المرتضى: أخشى ما أخشاه أن نكون أمام فرصة أخيرة.
تساءل وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى “كيف لعاقل او وطني ألا يسارع الى تلقف دعوة الرئيس نبيه بري للحوار، وهي دعوة جدية وحكيمة وصادقة، فتحت كوة نور في جدار ازمة الاستحقاق الرئاسي”.
كلام المرتضى جاء خلال رعايته وحضوره الحفل الذي اقيم احتفاء بانتهاء اعمال الترميم الأولى في قصر نوفل “مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي” في طرابلس، الذي نظمته بلدية طرابلس وبعثة الإتحاد الأوروبي وبرنامج الامم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان.
كما أعلن على هامش الحفل، توقيعه على القرار المتعلق بتشكيل الهيئات التي ستتولى إقامة فعاليات “طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2024 “.
وحضر الحفل الى المرتضى، النائبان الدكتور حيدر ناصر وجميل عبود، ممثل النائب فيصل كرامي المحامي عادل الحلو، ممثل النائب اشرف ريفي محمد كمال زيادة، رئيس بلدية طرابلس المهندس احمد قمرالدين، رئيسة قسم التعاون في في لبنان ورئيسة فريق الاقتصاد والاتفاق والتنمية المحلية اليسيا سكوارسيلا، مديرة برنامج الامم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان تانيا كريستيانسن، المهندسة ديما حمصي عن اتحاد بلديات الفيحاء، رئيس اللجنة الوطنية للاونيسكو المحامي شوقي ساسين، ممثلة الجمهورية اللبنانية في المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو) الدكتورة بشرى بغدادي، المهندس سعيد الحلاب وشخصيات ومهتمون
ومما قال المرتضى: “تدفعني هذه المناسبة إلى التأمل في ثلاثة عناوين تزين الاحتفال: المكان، والفعل والزمان. أما المكان فطرابلس التي ضاق يومها بأوصافها، فانكفأت إلى غنى تاريخها وفاقة حاضرها. لكنها بقيت في كل حالاتها ملتقى وحاضنة لعيش المعية الذي هو أساس الوطن اللبناني، والذي يتعرض الآن لموجات من دعوات التنصل غير البريئة، يراد منها هدم هذه الصيغة الجميلة الفريدة. ولعل أفضل ما يعبر عن عيش المعية في طرابلس، هذا المكان الذي نجتمع اليوم فيه احتفاء بترميمه: قصر نوفل/ مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي، اسمان لكيان واحد، متعانقان معا كما يتعانق في النهر اسمان آخران، قاديشا وأبو علي، لتشهد طرابلس من القصر إلى النهر، مرورا بشوارعها وساحاتها وأبنيتها ومن يسكنون فيها، أن لقاء الشعب اللبناني قدر لا مفر منه، وقرار لا رجوع عنه، لأنه العنوان الحضاري الذي ينبغي لنا أن نحافظ عليه نموذجا للإنسانية جمعاء”.
وتابع: “أما الفعل أيها الأحبة، فالأيادي البيضاء للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي التي أعادت تأهيل هذا القصر، استجابة لطلب بلدية طرابلس. إن تعاون المنظمة الدولية، والدول الصديقة مع لبنان على المستوى الثقافي، ولا سيما لناحية الحفاظ على مكونات تراثنا الحضاري أمر بالغ الأهمية، لأن ترميم أي موقع أثري أو تراثي، إنما هو في عمقه ترميم للزمان قبل المكان. لكن أمرا أساسيا ينبغي لنا كلنا، شعبا ودولة وأصدقاء، أن ندركه، هو أن التراث لا يتضمن فقط الأشياء المادية المنتشرة على امتداد الأرض اللبنانية، والناطقة بألسنة العصور المتعاقبة التي عبرت على هذا الأديم وتركت فوقه بصماتها. إنه أيضا وأولا، التراث غير المادي المتكون من اللغة والعادات والتقاليد والفنون الشعبية، ومن القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تميز الهوية المشرقية بشكل عام واللبنانية بشكل خاص. هذه أيضا جديرة بالحماية لئلا تتشوه نفسية الأمة وتضيع ملامح انتماء أبنائها إلى أرضهم، فتضيع الأرض كلها حينذاك”.
وتابع: “أما العنوان الثالث الذي يستوقفني في هذه المناسبة، فهو الزمان. نحن الآن على مشارف العام 2024 الذي ستكون فيه طرابلس عاصمة للثقافة العربية. موسم ستزدهي فيه مراكز المدينة الثقافية وشوارعها وآثارها وحوانيتها وبحرها وقلعتها ومعرضها وشاطئها، باحتفاليات متنوعة تشمل الفنون كلها والحرف والصناعات وأصناف التجارة والسياحة، لكي تعود “أم الفقير” أما للوطن أجمع، بل للعروبة السمحة التي ستأتي ثقافتها إلى ههنا سعيا على الأقلام والريشات والوتار، لترى كيف تستحق طرابلس أن تكون سيدة الحياة. وأزف إليكم بالمناسبة أنني وقعت صبيحة هذا اليوم القرار المتعلق بتشكيل الهيئات التي ستتولى إقامة فعاليات هذا المهرجان المعرفي المتميز، ولسوف أدعو المختصين في العاجل العاجل إلى اجتماعات متتالية لتهب نسائم الثقافة العربية من ههنا مضمخة بأريج الليمون الطرابلسي”.
وتطرق المرتضى الى الوضع العام في لبنان، فشدد على “اهمية تلبية دعوة الرئيس نبيه بري للحوار الحكيمة والصادقة”، وقال: “لقد وجه دولة الرئيس نبيه بري دعوة جدية وحكيمة وصادقة للحوار، فلماذا يصر البعض على عدم التجاوب معها وهي التي أتت غير مشروطة بل مقترنة بعهد مفاده تتويج ايامها السبعة إما باتفاق أو بذهاب الى جلسات انتخاب مفتوحة دون تعطيل للنصاب؟”.
اضاف: “كيف لعاقل أو وطني أن لا يسارع الى تلقف هذه الدعوة التي فتحت كوة نور في جدار أزمة الاستحقاق الرئاسي المسدود؟ وأخشى ما أخشاه أن نكون أمام فرصة أخيرة… ولهذا يجب على البعض العدول عن المماحكات والنكايات والشعبوية، والركون الى تحكيم العقل والحس الوطني السليم وتقديم المصلحة العامة، ومن ثم الاستفادة من هذه الفرصة عساها تفضي الى انتخاب رئيس كمقدمة لبدء محاولات اجتراح حلول جذرية لأزماتنا الأخرى فنجنب بذلك لبنان واللبنانيين الإنزلاق الى ما لا تحمد عقباه.”
من جهتها، قالت ممثلة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان: “هذا اللقاء اليوم هو فرصة للاحتفال بالإرث الثقافي لطرابلس وما الترميم الذي حصل الا ليؤكد هذا الدور الذي يساعد على تخطي التحديات ومتطلعين الى تعاون اضافي لمواجهة المشاكل الهيكلية”.
اضافت: “يعتبر البعض ان الثقافة دورها ثانوي ولكن نراها الاهم لتمكين الروابط الاجتماعية ومنع التمييز، وللارث الثقافي الدور الاكبر في السياحة في الابتكار ومن واجب الحكومة دعم التنمية المحلية واستمرار المبادرات ونؤكد في الختام على التزام الاتحاد الاوروبي بالدعم المستمر للبنان”.
أما مديرة برنامج الامم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان فقالت: “وضعت التعاون نصب عيني منذ تعييني قبل اربع سنوات وها هي الفرصة اليوم، فهذا الدعم مهم جدا لطرابلس بشكل عام وللبلدية بشكل خاص عبر مشروع التمكين البلدي والمحافظة على الثقافة والارث الثقافي تحدي يواجهنا، لذلك كان ترميم وتحديث هذا الصرح لاهميته للمجتمع المحلي ولدعم الطلاب والباحثين”.
اضافت: “سعيدة أنا بهذا التعاون كونه يحافظ على الارث الثقافي، كما اننا بموازاة ذلك نقوم بترميم ١٧ مبنى في بيروت”.
ولفتت الى أن “المرحلة الثانية للمشروع ستبدأ قريبا وستطال المكتبة مع اعتماد نظام حديث للارشفة واستكمال اعمال الترميم”.
ثم أقيم حفل كوكتيل بالمناسبة.