صندوقنا السيادي وقيادة النمو
كتب طلعت حافظ في صحيفة الرياض.
كشف التقرير السنوي المالي لصندوق الاستثمارات العامة 2023 عن نمو ملحوظ وتقدم محرز بالعديد من الجوانب المالية وغير المالية للصندوق، بما في ذلك في مجال بناء الشراكات الاستراتيجية وتأسيس الشركات وتنويع قاعدة الأصول المدارة توافقاً مع رؤية الصندوق الطموحة الرامية للسعي لأن يكون للصندوق دور ملموس وملحوظ في الحراك الاقتصادي الذي تشهده المملكة العربية السعودية منذ انطلاقة رؤيتها المباركة في 25 إبريل 2016، والى جانب خلق تأثير على مستوى العالم.
التقرير أوضح أن الأصول تحت إدارة الصندوق، قد حققت نمواً كبيراً في عام 2023، بلغت نسبته 29 %، لتصل قيمتها إلى 2.87 تريليون ريال سعودي مقارنة بمبلغ 2.23 تريليون ريال سعودي في نهاية عام 2022.
هذا النمو الضخم والهائل في قيمة الأصول المدارة للصندوق، يعود نتيجة للجهود المبذولة من قبل القائمين على إدارة الأصول وتنميتها، باتباع سياسة حصيفة لإدارة وتنمية الأصول تحت الإدارة، حيث على سبيل المثال لا الحصر، منذ إعادة هيكلة الصندوق في عام 2015، أَطلق الصندوق حزمة من المشاريع التنموية الكبرى ضمن 13 قطاعاً اقتصادياً مستهدفاً، منها ما يرتبط بالترفيه والسياحة والرياضة، والطيران والدفاع، والمرافق والطاقة المتجددة، والتطوير العقاري، والرعاية الصحية، والمركبات والنقل والخدمات اللوجستية.
كما وركزت محفظة الاستثمار على استثمارات الشرق الأوسط، والاستثمارات الدولية، والاستثمارات العقارية المحلية، والشركات المملوكة للصندوق، هذا وكما تتكون المحافظ الاستثمارية للصندوق، من محفظة استثمارات عالمية استراتيجية، ومحفظة استثمارات عالمية متنوعة، ومحفظة استثمارات في الشركات السعودية، ومحفظة الاستثمارات في المشاريع العقارية ومشاريع البنية التحتية السعودية، ومحفظة المشاريع السعودية الكبرى.
وبتحليل أداء وتشكيلة المحافظ الاستثمارية للصندوق، يتضح بأن 76 % من المحافظ الاستثمارية للصندوق محلية، في حين 20 % منها عالمية والنسبة المتبقية 3 % تصنف كاستثمارات خزينة، ما يؤكد على أن التوجهات الاستثمارية للصندوق محلية، إيماناً من القائمين على إدارة الصندوق، بمتانة وجدوى الاستثمارات المحلية، حيث كشف تقرير الصندوق أن 85 % من استثمارات الصندوق تدار محلياً، والنسبة المتبقية تدار خارجياً.
إن الإدارة الحكيمة لأصول الصندوق والتنويع بالمحفظة الاستثمارية بالمجالات ذات الأولوية، فقد صنف الصندوق كسادس أكبر صندوق ثروة سيادي على مستوى العالم من حيث الأصول المدارة بنهاية عام 2023 وفقاً لمؤسسة SWF Institute، كما واستمرت مكانة الصندوق البارزة في الساحة العالمية في الارتفاع جنباً إلى جنب مع محفظة أصوله تماشياً مع استراتيجيته التوسعية على المستوى الدولي، حيث قد ارتفعت مرتبة الصندوق في التصنيف العالمي لصناديق الثروة السيادية 64 مرتبة عن المركز 71 إلى المركز السابع عالمياً في نهاية عام 2023، وفقاً لتصنيفات الحوكمة والاستدامة والمرونة CSR لمؤسسة Global SWF.
وفقاً للتقرير ومع التقدم الذي أحرزه الصندوق خلال السنوات الثلاث الأولى في تنفيذ استراتيجيته التوسعية، خلال الفترة 2021-2025، يسعى الصندوق لتحقيق أثر اقتصادي أكبر من خلال المحافظة على تركيزه الاستراتيجي على تنمية وتنويع اقتصاد المملكة، والاستمرار في الاستثمار محلياً لاستكشاف إمكانات النمو في القطاعات الوطنية ذات الأولوية، بما في ذلك الاستثمار دولياً لتوسيع وتنويع قاعدة أصوله وتحقيق عوائد مستدامة تعزز من مقدرات الاقتصاد المحلي.
وتبعاً لذلك فقد حدد الصندوق أهدافاً طموحة ضمن استراتيجيته ليشمل ذلك زيادة إجمالي الأصول المدارة لتصل إلى 4 تريليونات ريال سعودي ورفع مساهمته وشركات محفظته في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 1.2 تريليون ريال سعودي تراكمياً، هذا بالإضافة إلى استهداف زيادة مساهمته وشركات محفظته في المحتوى المحلي إلى 1.2 تريليون ريال سعودي تراكمياً، بالإضافة إلى استهدافه لزيادة مساهمته وشركات محفظته في المحتوى المحلي إلى 60 % وزيادة الاستثمار غير الحكومي التراكمي إلى 12 تريليون ريال سعودي بما يشمل الاستثمارات الأجنبية والمحلية المباشرة.
أخلص القول؛ إن تقرير صندوق الاستثمارات العامة للعام المالي 2023 كشف عن نتائج مالية وغير مالية قوية للصندوق، والتي دللت بوضوح على استمرار الصندوق في اتباع سياسات استثمارية متنوعة، جل تركيزها محلياً لدعم النمو الاقتصادي الذي تشهده المملكة العربية السعودية.
كما وكان للصندوق دور مهم في خلق الوظائف في الاقتصاد، حيث تمكن من استحداث 730,249 جديدة خلال العام الماضي وصولاً إلى 2,553 موظف وموظفة بنهاية نفس العام وإلى أكثر من 1.1 مليون موظف بنهاية النصف الأول من العام الجاري.
كما وتَمكن الصندوق من تحقيق إجمالي عائد للمساهمين 8.7 % والذي يعتبر عائداً تاريخياً، بالإضافة إلى تأسيس 23 شركة جديدة، ليصل عدد الشركات التي أسسها الصندوق إلى 95 شركة وارتفاع قيمة الأصول المدارة إلى 3.47 تريليونات ريال سعودي بنهاية النصف الأول من العام الحالي، واحتل المرتبة الأولى عالمياً في دراسة استطلاعية أعدتها “براند فاينانس” باعتباره صاحب العلامة التجارية الأعلى قيمة بين صناديق الثروة السيادية بقيمة بلغت 1.1 مليار دولار أميركي.