اقتصاد ومال

المجلس السيادي يُحكم قبضته على “المركزي السوداني”

أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، مرسوماً دستورياً بتبعية بنك السودان المركزي لمجلس السيادة، ويأتي القرار في إطار إعادة هيكلة المؤسسات المالية بالبلاد.

ويتخذ البنك من الخرطوم مقرا لها، وواجه صعوبات شديدة في إدارة نشاطه مع اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، ونقل أنشطته إلى بورتسودان.
وكان بنك السودان المركزي يتبع سابقاً لمجلس الوزراء، وفق الوثيقة الدستورية التي تحدد الأطر القانونية والإدارية للسلطات بالبلاد.

ويعكس هذا القرار التوجه نحو تعزيز دور مجلس السيادة في إدارة الشؤون الاقتصادية، بحسب مراقبين لـ”العربي الجديد”.
وقال المدير العام السابق لبنك المال المتحد، كمال الزبير، لـ”العربي الجديد”، إن البنوك المركزية في غالب دول العالم تتمتع بكامل الاستقلالية في سياساتها النقدية، حيث يتخذ ما يراه في مصلحة الاقتصاد من ناحية أسعار الفائدة، للتحكم في التضخم وحجم الكتلة النقدية.

وأشار إلى عدم سماح البنوك المركزية عالمياً لوزارة المالية بالاستدانة من النظام المصرفي إلا في حدود نسب معينة متعارف عليها، موضحاً أن سلطة الرقابة على البنك المركزي وتعيين قيادته من اختصاص الهيئات التشريعية أو قيادة الدولة.
وقال إن البنك المركزي السوداني كان يتبع لرئاسة الجمهورية في عهد حكومة الإنقاذ. ولفت إلى احتمال أن يكون وراء قرار تبعية المركزي لمجلس السيادة، فصله عن وزارة المالية، وفي الوقت نفسه إعطاء مجلس السيادة نوعاً من السلطة التنفيذية عليه لاعتبارات وتجاذبات سياسية وليست جوهرية.
ووصف الزبير الوضع الراهن في السودان بغير المتوازن، مبيناً أن معظم مرافق البلاد لا تعمل وفق الأسس والضوابط المتعارف عليها، لذلك من الصعب تحديد ما قد يتبعه من سياسات نقدية مستقبلاً.
من جانبه، قال المدير العام السابق للبنك الفرنسي، عثمان التوم: “البنك المركزي كان يتبع لوزارة المالية أكثر من تبعيته لمجلس الوزراء”.

وأوضح أن ذلك ترتب عليه استمرار البنك في طباعة النقود رضوخاً لوزارة المالية التي عجزت عن توفير موارد حقيقية لسداد التزاماتها.

تبعية المركزي السوداني

وأكد استمرار الوزارة في الاستدانة من النظام المصرفي من دون مقدرة على السداد، ما أدى إلى تسارع التضخم وتدهور سعر صرف العملة المحلية، ومن ثم نتج من ذلك تآكل رؤوس أموال البنوك، إضافة إلى عدم قدرة البنك المركزي على ضخ أي أموال للمصارف لإعانتها على تلبية احتياجات التمويل للقطاعات الإنتاجية والخدمية، لأن الاهتمام انصب على حل مشكلة وزارة المالية، وليس القطاع المصرفي الذي كان من الممكن أن يسهم في حل مشكلة الموارد على الأقل من خلال تحصيل الضرائب من القطاعات التي موّلتها البنوك.

وقال التوم إن الهدف من تبعية البنك لمجلس السيادة هو إيقاف أو ضبط الاستدانة وترشيدها، وحث المالية على إيجاد بدائل لها، فقد تكون خطوة إيجابية إذا تبعتها أو تزامنت معها خطوات عملية تشمل إصلاحات أخرى منها ترشيد الإنفاق الحكومي، وتحسين كفاءة النظام الضريبي، والبحث عن مصادر تمويل أخرى. وأشار التوم إلى ضرورة استقلالية البنك المركزي من أجل تحقيق استقرار السياسة النقدية والنظام المصرفي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى