أبرزشؤون لبنانية

ملخّص “خطّة التعافي”… هذه ابرز بنودها

اشارت “اساس ميديا” الى ان وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان، يتواصل سرّاً، مع خبراء ماليّين واقتصاديين محايدين وبعيدين عن منظومة السلطة من أجل استمزاج آرائهم في ما يرونه الطريقة الفضلى للخروج من الأزمة الاقتصادية بُعَيد تسريب “خطة التعافي”، يعني أنّ الأمر شديد السوء بخلاف ما توحي به إلينا حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

وقد حصل “أساس” على هذه المعلومات من مصادر جديّة وموثوقة تفيد بأنّ هذه الخطوة من الصندوق هي إشارة صريحة إلى أنّ الأخير غير مقتنع بطريقة إدارة السلطة للأزمة، وأنّ ما يُسمّى “خطّة التعافي” لا يلبّي تطلّعات الصندوق ولا وفده إلى لبنان، بل كلّ ما قيل عن توقيع اتفاق مبدئي هو حتى الآن “حبر على ورق” من أجل تمرير الانتخابات.

فالمجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي ومَن هم خلفهما يعرفون جيّداً أنّ في زمن الانتخابات تزداد الوعود وتتضاعف الأكاذيب.

حصل “أساس” على هذه المعلومات من مصادر جديّة وموثوقة تفيد بأنّ هذه الخطوة من الصندوق هي إشارة صريحة إلى أنّ الأخير غير مقتنع بطريقة إدارة السلطة للأزمة

خطة التعافي، التي حاولت الحكومة “تهريبها” تحت جنح الظلام، اطّلع “أساس” على مسوّدتها، وأقلّ ما يُقال عنها أنّها لا ترقى إلى مستوى أن تكون “خطة”، بكلّ بساطة، وإنّما هي مجموعة أفكار أو محاولة إطلاق نوايا لا تخلو من أحرف التنفيس والتسويف: “سوف نفعل كذا… وسنعمل على كذا”. لكنّها في المقابل تخلو بشكل مريب وغريب من أيّ إشارة إلى “الفساد” ولو بكلمة واحدة، فترى أنّ أسباب الأزمة هي العجز في الميزان التجاري والماليّة العامة، نتيجة هشاشة هيكل الاقتصاد اللبناني وغياب المؤسسات القوية، وكأنّ لبنان كان طوال تلك السنين دولة غنيّة ونامية تحوّلت فجأةً إلى تسجيل عجز في ميزان مدفوعاتها!

أمّا الشرارة التي أطلقت هذه الأزمة، وفق ما يرى فريق ميقاتي، فهي “السحوبات الكبيرة من الودائع”، ولاحقاً تخلُّف الدولة عن سداد التزاماتها في سندات اليوروبوندز، ثمّ فيروس كورونا، وأخيراً انفجار مرفأ بيروت.

شطب الودائع

تتحدّث الخطة بكلّ ثقة عن الإصلاح، وعن تعزيز النموّ وخلق فرص عمل جديدة من خلال “تحفيز البيئة الاستثمارية المشجّعة للقطاع الخاص”، وهذا يبعث على تأكيد حال “الإنكار” التي تعيشها السلطة. تلك السلطة التي تعجز عن توفير التيار الكهربائي ليوم واحد فقط في كلّ لبنان يوم الانتخابات النيابية… فعن أيّ إصلاح يتحدّثون؟

تقول الحكومة في خطتها المجيدة إنّ إعادة رسملة القطاع المصرفي “بحاجة إلى نحو 72 مليار دولار، أي ما يزيد على 300% من تقديرات الناتج المحلي الإجمالي للعام 2021”. وفي نظرها فإنّ ردم هذه الخسائر ضروري جدّاً من أجل إعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وهي تتطلّع إلى إنجاز ذلك من خلال استراتيجية “تغييرات تشريعية” قوامها:

1- إقرار قانون طارىء لإعادة هيكلة المصارف.

2- إقرار قانون الكابيتال كونترول.

3- تعديل قانون السرّية المصرفية.

كلّ ذلك ظنّاً منها أنّ إقرار النقاط الثلاث أعلاه على الورق سيدفع الناس، لبنانيين وغير لبنانيين، في الداخل وفي الخارج، إلى التهافت على أبواب المصارف من أجل إعادة الدولارات إلى حساباتهم فيها.

أمّا في ما يتّصل بكارثة مصرف لبنان فتتطلّع الحكومة إلى “إعادة تكوين رأسماله”، وتكشف أنّ “التقديرات الأوّليّة” (دقّق في مصطلح أوّليّة) تشير إلى أنّ الرأسمال السلبي في مصرف لبنان هو نحو 60 مليار دولار، لكنّها تقرّ في الوقت نفسه بأنّ هذا الرقم “بحاجة إلى مزيد من التدقيق”، وهي جملة كفيلة بإخبار القارىء عن مدى جدّيّة الحكومة في وضع هذه الخطة المزعومة. فأيّ صورة ينقلونها بهذا الكلام إلى صندوق النقد الدولي؟

بعد هذا الانطباع السلبي، تخبرك الحكومة في خطتها أنّها عازمة على “شطب 60 مليار دولار بالعملات الأجنبية من التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف التجارية”، أي من أموال المودعين التي قامت المصارف بإقراضها للدولة عن طريق مصرف لبنان.

تتعهّد الخطة بإعادة بناء قدرة الحكومة على “تحصيل الضرائب ورسوم الجمارك”، من خلال “تحسين الامتثال الضريبي من أجل تعزيز الإيرادات”

الاستدانة مجدّداً

تعلن الحكومة بعد ذلك في خطتها أنّها ستعيد رسملة مصرف لبنان بـ”سندات سيادية” قيمتها 2.5 مليار دولار قابلة للزيادة، على أن تُلغي ما تبقّى من خسائر في الرأسمال تدريجياً على 5 سنوات. لكن من هو “العاقل”، في الداخل أو الخارج، الذي سيستثمر في سندات مصرف لبنان؟

أيضاً هذا إعلان صريح بالعودة إلى الاستدانة من دون رسم هويّة جديدة للاقتصاد اللبناني، التي لا سبيل للخروج من عنق الزجاج من دونها.

تتحدّث الخطة أيضاً عن إعادة رسملة المصارف “القابلة للاستمرار”، وذلك بالتوازي مع “حلّ تلك غير القادرة على الاستمرار”، وهذا يعني أيضاً أنّ ثمّة مصارف ستُفلس وتختفي وربّما يختفي معها جزء من أموال المودعين.

ستتطلّب هذه العملية، وفق الخطة، “إسهامات كبيرة من المساهمين في المصارف ودائنيها من غير أصحاب الودائع”، بل “إسهامات ضخمة من كبار المودعين”، وفق “نهج يراعي تراتبيّة الحقوق”، فيُصار إلى شطب رأسمال المصارف أوّلاً، ثمّ شطب سندات المديونية الثانوية، وأخيراً شطب ودائع الأطراف ذات الصلة، أي ودائع كبار المودعين.

بحسب منطوق هذه الخطة، فإنّ صغار المودعين الذين تتعهّد بحمايتهم هم “كلّ مودع في كل بنك” حجم وديعته يصل إلى حدود 100 ألف دولار، من دون أن تشمل هذه الحماية الزيادة التي تطرأ على الحساب بعد 31 آذار 2022، من دون أن تحدّد الطريقة التي وصلت بها إلى هذا التاريخ ولماذا، ومن دون التمييز بين الودائع الدولارية التي حُوِّلت من الخارج، وهي دولارات حقيقية، وتلك التي اشتراها المودعون بالليرة اللبنانية عبر المصارف بخلاف قيمتها الحقيقية. وهذا ما تسبّب في الأسبوع الفائت بارتفاع سعر الصرف إلى نحو 28 ألف ليرة للدولار الواحد نتيجة تسريب الخطة وتهافت المودعين الكبار على بيع الشيكات، الأمر الذي خلق طلباً كبيراً على الدولار في “السوق السوداء”.

أمّا كبار المودعين فتشير الخطة إلى تحويل جزء من ودائعهم بالعملات الأجنبية إلى الليرة اللبنانية بأسعار صرف “ليست تبعاً لسعر سوق القطع” (سعر ثابت مهما تغيّر سعر الصرف في السوق السوداء، لكنّه لم يُحدّد بعد)، كاشفةً أنّ الحكومة “شرعت بتقييم الخسائر وبنية الودائع لكلّ مصرف على حدة”، وذلك لـ”أكبر 14 مصرفاً، لأنّها تمثّل 83% من مجمل الأصول”.

لا تغلق الخطة الباب في وجه بقيّة الودائع بالعملات الأجنبية، فتشير إلى إمكانية “إعادة ما تبقّى من هذه الودائع بسعر يحدّده السوق” (أيّ سوق ووفق أيّ سعر صرف؟).

في ملفّ الكهرباء الشائك، تلتزم الخطة بـ”إجراء إصلاحات شاملة” لتحسين الجدوى التشغيلية من خلال تحديث إطارها القانوني لشركة كهرباء لبنان، وتقليل التكاليف المالية من خلال المساءلة والشفافية والمراقبة

تعزيز الإيرادات من خلال الضرائب

تتعهّد الخطة بإعادة بناء قدرة الحكومة على “تحصيل الضرائب ورسوم الجمارك”، من خلال “تحسين الامتثال الضريبي من أجل تعزيز الإيرادات”، وذلك من خلال تقييم التعرفة الجمركية على الواردات بسعر صرف رسمي موحّد وجديد، وإضافة رسوم جديدة أخرى، أهمّها:

1- تحفيز المكلّفين لدفع ضريبة الدخل ومنح إعفاءات على ضريبة القيمة المضافة.

2- زيادة الضريبة على المشروبات الكحولية والمشروبات السكّرية وأصناف محدّدة من السيارات.

3- رفع الـTVA من 11% إلى 15% على مدى سنتين.

4- زيادة الضريبة على الأملاك والعقارات المبنية.

5- إصلاح سياسات التعرفة الجمركية.

كلّ ذلك من أجل تقليل الدين العام إلى ما دون 100% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2026، ثمّ إلى 76% بحلول 2032، من دون إغفال الخطة لضرورة “إنشاء هيكل نقدي جديد”، يقوم بـ”كبح التضخّم وخفض سعر الصرف” الذي لن يبقى ثابتاً، وإنّما سيكون عائماً ولن تتدخّل الحكومة لضبطه إلّا عند التقلّبات الحادّة.

إصلاح مصرف لبنان

في نظر الحكومة، فإنّ ما ورد ذكره أعلاه لناحية ضبط سعر الصرف والتضخّم المفرط، لا يمكن الوصول إليه إلّا من خلال سنّ تشريع جديد لمصرف لبنان في نهاية آذار 2023، يتطلّع إلى تعزيز الرقابة العامّة على المصرف المركزي، ومنعه من تمويل عجز الحكومة. وذلك من خلال وضع آليّة توافقية للقرارات ضمن إدارته التنفيذية، إضافة إلى فصله عن هيئة التحقيق الخاصة وهيئة الأسواق الماليّة والمجلس الأعلى للمصارف، إضافة إلى بنود تفصيلية أخرى.

الكهرباء أزمة الأزمات

في ملفّ الكهرباء الشائك، تلتزم الخطة بـ”إجراء إصلاحات شاملة” لتحسين الجدوى التشغيلية من خلال تحديث إطارها القانوني لشركة كهرباء لبنان، وتقليل التكاليف المالية من خلال المساءلة والشفافية والمراقبة. تعهّد ينسحب، بحسب الخطة، على جميع المؤسسات المملوكة من الدولة من دون الإشارة إلى حجم القطاع العام وضرورة ترشيقه أو تهذيبه!

إقرأ أيضاً: الكابيتال كونترول: غطاء قانونيّ للمصارف بلا مقابل

لكنّها في المقابل تقرّ وتعترف بالتواصل مع “شركة مرموقة ومستقلّة” من أجل إجراء مراجعة تشغيلية وتدقيق مالي في مؤسسة كهرباء لبنان ومرفأ بيروت ومطار بيروت وكازينو لبنان وشركة طيران الشرق الأوسط ومشغّلَيْ الاتصالات وإدارة حصر التبغ والتنباك، على أن تنتهي المراجعة في هذه المؤسسات في نهاية آذار 2023، فنرجع عوداً على بدء إلى “ماكنزي جديدة”!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى