الخطاب السامي والأولويات الوطنية
كتب د. سعود محمد العصفور في صحيفة القبس.
جسد الخطاب السامي كل طموحات الشعب الكويتي بجميع فئاته، ورسم خريطة جديدة للمشهد السياسي وأولويات العمل في بناء صرح حياة ملؤها التفاؤل بمستقبل كويتي زاهر واعد، جاء كل ذلك في خطاب سمو الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وأجرى الخير والنماء على يديه. ويمكن إجمال ذلك فيما يلي:
1- التأكيد على أن التعاون بين السلطتين التشريعية ممثلاً بنواب الأمة، والسلطة التنفيذية ممثلاً بالحكومة يمثل ركيزة أساسية، وأن هذا التعاون مؤطر بإطار المصلحة الحقيقية العامة للوطن والمواطنين، وليس لأمور شخصانية بعيدة عن تحقيق هذه المصلحة، بل مآلها الإضرار بالوطن وخراب مؤسساته.
2- أن القرارات التي تتخذ قد يختلف الناس فيها نفعاً أو ضرراً، لكن إن صدرت عن ولي الأمر، فله السمع والطاعة لأن طاعته من طاعة الله، ما لم تكن في معصية الخالق.
3- أن حمل الأمانة عظيم، والقسم على أدائها أعظم عند الله لأنها تتعلق بحقوق الرب، ثم بحقوق عباده، لذا الإخلاص للشعب الكويتي الوفي من القيادة كممثلة للشعب وللوطن هو أولوية لا يمكن الحياد عنها تحقيقاً لمصالح البلاد والعباد، والحفاظ على الوحدة الوطنية التي تكفل رفعة الوطن وتقدمه وازدهاره، تأسياً بالدين الحنيف والثوابت الوطنية والدستورية.
4- مكافحة كل صور الفساد وأشكاله تأسياً بما ورثناه من قيم للآباء والأجداد تستلزم الأمانة، وما حفظناه من وصايا حكامنا السابقين –طيب الله ثراهم– بأن الكويت هي البقاء والوجود وأن أعمار الحكام الحقيقة إنما هي في أعمالهم الخيرة لمصلحة الوطن والمواطنين.
5- التأكيد على استمرار نهج ودور دولة الكويت الريادي في علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة في مختلف القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، حفاظاً على الالتزامات والثوابت الخليجية والإقليمية والدولية، وهو أمور لازمة تضمن حسن الجوار والتعاون البناء المشترك.
6- أن خطابات سموه الكريم السابقة التي أكد خلالها وجود استحقاقات وطنية ينبغي القيام بها من قبل السلطتين التشريعية والتفيذية لمصلحة الوطن والمواطنين، لم يلمس سموه إزاءها أي تغيير أو تصحيح للمسار، بل وصل الأمر إلى أسوأ من ذلك بأن تعاونت السلطتان التشريعية والتفيذية على الإضرار بمصالح البلاد، وأن الضرر قد تمثل في ما يلي:
أ – التجاوز في التعيينات والنقل في بعض الوظائف والمناصب، وهو أمر لا يتفق مع أبسط معايير العدالة والإنصاف والاستحقاق.
ب – ما حدث في ملف الجنسية من تجاوزات، وهو ملف حساس لأن التلاعب به يؤدي إلى تغيير الهُوية الكويتية، وخاصة أن هناك جهازا معنياً بهذا الأمر لا ينبغي القفز عليه أو تجاوزه وهو الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية برئاسة العم صالح الفضالة وهي شخصية وطنية شهد الجميع على وطنيتها ونزاهتها.
ج – ملف العفو وما ترتب عليه من تداعيات واستحقاقات، والتسابق على رد الاعتبار، وهو أمر يستلزم إعادة النظر فيه حفاظاً على أمن واستقرار الوطن وإقرار كل الحقوق للمواطنين.
7- أن سكوت أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية عن هذا العبث المبرمج في هذه الملفات وغيرها أسبغ عليها صفة الشرعية، وكأن الأمر أصبح بهذا السكوت يمثل صفقة تبادل المصالح والمنافع بين السلطتين على حساب مصالح الوطن والمواطنين.
8- أن تلك الأمور وهذا العبث هو السبب الذي أوجب القرار السيادي من سموه المكتوب القاضي بوقف جزء من هذا العبث من خلال وقف قرارات التعيين والترقية والنقل والندب لأجل مسمى. فضلاً عن العزم الأكيد بالتعامل مع بقية الملفات الأخرى في ما بعد بما يحقق مصالح البلاد العليا.
9- التأكيد على ما جاء في خطابات سموه في مناسبات عديدة الحذر بأن الأزمات والتحديات والأخطار المحيطة تستلزم الحكمة في إدراك عظم وحجم المسؤولية والتمسك بالوحدة الوطنية التي هي ضمانة البقاء بعد الله لما يتعين علينا اليوم فعله.
10- التأكيد أننا نمر بمرحلة تاريخية دقيقة تستوجب ضرورة مراجعة واقعنا الحالي في كل جوانبه الأمنية والاقتصادية والمعيشية.
11- أن لغة الحوار بين الجميع ينبغي أن تسود وأن تبادل الرأي والمشورة والنصيحة أمور لازمة هدفها إشاعة أجواء التفاؤل وبث روح الأمل لتحقيق الطموح المنشود للوطن.
12- ضرورة التأني والتريث في إصدار القوانين والقرارات التي لها تأثير مباشر على المكتسبات الوطنية حفاظاً على الهُوية الكويتية وتعزيزاً للمواطنة الحقة للكويتيين الذين يؤمنون بأن الكويت هي البقاء والوجود، وأن الولاء لها ضرورة حتمية.
13- أن المسؤولية تتطلب القرب من الجميع والاستماع إلى الآراء والنصائح، ومتابعة كل ما يحدث من مجريات الأمور والأحداث والتأكيد على أهمية المتابعة والمراقبة المسؤولة والمساءلة الموضوعية والمحاسبة الجادة في إطار الدستور والقانون تجنباً للإهمال والتقصير والعبث بمصالح الوطن والمواطنين.
14- التمني على الجميع أن يبروا بقسمهم العظيم أمام خالقهم، ثم أمام قيادة الوطن والشعب، وأن يكونوا أوفياء للوطن والمواطنين.
15- دعوة خالصة أن تبقى الكويت واحة أمن وأمان ومنبع خير وسلام وأن يديم عليها الخير، وأن يتضافر الجميع على التضحية من أجلها، وأن يرحم شهداءها الأبرار، وأن يتغمد موتاها وموتى المسلمين بواسع رحمته، وأن يشفي مرضاها ومرضى المسلمين، وأن يمتع الجميع بالصحة في الأبدان وفي الوطن بالأمن والأمان.
هكذا جاء خطاب سموه ليكون بلسماً، وبداية عهد جديد عنوانه المكاشفة والمصارحة وصولاً لرفعة الوطن وتحقيق آماله وطموحاته في ظل قيادة واعية مدركة لعواقب الأمور وتداعياتها.
وختاماً نقول بعبارة واضحة: ليس الإنجاز وكثرته من السلطتين التشريعية والتنفيذية هو منة على الوطن وأهله إن صاحبه الإفساد والإضرار بمصالحه ومصالح المواطنين.
حفظ الله الكويت تحت قيادة أميرها وقائد مسيرتها سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله، ومن يعينه في حمل تبعاتها من أسرة الصباح الكريمة ومن غيرهم من أبناء الكويت ورجالها الأفذاذ.