شؤون لبنانية

افتتاحيات الصحف اللبنانية

النهار

“الإثباتات” ضد “الحزب” في اليمن تحاصر لبنان مجدّداً … أيّ سقف لعون اليوم، وكيف سيواجه ميقاتي التداعيات؟

يبدو أن الأيام الخمسة الأخيرة من السنة الحالية التي تبدأ اليوم الإثنين وتنتهي الجمعة مع ليلة رأس السنة الجديدة 2022 ستتّسم من الناحية السياسية بدرجات عالية من التشويق والاحتدام نظراً إلى مجموعة عوامل وتطورات مرتقبة. فالأنظار تتّجه اليوم إلى ما سيعلنه رئيس الجمهورية العماد #ميشال عون من مواقف تتصل بالدرجة الأولى بأزمة تعطيل جلسات مجلس الوزراء والتداعيات السلبية المتراكمة والمترتبة على هذا التعطيل.

وإذا كان مجمل الأجواء والانطباعات والمعطيات التي سبقت كلام عون المنتظر تشير الى توقع ان يكون سقف موقف عون عاليا من حليفه “#حزب الله” لكونه الشريك الأساسي في التعطيل ضمن الثنائي الشيعي الذي يضمه وحركة “امل” فان الشكوك ظلت تسابق التقديرات لجهة انعدام الثقة تقريبا في قدرة وإرادة ومصلحة العهد العوني في ركوب “مخاطر” انفكاكه عن حلف تفاهم مار مخايل . وانعدام الثقة هذا انعكس في ترداد موجة واسعة من الانطباعات عن “مسرحية” توزيع أدوار بين العهد ورئيس تياره الحزبي السياسي النائب جبران باسيل و”حزب الله” سعيا الى تعويم الواقع المتراجع للتيار الوطني الحر في الشارع المسيحي. وسواء صحت هذه الشكوك ام لم تصح تبدو ازمة تعطيل الحكومة من خلال شل جلسات مجلس الوزراء كأنها ارخت موضوعيا اثقالا هائلة على العهد لم يعد في إمكانه السكوت عنها وتفاقمت هذه المناخات بقوة بعد مسالة عدم توصل المجلس الدستوري الى قرار في شان الطعن في تعديلات قانون الانتخاب.

لذا سيكتسب موقف عون دلالاته لجهة المضمون السياسي الذي سيعلنه وما اذا كان على حجم التحدي الخطير لرمي كرة المسؤولية في التعطيل على أصحاب التعطيل مباشرة وبالاسم وبصراحة ام سينكشف الموقف عن مناورة سياسية تثبت التماهي المعروف بين العهد وسيده والتيار الوطني الحر وحليفهما الشيعي في توزيع الأدوار .

ولعل ما دخل ضمنا على خط زيادة التشويق والترقب لموقف عون عشية إعلانه هو موقف الإدانة الخليجي الجديد والحاد ل”حزب الله” في ملف تورطه في حرب اليمن الامر الذي أعاد ازمة العلاقات اللبنانية الخليجية بسبب “حزب الله” الى الواجهة ، وهو الامر الذي سيرتب على الرئيس عون مواجهة العامل الخليجي الساخن للغاية مجددا لدى تحديده لموقفه اليوم من حليفه.

كما ان هذا التطور عبر كشف التحالف ادلة عن تورط “حزب الله” مباشرة وميدانيا في الحرب الى جانب الحوثيين سيشكل عامل احراج وارباك جديدين لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي خصوصا في ظل التداعيات السلبية التي سيرتبها على الوساطة الفرنسية التي تولاها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصيا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والاتصال الذي اجرياه بالرئيس ميقاتي وكان من شأنه تجميد التدهور في العلاقات اللبنانية السعودية .

وكان تحالف دعم الشرعية في اليمن، كشف عصر امس في إحاطة شاملة للأزمة اليمنية، عن أدلة تثبت تورط “حزب الله ” في اليمن واستخدام المطار لاستهداف السعودية.

وقال المتحدث الرسمي العميد ركن تركي المالكي، في مؤتمر صحافي: “حزب الله الإرهابي نشر الدمار في المنطقة والعالم وهو سرطان في لبنان أثّر على اللبنانيين بالدرجة الأولى كما يتحمّل المسؤولية في استهداف المدنيين في السعودية واليمن”، معتبراً أنّ “الحزب لا يمثّل الشعب اللبناني”.

وقال المالكي “أن الحوثيين لا يملكون القرار ليكونوا جزءاً من الحل السياسي في اليمن، وأن “حزب الله” اللبناني المدعوم من إيران مسيطر على القرار لدى الحوثي”.

في السياق، رأى المالكي في حديثه أن “حزب الله لا يمثل الشعب اللبناني”، مستعرضاً عدد من الصور لعناصر من “حزب الله” خلال تدرب الحوثي على إطلاق المسيرات على السعودية محملاً إيّاه مسؤولية “الأضرار الجسيمة التي الحقت بالمملكة”.

وأظهر مقطع فيديو مصور، عرضه التحالف، مقر مدربي “حزب الله” في اليمن مع المتدربين من عناصر ميليشيا الحوثي.

الراعي

وفي غضون ذلك مضى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اطلاق مواقفه العنيفة من تعطيل مسيرة الدولة فقال في عظة الاحد امس ” يهنئ الناس بعضهم بعضا على الخير الذي يفعلون، لا على الشر وتحقيق الخراب والتعطيل والإفقار. نهنئ المسؤولين السياسيين والأحزاب والنافذين على إنجازاتهم الكبيرة لخير الوطن والشعب. أما الذين من بينهم يعطلون مسيرة الدولة فلا يستحقون سوى الإدانة والشجب. ندينهم لأنهم يعتمدون استمرارية الأزمات، وزيادة الإنهيار، وتراجع قيمة الليرة، وتفكك المؤسسات، وارتفاع نسبة البطالة، ومقاومة الحلول. عن هذا الواقع الهدام أعرب قداسة البابا فرنسيس في رسالته بالأمس إلى المدينة والعالم عن قلقه على لبنان الذي يتألم من أزمة غير مسبوقة، مع أوضاع اقتصادية واجتماعية مقلقة. أمام هذا الواقع الهدام، يتطلع اللبنانيون إلى وجوب إجراء الإنتخابات النيابية في أيار المقبل كاستحقاق دستوري يفسح في المجال ليمارسوا حقهم في المساءلة والمحاسبة. وهذه الانتخابات تكون ضمانة لاجراء الانتخابات الرئاسية وإنهم يتوقون إلى رؤية جيل سياسي جديد يتمتع بمؤهلات القيادة وحسن الحوكمة، يفقه معنى حياد لبنان ودوره السلمي والحضاري في المنطقة بعدما تأكدوا، أن لا إصلاح ولا تغيير ولا إنقاذ من خلال جماعة سياسية عبثت بالبلاد والعباد منذ ثلاثين سنة ونيف. أجل، شعبنا يتطلع إلى جيل وطني جديد يتقدم إلى المسؤولية الوطنية بشجاعة وأخلاقية، ويقدم برنامجا واضحا، أولا على الصعيد السياسي، ثم على الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية والمالية”.

“حزب الله”

اما في المواقف السياسية فقدم رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين “آيات التبريك والتهنئة لكل اللبنانيين، وبالأخص للاخوة المسيحيين، لمناسبة ولادة السيد المسيح الذي هو روح الله، وهو كلمة الله التي تجمع ولا تفرق، وتصدق ولا تتجنى”، آملا أن “تلهم هذه المناسبة جميع اللبنانيين الحرص على الوطن الذي يتهالك، والذي يحتاج اليوم إلى إنقاذ وليس إلى تمزيق بخطابات طائفية بغيضة، وبتحريض غرائزي لا يفيد لبنان شيئا، ولا يقدم في معالجة المشاكل أي أمر، وإنما يزيد المشاكل تفاقما”.

وقال في اللقاء العلمائي الذي أقامه “حزب الله” في حسينية بلدة طيرفلسيه تحت عنوان “تحديات المرحلة وآفاق المستقبل” “إننا نسأل الله تعالى أن يلهم اللبنانيين الابتعاد عن الفتن، وأن يعينهم للتطلع إلى المستقبل في معالجة المشاكل بواقعية، من دون اللجوء إلى من يزيد المشكلة مشكلة وتفاقما بتحريضه وإثارته للفتن، فهذا هو خطابنا، وهذه هي دعوتنا للتلاقي دائما”. وختم : “إذا كان البعض في لبنان يبالغ في إظهار التأييد لجهات خارجية للنيل من قوة لبنان بمقاومته وشعبه وجيشه، فإننا نقول لهؤلاء أنتم تخطئون مرة أخرى تماما كما أخطأتم في التاريخ حينما لجأتم إلى الخارج، ولكن الفارق في هذه المرة، أنكم لن تصلوا إلى أي نتيجة”.

الشرق الأوسط

«التحالف»: «حزب الله» يتحمل مسؤولية استهداف المدنيين في السعودية واليمن

العميد المالكي: نشاط الحزب امتد إلى خارج لبنان… والحوثيون لا يملكون الحل

في عملية استخباراتية نوعية قام بها تحالف دعم الشرعية في اليمن اخترق من خلالها الهرم القيادي للحركة الحوثية، كشف عن أدلة تحويل الحوثيين مطار صنعاء الدولي للاستخدام العسكري.

وأفاد العميد تركي المالكي المتحدث باسم القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن بأن الحركة الحوثية حولت مطار صنعاء إلى مراكز تدريب ومخازن وإطلاق للصواريخ والطائرات المفخخة ضد السعودية والداخل اليمني.

وتوعد المالكي قيادات الحوثيين بعرض المزيد من الأدلة الاستخباراتية عن عمالة الحوثيين وتعبيتهم لإيران وتعليمات حزب الله الإرهابي. مطالباً إياهم بأن «يعدوا أنفاسهم وخطواتهم داخل شوارع صنعاء أو المقار التي يجتمعون فيها».

وحمّل العميد تركي المالكي حزب الله الإرهابي مسؤولية جميع الضحايا المدنيين ممن قتلوا في اليمن والسعودية ومن 10 دول أخرى بسبب استهداف الميليشيات الحوثية للمدنيين والأعيان المدنية.

وعرض التحالف خلال مؤتمر صحافي أمس بالرياض مقطعاً لقيادي من حزب الله اللبناني الإرهابي يعطي توجيهات لأبو علي الحاكم المطلوب رقم 5 في الحركة الحوثية، موجهاً انتقادات على الخلافات التي تدور بين عناصر الجماعة.

كما عرض التحالف فيديو آخر يقوم أحد خبراء حزب الله الإرهابي بتدريب الحوثيين على تفخيخ الطائرات المسيرة من داخل أحد المقرات بمطار صنعاء الدولي.

وحذر المتحدث باسم التحالف من أن المدنيين خط أحمر، مطالباً الحوثيين بإخراج كل الأسلحة من الأعيان المدنية، وقال: «نحن سنقرر متى وأين، نستهدف هذه القدرات».

وأوضح العميد تركي أن التحالف استهدف هدفين بمطار صنعاء الدولي، الأول عبارة عن مراكز وقاعات تدريب للحوثيين على الطائرات بدون طيار، وتورط خبراء حزب الله في التواجد في الموقع لتفخيخ الطائرات وتدريب الحوثيين.

فيما كان الهدف الثاني عبارة عن سكن المدربين والمتدربين، ومخازن الطائرات المسيرة، مشدداً على أن جميع العمليات التي اتخذت وفق القانون الدولي الإنساني.

كما أكد عدم التأثير على القدرة التشغيلية لمطار صنعاء، سواء المدارج أو برج المراقبة وصالات المسافرين ومنطقة الصيانة، أو مرابض الطائرات.

وتابع: «الحوثيون ينفون أمام الشعب اليمني أي تبعية، فيما لا يوجد لديهم أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي بل يأتمرون بأوامر الحرس الثوري وحزب الله».

ولفت العميد تركي المالكي إلى أن هنالك «مسؤولية على المجتمع الدولي لوقف هذه الأعمال العدائية لحزب الله الإرهابي الذي أضر بالمنطقة ولبنان نفسه، وأصبح تهديداً مباشراً لأمن دول الخليج والمجتمع الدولي».

وأضاف: «نحن نسأل ماذا سيفعل اللبنانيون من هذا السرطان في لبنان الذي أثر عليهم قبل غيرهم اقتصادياً وسياسياً. هناك مسؤولية تقع عليهم وعلى المجتمع الدولي لتصنيفه على قوائم الإرهاب (…) وأصبح لزاماً أن يكون هناك رد حاسم، المسؤولية جماعية».

وشدد المالكي على أن «حزب الله كتنظيم إرهابي لا يمثل اللبنانيين، وأي مسؤولية قانونية تقع عليه». وتابع: «لن يكون هناك أي تهاون، لا يمكن أن يكون الحوثيون مثالاً ثانياً لحزب الله، وعليه تحمل المسؤولية ونعلم أنه شريك في هذه العمليات الإرهابية، قد نسامح لكن لا ننسى، ولا نغضب وإن غضبنا أوجعنا».

وتحدث العميد المالكي عن مزيد من المعلومات الاستخباراتية التي حصل عليها التحالف من الدائرة القريبة من الهرم القيادي للحوثيين، وقال: «الحركة الحوثية مخترقة ولدينا الكثير من التفاصيل والأدلة سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب».

وكشف المالكي عن جهود يقوم بها التحالف مع الأمم المتحدة لوضع أسماء قيادات حوثية على قوائم الإرهاب ولجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن الدولي، مبيناً أن هنالك «تيارات متضادة داخل الحوثيين، واغتيال إبراهيم الحوثي أحد الأدلة».

وأضاف: «عليهم أن يعدوا الأنفاس كقيادات إرهابية (…) لا بد أن تعلم هذه القيادات الإرهابية الموضوعة على قائمة الأربعين أننا نستطيع الوصول إليهم، عليهم أن يعدوا الأنفاس والخطوات في شوارع صنعاء أو المقار التي يجتمعون فيها، حتى لو استخدموا الألياف البصرية في اجتماعاتهم. المدنيون في السعودية خط أحمر، ولن يكون هناك تهاون».

في الوقت ذاته، أكد المتحدث باسم القوات المشتركة على دعم حل سياسي شامل بقيادة المبعوث الأممي لليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث، إلى جانب استمرار التحالف في دعم الجيش الوطني اليمني، وقال: «العمليات العسكرية لتحقيق السلام».

واستطرد بقوله: «سنرغم ونجبر الحوثيين على احترام القانون الدولي الإنساني وتطبيقه، وما دخول السفارة الأميركية واحتجاز مواطنين أميركيين ويمنيين إلا تفسيراً للسلوك العدائي للحوثيين والسلوك الإيراني بالاعتداء على السفارات».

 نداء الوطن

ما لن يقوله الرئيس عون اليوم…

كيف ستردّ السلطة على اتهامات “التحالف العربي” لـ”حزب الله”؟

لا تكفي الأزمات الداخلية التي يعيشها العهد والسلطة الحاكمة حتى تضاف إليها أزمات تداعيات تدخل «حزب الله» في حروب المنطقة. لم تكد تنتهي أزمة وزير الإعلام جورج قرداحي بتقديم استقالته حتى أتت الأزمة الجديدة مع الإعلان الصاعق من قوات «التحالف العربي» حول دور «حزب الله» في الحرب اليمنية بانتظار الأجوبة التي يمكن أن تبحث عنها هذه السلطة المنهارة. كانت هذه السلطة تنتظر كيف يمكن أن تعيد فتح العلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج ولكن المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي العميد تركي المالكي عاجلها بشحنة من الوقائع التي تنتظر الأجوبة عليها. المالكي قال أمس «إن حزب الله الإرهابي لا يمثل الشعب ‎اللبناني وهو سرطان في ‎لبنان أثر على اللبنانيين بالدرجة الأولى، ونشاطه الإرهابي امتد إلى خارج لبنان ونشر الدمار في المنطقة والعالم، ويتحمل المسؤولية في استهداف المدنيين في السعودية واليمن».

المالكي عرض مشاهد لمواقع في ‎مطار صنعاء قال ان «حزب الله» يستخدمها للتدريب ومخازن للمسيرات وشريط فيديو يكشف تورط قيادي في ‎الحزب وهو يعطي توجيهاته للقيادي الحوثي أبو علي الحاكم لاستهداف السفن في البحر الأحمر. هذا الإعلان يأتي بعد الإعلان السعودي الفرنسي المشترك إثر زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى السعودية ولقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وطالبا فيه بتطبيق القرارات الدولية 1559 و1680 و1701 واستعادة السيادة اللبنانية ونزع سلاح “حزب الله” من دون أن يكون هناك أي موقف من السلطة الحاكمة سوى العجز عن مواجهة هذا الواقع. كلام المالكي لا يمكن أن يكون إلا حلقة في سلسلة التطورات التي تشهدها المنطقة خصوصاً بعدما تكرر الإعلان الفرنسي السعودي المشترك في مواقف معظم الدول العربية الخليجية.

ما أعلنه المالكي لن يكون من الصعب على هذه السلطة نفيه باعتبار أنها تهرب دائماً من كل الإتهامات المتعلقة بنشاط “حزب الله”. وهو بالطبع سيزيد الأمر تعقيداً على رئيس الجمهورية ميشال عون الذي وعد اللبنانيين بالكلام الليلة. فهو غاب عن الكلام المباشر والمعلن بعدما تسببت له أكثر من مناسبة بعكس ما أراد له المستشارون والمقربون. غاب الرئيس عن الكلام في الذكرى الخامسة لتوليه سدة رئاسة الجمهورية لأنه لم يكن عنده شيء ليخاطب به اللبنانيين في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، والتي كانت قاصمة وقاسية في خلال السنوات الخمس من عهده. ماذا كان لدى الرئيس ليقوله في تلك الذكرى؟ هل كان ليتحدث عن إنجازات؟ وعن سقوط الوعود بالتغيير والإصلاح؟ أم عن حكومة العهد الأولى التي أرادها بعد انتخابات العام 2018؟ أم عن حكومة الرئيس حسان دياب وتفجير مرفأ بيروت؟ أم عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ومنعها من الإنعقاد منذ 12 تشرين الأول الماضي، بعدما اقتحم وزير الثقافة صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة في تلك الجلسة وأسمعهما مع سائر الوزراء درساً في شل الدولة وفي تهديد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار؟

ماذا لدى الرئيس ليقوله اليوم بعدما كان أجّل الكلام؟ وهو كان تلقى نصائح بعدم الإطلالات المباشرة. مرة في لقائه الصحافي التلفزيوني تحدث عن اللبنانيين وقال إن من لا يعجبه حكمه والوضع في البلد يمكنه أن يهاجر. ومرة ثانية في لقاء مع الصحافة تحدث عن أننا ذاهبون إلى جهنم. قال رئيس الجمهورية كلاماً واضحاً في محاولته رد تعديلات مجلس النواب على قانون الإنتخاب. وعندما سقطت محاولته ذهب نواب تكتله النيابي إلى الطعن أمام المجلس الدستوري. ومرة ثانية سقطت المحاولة ولكنها كشفت عورات كثيرة من سيرة العهد و”التيار الوطني الحر” لا يمكن أن يحكي عنها الرئيس. هل يقول أن هناك صفقة كان يتم العمل عليها تتناول قبع القاضي طارق البيطار من خلال تغيير مجلس القضاء الأعلى مقابل قبول الطعن بتعديلات قانون الإنتخابات؟ هل يمكنه أن ينفي ما قاله الوزير جبران باسيل عن اتصال تلقاه قبل مؤتمره الصحافي بعد “لاقرار” المجلس الدستوري مقابل التصويت لمصلحته في الطعن؟ هل كان يقبل أن يتم تطيير مجلس القضاء الأعلى وتعيين مجلس جديد على طريقة تعيين أعضاء المجلس الدستوري مثلاً؟ لو قبل باسيل هل كان العضوان الشيعيان في المجلس صوتا مع الرد وسقطت التعديلات؟ هل هذه هي دولة المؤسسات التي يريد الرئيس أن يحكي للبنانيين عنها؟

هل يريد الرئيس أن يحدث اللبنانيين عن انقلاب كبير في الأشهر العشرة الباقية من عهده؟ هل يكرر لهم أنه يريد أن يسلم البلد أحسن مما استلمه؟ هل يحدثهم عن الكهرباء وعن عتمة 24 على 24؟ أم يشكو عرقلة التدقيق الجنائي؟

هناك أكثر من صورة للرئيس عون في بال الناس. ولكن الثابت فيها أنه لا يمكن توقع ما يمكن أن يفعله عون. لا يمكن أن تحلل منطقياً أفعالاً لا تستند إلى المنطق. في 14 آذار 1989 كان هناك من يتوقع أن يهاجم عون المجلس الحربي وقيادة “القوات اللبنانية” في الكرنتينا. ولكنه أعلن حرب التحرير. وفي 31 كانون الثاني 1990 لم يكن أحد يتوقع أن يبدأ بشن حرب الإلغاء ولكنه شنها. وفي 13 تشرين لم يكن أحد يصدق أنه يترك قصر بعبدا ولكنه فعل ولجأ إلى السفارة الفرنسية. وفي أواخر العام 2004 لم يكن أحد ينتظر منه أن يعقد اتفاقاً مع النظام السوري للعودة إلى لبنان بعد أقل من عام على كلامه في الكونغرس الأميركي حول المطالبة بقانون معاقبة سوريا ولكنه فعل. ولم يكن أحد يتوقع أن يذهب إلى تحالف مع “حزب الله” بعدما كان يشهر سيف العداوة لسلاحه ويتهمه بأنه خارج عن الشرعية ولكنه فعل. ولم يكن أحد يتوقع أن يتفق مع رئيس حزب القوات سمير جعجع من أجل انتخابه رئيساً للجمهورية ولكنه فعل ولم يكن أحد يتوقع أن ينقلب على هذا الإتفاق ولكنه فعل.

الذين ينتظرون من الرئيس عون اليوم انقلاباً على تحالفه مع “حزب الله” قد يكونون مخطئين. فالرئيس عون لن يتكلم عن سيادة الدولة في لبنان. وربما سيكرر أن الجيش اللبناني غير قادر على حماية لبنان وأن المقاومة هي التي تساعد وتقوم بالواجب. والرئيس عون لن يتحدث عن تحرير قرار الرئاسة ولا عن حياد لبنان كما طالب البطريرك الراعي. والرئيس عون لن يحكي عما أعلنه أمس التحالف العربي في حرب اليمن عن «سرطان» حزب الله الإرهابي ودوره في هذه الحرب وعن أدلة تورطه وعن نشره الدمار في المنطقة والعالم، وتحميله المسؤولية في استهداف المدنيين في السعودية واليمن، فهو لا يهمه ما يفعله “حزب الله” خارج لبنان بل يعتبر أن الحزب لا يستعمل سلاحه في الداخل ويحترم القرار 1701.

الرئيس مثلاً لا يمكنه أن يقول أي متى سيجتمع مجلس الوزراء. ولا متى يمكن أن يتم الإتفاق مع صندوق النقد الدولي ولا متى يبدأ زمن الخروج من جهنم. يخاف من استمرار التحالف مع “حزب الله” ويخاف من الخروج منه. خائف على عهده وخائف على صهره. لا يمكنه أن ينقلب على نفسه وعلى نهجه.

في الأشهر العشرة الباقية من العهد لا يستطيع ميشال عون أن يقلب المعادلة التي بناها. وهو سيمهد ربما باستطلاع مبكر لما سيعلنه رئيس “التيار الوطني الحر” في 2 كانون الثاني المقبل. ربما في محاولة مزايدة لاستقطاب شارع مسيحي صار بعيداً عنه وسعياً إلى تحسين نتائجه الإنتخابية في ظل معادلة صعبة تتعلق بعمق العلاقة مع “حزب الله” في وقت يصير التحالف مع الحزب مقتلة سياسية والإبتعاد عنه انتحار. بين المقتلة والإنتحار على الرئيس وتياره الإختيار.

الديار

العمل على صفقة جديدة في الكواليس… توزيع أدوار أو إنتهاء التحالف بين البرتقالي والأصفر

 لبنان يواجه اليوم أشرس أنواع الحروب ألا وهي الحرب الاقتصادية المحرّمة دوليًا

 هل يتمّ إقفال البلد مع وصول الموجة الجديدة من متحورات كورونا؟ – المحلل الاقتصادي

واقع الحكومة لا يزال على حاله، فبين إصرار الثنائي الشيعي على حل مُشكلة القاضي البيطار وإصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بمن حضر، لا يوجد في الأفق حاليًا أي بصيص أمل على الرغم من الحديث عن تسوية جديدة يتمّ العمل عليها في الأروقة.

التيار الوطني الحرّ الذي تلقى صفعة قوية بقرار المجلس الدستوري «لا قرار» والذي ثبت العمل بقانون الإنتخاب بالتعديلات التي تمّ التصويت عليها، يتجه نحو التصعيد عبر الطلب إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي بعقد جلسة مساءلة للحكومة اللبنانية. أيضًا ومن باب الرد على توزيع الأصوات في تصويت المجلس الدستوري، من المتوقّع أن لا يوقع الرئيس عون مرسوم دعوة عقد إستثنائي لمجلس النواب وهو ما يعني شلل على الصعيدين التنفيذي والتشريعي أقلّه إلى شهر أذار 2022.

صفقة التسوية التي كانت قد وصلت إلى مراحلها الأخيرة، سقطت مع قرار المجلس الدستوري بحكم أن قبول الطعن بقانون الإنتخابات النيابية، كان أحد أعمدة هذه التسوية وهو ما يسمح للتيار البرتقالي بحصر أصوات المغتربين في 6 مقاعد لا تؤثر على نتائج الإنتخابات مع سيناريوهات التحالفات التي قد وضعها التيار. إلا أن قرار الدستوري عدّل في معطيات اللعبة ومن المتوقّع أن يكون هناك تصعيد من قبل التيار الوطني الحرّ في المرحلة المقبلة وهو ما سيُعبّر عنه رئيس الجمهورية في كلمته اليوم، حيث من المتوقع أن يكون هناك شدّ عصب مسيحي يسمح للتيار الوطني الحر بلملمة أصوات المسيحيين التي تشرذمت على خلفية موقفه من أحداث الطيونة – عين الرمانة والتي تُشير الإحصاءات إلى إستفادة كبيرة للقوات اللبنانية نتيجة مواقفها.

في هذا الوقت، يتمّ الحديث عن تسوية جديدة يتم العمل عليها تضمن لكل الأفرقاء السياسيين مصالحهم. وبحسب المعلومات المتناقلة، يتمّ الحديث عن بنود من الصفقة القديمة مثل إقرار قانون هيئة إتهامية فوق القاضي العدلي وهو ما يتطلّب توقيع رئيس الجمهورية على دعوة لدورة إستثنائية لمجلس النواب على أن تتعهد الحكومة في المقابل إلى طرح ملف التعيينات في أول جلسة لها حيث يتم الحديث عن أكثر من 150 منصبا شاغرا وغير شاغر سيتمّ تعيين أشخاص جدد فيهم وحيث ترتفع حصة التيار الوطني الحرّ إلى 61 منصبا. ومن أهمّ الوظائف في الفئة الأولى والثانية التي قد يتمّ طرحها، هناك رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، بعض القيادات الأمنية، وحاكمية مصرف لبنان وغيرها. وبالتوازي، يتمّ العمل على نسج تحالفات إنتخابية بين أركان السلطة، تُلزمهم أمام الرأي العام مع إعلانها بالتوازي مع الصفقة، وتضمن لهؤلاء الحدّ الأدنى من المقاعد النيابية.

وبإنتظار إستواء الطبخة، يعقد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم لقاء صحافيًا عبر كلمة مُتلفزة عوضًا عن كلمة البارحة بمناسبة عيد الميلاد. وتتكاثر الأسئلة عن ما سيُعلنه رئيس الجمهورية في كلمته خصوصًا أن الراعي كان قد وجه له في كلمة قداس العيد الذي حضره الرئيس عون، مناشدة طالبه فيها بإيجاد حلّ للعقدة الحكومية. وتُرجّح المعلومات الصحافية أن يكون موقف الرئيس عون «تصعيديًا» مع الثنائي الشيعي تجانسًا مع موقف رئيس التيار الوطني الحرّ، حيث سيقوم الرئيس بالطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي علنًا الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء بمن حضر، وسيتّهم علنًا الثنائي الشيعي بتعطيل عمل مجلس الوزراء. إلا أن بعض المصادر رجّحت أن يكون هذا الموقف التصعيدي هو في خانة توزيع الأدوار عملًا بمبدأ أن الحلف البرتقالي – الأصفر لا يُمكن أن ينكسر بحكم بعده الإستراتيجي للطرفين ولكن أيضًا بحكم صعوبة إيجاد التحالفات مع القوى السياسية الأخرى خارج حلف مار مخايل. فالرأي العام المسيحي مُمتعض من تعطيل مجلس الوزراء وبالتالي تأتي كلمة جنرال بعبدا لتُحاكي هواجس هذا الشارع وهو ما قد يصب في مصلحة التيار الوطني الحر في الإنتخابات النيابية المقبلة.

وكان الرئيس عون قد حضر قداس الميلاد في بكركي نهار السبت وقدّم بعدها التهاني للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومن ثمّ عقد خلوة بين الرئيس والبطريرك. البطريرك من جهته نقل إلى الرئيس عون إمتعاضه من تعطيل مجلس الوزراء عبر قوله «لم نصدّق أنّ الحكومة تألّفت، فكيف نتركها اليوم عاجزة عن الاجتماع؟»

الرئيس عون من جهته وعلى شكل «إيحاء» بحسب ما نقلت المصادر أن هناك ما هو أكبر من قرارات الدّولة يقيّد مسار الأمور. وهو بالتحديد ما قاله عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب الشيخ حسن عز الدين الذي قال خلال لقاء سياسي أقيم في مجمع الإمام الحسين في مدينة صور، على أننا «نواجه اليوم أشرس أنواع الحروب ألا وهي الحرب الاقتصادية المحرمة دوليًا، علمًا أن أميركا وحلفاءها جربوا علينا كل الحروب العسكرية والأمنية والثقافية والإعلامية وغيرها، ولكنهم لم يحصدوا إلا الخيبة والحسرة». وهذا الأمر يدلّ على التناغم الحاصل بين طرفي مار مخايل في الملفات الخارجية.

تُشكّل الإنتخابات النيابية التي من المتوقّع أن تحصل في 8 أو 15 أيار المقبل، محط إهتمام دولي ومحلّي. وإذا كان الرئيس عون قد أكّد في مراحل عدّة آخرها مع الأمين العام للأمم المُتحدة خلال زيارته بيروت على أن الإنتخابات النيابية قائمة في مواعيدها الدستورية، إلا أن المخاوف الجدية من عدة عوامل (أمنية، صحيّة، مالية…) قد تُطيح بهذه الإنتخابات خصوصًا أن الشق التنفيذي لا يوجد حصريًا في يد رئيس الجمهورية، بل هو في يد الحكومة. هذه المخاوف كان البطريرك الراعي قد عبّر عنها في كلمته عبر قوله أن «الانتخابات محطة دستورية مهمة يعبّر من خلالها الشعب عن رأيه ومن الضروري جدًا الالتزام بالاستحقاق الدستوري المتمثل بالانتخابات النيابية ومن بعدها الرئاسية»، متأسفًا سماع «الأحاديث السلبية عن تأجيل الانتخابات والتي هي نتيجة خيبات الأمل».

الوضع الصعب الذي يعيشه لبنان والعقدة السياسية التي تذكرنا بأيام الحرب، ترافقت مع أزمة معيشية غير مسبوقة وظروف حياتية صعبة في ظل الشتاء القارس وعودة موجة جديدة من كورونا تُعرف بمتحور «أوميكرون». وكان رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري قد صرّح في حديث تلفزيوني له أن لبنان يدخل في موجة جديدة قد تصل إلى مستويات أعلى وعلينا أن نستعد لموجة أكبر من كورونا مُشيرًا إلى أن اقفال البلد له تداعيات إيجابية وسلبية ولكن حتى الآن لم يطرح على الطاولة ومعظم الاصابات طفيفة وقد لا نضطر إلى الاقفال.

أما من جهة المستشفيات، فقد صرّح نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون إلى أن «وضع المستشفيات الخاصة دقيق جدًا وهناك عدم قدرة لهذه المستشفيات على إستيعاب مرضى كورونا في حال تعرض لبنان لموجة جديدة كالسنة الفائتة». وأضاف في حديث إذاعي إلى أن «سبب هذا الوضع يعود إلى هجرة الأطباء والارتفاع الكبير في سعر المستلزمات الطبية بنسبة 85% وأصبحت على الدولار الفريش»، مشددًا على أن «غرف العناية أيضاً فيها 400 سرير فقط وهذه الأسرّة لا تكفي». وطالب نقيب المستشفيات الخاصة بـ «دعم مالي خارجي لإنقاذ وضع المستشفيات الخاصة بسبب رفع الدعم عن المستلزمات الطبية».

على صعيد أخر، إستطاع تعميم مصرف لبنان رقم 161 لجم المنحى التصاعدي للدولار الأميركي أقلّه حتى نهاية شهر كانون الثاني من العام المقبل. هذا اللجم في سعر الصرف آتٍ من مبدأ أن المواطن أصبح بإمكانه الحصول على دولارات من المصارف على سعر منصة صيرفة الذي هو أقلّ من سعر السوق السوداء مع لجم كبير لعملية طبع العملة وهو ما يجعل سعر السوق السوداء يتوجّه نحو سعر منصة صيرفة، إذا كان سعر السوق السوداء ناتج عن العرض والطلب. أما إذا كان سعر السوق السوداء ناتج عن المضاربات، فإن سعر السوق السوداء سيبقى على حاله. وهنا تظهر مُشكلة أخرى وهي عملية تسعير السلع والبضائع خصوصًا السوبرماركات التي تُسعّر على هواها في ظل غياب مُلفت للأجهزة الرقابية. فأي سعر صرف سيتم إعتماده لأسعار السلع والبضائع؟ الجواب في ملعب الحكومة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى