أمريكا تشخصن الصراع في أوكرانيا!
مقال يلقي باللوم على الولايات المتحدة في الحرب الأوكرانية ويتهمها بشخصنة الصراع وقيادة البلاد إلى كارثة استراتيجية. أليكسي سوبتشينكو – ناشيونال إنترست
تظهر موجة جديدة من الروايات بشأن العملية الروسية في أوكرانيا، بحجة أن أمريكا، وليس روسيا، هي المسؤولة عن الصراع، وأن إدارة بايدن تقوم بشخصنة الصراع من خلال شيطنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأن مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية اتجهت مرة أخرى لقيادة أمريكا إلى كارثة استراتيجية من خلال الترويج لقضية أوكرانيا.
ومن الأمثلة على ذلك مقال نشر في أكتوبر في مجلة المحافظ الأمريكي بعنوان “الأصول الأمريكية للحرب الروسية الأوكرانية”. كتبه كريستوفر لين، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة تكساس إيه آند إم، بالاشتراك مع بنجامين شوارتز، المحرر التنفيذي السابق لمجلة السياسة العالمية، وهو يلقي باللوم على أمريكا أولاً في حرب أوكرانيا.
يقدم لين وشوارتز ثلاث حجج أساسية:
أولاً، يمكن أن يُعزى ظهور أوكرانيا المستقلة إلى فشل الولايات المتحدة في دعم الأمين العام للاتحاد السوفييتي ميخائيل جورباتشوف مالياً، وهو ما كان من الممكن أن يساعد في الحفاظ على الاتحاد السوفييتي ككيان جغرافي واحد.
ثانياً، تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن حرص دول وسط وشرق أوروبا، التي عانت من الواقع القاسي للاحتلال السوفييتي، على الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) كضمانة ضد تكرار مثل هذه التجارب. وبدلاً من النظر إلى مخاوف روسيا وحل الناتو، سمحت الولايات المتحدة لهذه الدول بالانضمام.
ثالثاً، تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن الأزمة الأوكرانية من خلال إعطاء أوكرانيا مؤشراً لعضوية محتملة في الناتو في المستقبل، مما يؤدي في النهاية إلى حرب في أوكرانيا.
ويبدو أن وجهة نظر لين وشوارتز متعاطفة بشكل خاص مع روسيا. وهم يؤكدون أن الاتحاد السوفييتي كانت له مصالح أمنية مشروعة في أوروبا الشرقية، لكنهم يتجاهلون بشكل واضح المخاوف الأمنية المشروعة بنفس القدر لدول أوروبا الشرقية.
كانت دول أوروبا الشرقية حريصة على الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بعد نهاية الحرب الباردة. ويؤكد لين وشوارتزعلى أن الاتحاد السوفييتي صدّق الضمانات الشفهية من إدارة جورج بوش الأب بأن الناتو لن يتوسع شرقًا. ومع ذلك لم يتم توثيق هذه التأكيدات رسميًا. ولم تمتد هذه الضمانات أبدًا إلى بولندا، أو جمهوريات البلطيق، أو تشيكوسلوفاكيا، أو المجر، أو رومانيا، أو بلغاريا، وذلك لأنه في وقت الكشف عنها، لم يكن غورباتشوف أو بوش الأب يتصوران احتمال خروج هذه الدول من حلف وارسو.
لكن دعونا الآن نحول انتباهنا إلى حلف شمال الأطلسي في وضعه الحالي؛ فهو الآن ليس تحالفاً هائلاً، ويتميز بانخفاض التدريب العسكري وعدم تطوير أنظمة أسلحة جديدة. عندما قال وكيل وزارة الدفاع والتر سلوكومب: “إن حلف شمال الأطلسي ليس تحالفاً ضد روسيا”، كان على حق في الأساس، حيث لم يعد حلف شمال الأطلسي يشكل تهديداً كبيراً لأي أحد. وكان أداؤه في أفغانستان بعيداً عن الإعجاب. أما الصراع في أوكرانيا فهو ليس إلا دليلا إضافيا على محدودياته. وفي عام 2022، لم يحقق سوى ستة أعضاء أوروبيين في حلف شمال الأطلسي هدف الحلف الضئيل المتمثل في تخصيص 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي.
وفي هذه الأثناء، تعمل روسيا على تحديث وتوسيع قواتها البرية. ويزعم لين وشوارتز أن الولايات المتحدة وسعت طموحاتها الجيوسياسية والأيديولوجية بهدف تعزيز هيمنتها في أوروبا من خلال توسع الناتو. ولكن تركيا، التي منعت انضمام السويد إلى الحلف لعدة أشهر، أو المجر المتمردة، من الممكن أن تستخدم كدليل على العكس.
إن أكثر ما يزعجني في هذا المقال هو الفكرة الضمنية التي مفادها أن الروس يختلفون بشكل جوهري عن بقية العالم. وأرى أنه من الأجدر أن نرسخ فكرة استمرار الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا، بدلا من تحميل الولايات المتحدة المسؤولية عن الحرب الروسية الأوكرانية.
المصدر: RT