تسويق «خطة النصر»
بعد رحلته الأمريكية التي اجتمع خلالها إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب في محاولة لتسويق «خطة النصر» التي وضعها لهزيمة روسيا وإجبارها على المفاوضات وفق رؤيته، ها هو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجول في أوروبا طلباً لدعم خطته.
في الولايات المتحدة لم يحقق ما يريد باستثناء التعهد بمواصلة الدعم العسكري والمالي، لأن خطته للنصر تستند إلى السماح له باستخدام أسلحة حلف الأطلسي في ضرب العمق الروسي، وهو أمر لا تستطيع الدول الغربية تحمل تكاليفه وتداعياته، لأنه قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا ربما تقود إلى حرب نووية، وهو ما حذّر منه المسؤولون الروس مراراً.
كان زيلينسكي يراهن على القمة التي كان مقرراً عقدها اليوم في قاعدة رامشتاين العسكرية الأمريكية في ألمانيا بمشاركة الرئيس الأمريكي بايدن، والمستشار الألماني أولاف شولتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، لكن رهانه تلاشى بعد أن تم إلغاء الاجتماع لاعتذار بايدن عن الحضور بسبب إعصار ميلتون الذي يضرب جنوب الولايات المتحدة.
وكان زيلينسكي قد أكد مراراً أهمية اجتماع رامشتاين بالنسبة لأوكرانيا ومستقبل مسار الحرب، إذ إنه كان يعلق عليه الآمال في الحصول على مزيد من الأسلحة، إضافة إلى تأييد «خطة النصر» التي كان سيعرضها خلال الاجتماع.
لكنّ المسؤولين الغربيين الذين يؤيدون استمرار دعم أوكرانيا لا يبدون حماساً لخطة زيلينسكي لأنها فوق طاقتهم، إضافة إلى أنها غير مضمونة النتائج، خصوصاً أن روسيا لديها من القدرات العسكرية ما يمكّنها من مواجهة التصعيد بتصعيد أشد منه، وبما يمكن أن يوسع المواجهة بما يتجاوز الأراضي الأوكرانية.
كما في كل دولة يزورها، يجدد زيلينسكي الدعوة إلى الإسراع في إرسال المزيد من الأسلحة إلى بلاده قبل الشتاء، حيث يواصل الجيش الروسي تقدمه في شرق أوكرانيا، وهي الدعوة التي رددها خلال زيارته إلى لندن ثم إلى فرنسا قبل يومين واجتماعه إلى الرئيس ماكرون، حيث أعلن رفضه التفاوض مع روسيا بقوله «المفاوضات ليست موضوع بحثنا»، معتبراً الحديث عن ذلك بمثابة «تضليل إعلامي من موسكو». وقال «لا يمكن لأوكرانيا أن تتفاوض إلا من موقع قوة».
الموقف نفسه كرره زيلينسكي في ألمانيا، حيث التقى المستشار الألماني الذي تنوي حكومته خفض المساعدات العسكرية المخصصة لأوكرانيا، وهو أمر قد ينسحب على دول أوروبية أخرى، وربما على الولايات المتحدة في حال انتخاب ترامب. ووفقاً لمعهد كييل الألماني الذي توقع انهيار المساعدات الغربية، فإن المساعدات المالية ستصل إلى 59 و54 مليار يورو على التوالي في عامي 2024 و2025 إذا أبقى المانحون الغربيون المساعدات على هذا المستوى، وإلا فإنها ستتراجع إلى النصف تقريباً إلى 29 و27 ملياراً تباعاً، وذلك بسبب ما تواجهه هذه الدول من أزمات اقتصادية واجتماعية ومعيشية تلقي بظلالها على المجتمعات الأوروبية.
أمام هذا الوضع الذي تواجهه أوكرانيا في علاقاتها مع الدول الغربية وعلى جبهات القتال، حيث تتحدث رئاسة الأركان الأوكرانية عن «أوضاع صعبة»على خطوط المواجهة، خصوصاً مع قدوم فصل الشتاء الذي سيكون قاسياً بالنسبة للقوات الأوكرانية، ليس أمام الرئيس الأوكراني إلا التواضع قليلاً والتخلي عن تسويق «خطة النصر».
المصدر: الخليج