أبرزرأي

100 يوم من «الترامبية»

كتب يونس السيد, في صحيفة الخليج:

أثار أداء ترامب خلال المئة يوم الأولى من ولايته الثانية كثيراً من الجدل داخلياً وخارجياً، ما بين من يعتبر هذا الأداء ناجحاً وسار كما هو مخطط له، كما يراه ترامب نفسه وبعض أنصاره ومؤيديه، وبين من يعتبره فوضوياً ومثيراً للقلق وسط مخاوف من أن يؤدي لاحقاً إلى تراجع الولايات المتحدة وعزلتها في الساحة الدولية.

فور توليه منصبه في ولايته الثانية، حاول ترامب عبر عشرات القرارات الرئاسية تطبيق سياسته الخاصة على صعيد الهجرة وترحيل المهاجرين، أو العفو عن مقتحمي مبنى الكابيتول في مطلع عام 2021، أو خفض النفقات الداخلية الحكومية والمساعدات الخارجية، وصولاً إلى الدخول في نزاع مع الجامعات الأمريكية المرموقة بذريعة سماحها بانطلاق تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين خلال الحرب الإسرائيلية على غزة. ناهيك عن إعلانه انسحاب الولايات المتحدة من العديد من المنظمات والاتفاقيات الدولية مثل الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ. لكن الأهم هو ما قام به من انقلاب جيوساسي عالمي قوّض خلاله التحالفات التقليدية للولايات المتحدة والقواعد القديمة للنظام الدولي تحت شعار «أمريكا أولاً».
ومع أن ترامب حاول منذ اليوم الأول تقديم نفسه كصانع سلام يريد حل النزاعات العالمية سلمياً وإطفاء الحروب المشتعلة، إلا أنه سرعان ما أظهر وجهاً مغايراً، حين طالب بضم كندا والسيطرة على قناة بنما وجزيرة غرينلاند، قبل أن يطرح خطة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والسيطرة عليه وتحويله إلى «ريفييرا شرق أوسطية».
وسط هذا المشهد، بدأ ترامب مفاوضات لإنهاء الحرب الأوكرانية، وأعاد العلاقات مع روسيا منهياً بذلك عزلة فرضتها الدول الغربية على موسكو منذ عام 2022، ومبقياً في نفس الوقت حلفاءه الأوروبيين على هامش عملية التفاوض. كما بدأ مفاوضات مع إيران تحت التهديد العسكري، وهي لا تزال مستمرة سعياً للتوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.
لكن يبقى المعلم الأبرز لهذه الفترة من ولاية ترامب هو إطلاقه حرباً تجارية شاملة عبر فرض رسوم جمركية استهدفت الحلفاء والخصوم معاً، ما أربك الاقتصاد العالمي وأدى إلى انهيار البورصات العالمية وخسارتها تريليونات الدولارات، بما في ذلك البورصات الأمريكية، بعد أن اصطدمت بجدار الصين الحديدي، حيث فرضت بكين رسوماً مماثلة، ما اضطر ترامب إلى تعليق الرسوم الجمركية لثلاثة أشهر. وهو ما قابله الاتحاد الأوروبي بتجميد حزمة رسومه المضادة للفترة ذاتها على أمل التوصل إلى حلول منطقية تراعي مصالح جميع الأطراف.
الملاحظة البارزة هنا هي سلسلة التراجعات التي تميزت بها إدارة ترامب، خلال هذه الفترة، بين اتخاذ القرارات وسرعة التراجع عنها، وهو ما أثار الكثير من الانتقادات في الخارج وردود فعل في الداخل عبّرت عنها استطلاعات الرأي الأخيرة، حيث وصلت شعبية ترامب إلى أدنى مستوى لها، بينما عبّرت أغلبية الأمريكيين عن رفضها لسياساته التي وصفها 66% منهم بأنها «فوضوية»، واعتبر 59% آخرون أنها «مخيفة».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى