20 عاما على الغزو.. ما مستقبل “النفوذ” الأميركي في العراق؟
مع قرب حلول الذكرى العشرين للغزو الأميركي للعراق في 20 مارس 2003، الذي أسقط نظام الرئيس السابق صدام حسين، أتت زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، لبغداد لتطرح آفاق ومستقبل العلاقات الأميركية العراقية في عالم ما بعد حرب أوكرانيا.
ويرى مراقبون أن زيارة وزير الدفاع الأميركي، في ظل تصاعد الأزمات الدولية والإقليمية، هي علامة على أن العراق لا يزال يحظى بأهمية قصوى لدى واضعي سياسات واشنطن في المنطقة وحول العالم.
ويشيرون إلى أن الزيارة تحمل رسائل بعدة اتجاهات، ومفادها الأساسي أن واشنطن متمسكة بلعب دور رئيسي في العراق وبالمحافظة على نفوذها فيه لما يتمتع به من أهمية جيوسياسية واقتصادية، في ظل احتدام التجاذبات العالمية وصراعات السيطرة والفضاءات الحيوية بين اللاعبين الكبار، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
واقع ما بعد حرب أوكرانيا
فيما يرى محللون آخرون أن واشنطن تحاول استدراك تراجع نفوذها الإقليمي عامة وفي العراق على وجه الخصوص، لكن واقع العلاقات الدولية ما بعد حرب أوكرانيا، يعطي فسحة واسعة أمام مختلف دول المنطقة ومنها العراق لتجنب التخندق في محاور عالمية ضد أخرى، وعدم التورط في صراعاتها ومنافساتها وتصفيات حساباتها.
هندسة النفوذ الأميركي بالعراق
يقول مدير مركز التفكير السياسي في بغداد، الدكتور إحسان الشمري، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
أميركا تعمل على هندسة مستقبل نفوذها وحضورها في العراق ليس فقط عسكريا وأمنيا كقوات استشارية، بل هي حريصة على ضمان حضورها السياسي والدبلوماسي فيه وعلى مختلف المستويات.
واشنطن بعد 20 عاما ترى أنها بحجم التضحيات التي قدمتها للإطاحة بالنظام السابق، وتشكيل عراق ما بعده هي جزء لا يتجزأ من تأسيس النظام السياسي الحالي بالعراق، ولهذا فهي لا تضع بحساباتها إمكانية الانسحاب من العراق قدر سعيها لتكريس تواجدها طويل الأمد فيه.
أميركا في سياق مجابهتها للتحديات أمامها في المنطقة سواء الإيرانية أو الروسية أو الصينية، تضع في حسبانها أن الجغرافيا العراقية بالمعنى الاستراتيجي سياسيا واقتصاديا وأمنيا، لا بد من أن تكون محور اهتمام أميركي.
بهذا المعنى، فإن صعود العراق مجددا في سلم الأولويات الأميركية، هو جزء من هذا الالتزام الطويل لواشنطن في بلاد الرافدين، وحرصها على ضمان دور رئيسي فيها في سياق التجاذبات الإقليمية والدولية.
يضيف الشمري:
التعاون الأميركي العراقي ليس مرتبطا فقط بمحاربة تنظيم داعش وبالملف الأمني وحسب، بل أن ما يربط البلدين من ملفات يشمل مختلف القطاعات والمجالات ولا سيما السياسية والاقتصادية وخاصة في مجالي الطاقة والسياسات المصرفية، وفي عدد لا يحصر من القطاعات.
الولايات المتحدة عادت من جديد إلى العراق بعد ظهور داعش والذي لا زال تحديا كبيرا أمام بغداد وواشنطن، لكن أميركا تسعى لجعل العراق محطة لمواجهة مختلف التحديات أمام سياساتها في المنطقة.
حاجة متبادلة
بدوره، يقول رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية الدكتور رائد العزاوي، في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
العلاقات الأميركية العراقية بعد عقدين على سقوط النظام السابق أمام منعطف جديد، وزيارة أوستن هذه هي لا شك مهمة جدا وهي تأتي تعبيرا عن الحاجة للحوار بين الطرفين لمواجهة التحديات المشتركة، وضمان استمرار التنسيق والشراكة بين البلدين.
وهكذا، فالجانب العراقي بدوره يعي تماما أهمية بقاء الأميركان في العراق، ولا سيما في ظل التوترات الإقليمية والداخلية وتهديدات تنظيم داعش المتواصلة والدور السلبي للميليشيات المحلية الموالية لطهران. ولهذا فالتحالف الدولي باق في العراق، ورئيس الوزراء العراقي (السوداني) نفسه قالها صراحة خلال لقائه أوستن، حين عبر عن رغبة العراق بتكريس علاقة فعالة مع الولايات المتحدة.
هذه الزيارة محط قلق من قبل إيران ولا شك كونها تعتقد أن العراق بوابة لها، ولهذا فقد تنعكس زيارة أوستن على شكل إعادة صانع القرار الإيراني لحساباته في جملة ملفات حيوية وحساسة أهمها، الملف النووي والتفاوض حوله مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
رسائل
وهكذا فهي زيارة متعددة الرسائل والدلالات، لكنها مؤشر ولا ريب على رغبة واشنطن في المضي بنسج علاقة استراتيجية قوية مع بغداد التي هي أيضا بحاجة لذلك، وعلى قاعدة التوازن والتكافؤ والمصالح المشتركة.
المصدر: سكاي نيوز عربية
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن “رأي سياسي” وإنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا