن كنت أشرت سابقًا في مقالات لي عن ضرورة التمييز بين الملف الإسكاني الوطني، وبين الملف العقاري الاستثماري، لكني أعيد وأكرر في هذه المقالة أن العمل في سياسة الشركة الوطنية للإسكان ليس أمرًا سهلًا، وليس كله عمل تقني مهني، بل هناك تداخلات عديدة وأمور متنوعة لا بد من أخذها بعين الاعتبار، خاصة ونحن نتحدث عن حاجة المستفيدين، وعن تطوير العلاقة مع القطاع الخاص كشركاء حقيقيين، لهذا فإن إدارة الشركة من رئيس مجلس إدارتها معالي الحقيل ورئيسها التنفيذي البطي، عليهم مسؤوليات كبيرة جدًا، وهم على قدر المسؤولية بإذن الله، وهم محل ثقة ولاة الأمر، ولكن سنبقى على الدوام وفي كل عام جديد، ننتظر المزيد.