هل يشتعل الشرق الأوسط؟

بين انهيار وقف اطلاق النار في غزة و تصاعد الغارات الاميركية على اليمن ناهيك عن التوترات على الحدود اللبنانية ، تعصف العديد من التفاعلات السياسية والعسكرية بالمشهد القائم بجغرافيا الشرق الأوسط وما قد يلى ذلك من عمليات متباينة على جبهات مختلفة، على نحو ما يُعيد النظر في اتجاهات التصعيد،
و تهدد التصريحات المتصاعدة بين الولايات المتحدة و ايران بإغراق المنطقة في المجهول في وقت تشتد فيه الحاجة إلى خفض التصعيد على جميع الجبهات،
في الاثناء ، استأنفت إسرائيل فجر اليوم عدوانها على قطاع غزة بسلسلة من الغارات العنيفة أسفرت حتى الصباح عن سقوط 356 شهيدا وعشرات المصابين،
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن 100 طائرة شاركت في استئناف الغارات على قطاع غزة، قائلاً إن الهجوم سيستمر ما دام ذلك ضروريا وسيتوسع إلى ما هو أبعد من الغارات الجوية.
هذا وحمّلت حركة حماس في بيان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “والاحتلال الصهيوني النازي المسؤولية كاملة عن تداعيات العدوان الغادر على غزة”.
وأضافت أن نتنياهو وحكومته “اتخذا قرارا بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار معرضين الأسرى الإسرائيليين في غزة لمصير مجهول”.
من جهته أعلن البيت الأبيض أن إسرائيل استشارت إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن الغارات على غزة.
فهل صدق ترامب بتهديده حماس بفتح ابواب الجحيم ؟
اما في اليمن فتتسارع الأحداث بعد الضربات الجوية الأميركية الأخيرة في صنعاء وصعدة والبيضاء وغيرها من المناطق اليمنية الأخرى مستهدفةً أهدافًا عسكرية وأماكن قيادات حوثية، مما اثار رعب اليمنيين مع استمرار التهديدات الحوثية والأميركية المتبادلة بمواصلة الهجمات ضد بعضهما البعض.
اما الأهداف الأميركية فتبدو واضحة المعالم من خلال هذه الضربات الجوية، إذ تريد ادارة ترامب من خلالها إيقاف الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وإظهار رسالة قوية، مفادها أن إدارة الرئيس الأميركي ترامب جادةٌ في بسط سيطرتها على هذه الرقعة في العالم، وكذلك إرسال رسالة قوية إلى إيران تحمّلها مغبة دعم الحوثيين في صنعاء.
وعلى الرغم من قوّة هذه الضربات الجوية الأميركية فإنه من غير المرجح أن تؤدي إلى انهيار النظام الحوثي في صنعاء الذي ظل متماسكًا لأكثر من 10 سنوات، قاوم خلالها الآلاف من الضربات الجوية المميتة دون أن تفلح في الإطاحة به.
ولكن على الحوثيين أيضًا إدراك خطورة مجابهة إدارة حكم الرئيس الأميركي ترامب وما يترتب عليها من أخطار جسيمة، حيث ستكون ردة فعل ترامب أكثر عنفًا حيال الحوثيين في حال استمرار هجماتهم في البحر الأحمر مستهدفًا المزيد من قدراتهم العسكرية وقياداتهم السياسية، وربما ضيّق الخناق الاقتصادي عليهم كثيرًا، مما سيزيد المعاناة الإنسانية اليمنية لدرجة الانفجار.
ومع ترابط الملفات الاقليمية، و اصرار الادارة الاميركية على تقليص النفوذ الايراني في المنطقة أوضح ترامب، في تصريحات على حسابه على منصة تروث سوشال، أن كل طلقة يوجهها الحوثيون ستعتبر، من هذه اللحظة، “طلقة أُطلقت من أسلحة وقيادة إيرانية”.
مضيفا ان : “إيران ستتحمل المسؤولية، وستعاني من العواقب، وهذه العواقب ستكون وخيمة”.
مع تسارع الأحداث أعلن الجیش الإیراني ليلاً عن تراجع مسيرة تجسس أميركية عن المجال الجوي الإيراني بعد اعتراضها بمقاتلة ومسيرة إيرانيتين
وبدورها، هددت القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني بأنها ستسقط أي طائرة معادية تدخل مجالها الجوي محذرةً العدو من أي استفزاز.
اذاً يواجه الشرق الأوسط تحديات أمنية وسياسية غير مسبوقة، حيث تتشابك الأزمات في غزة واليمن ناهيك عن لبنان، في ظل صراع القوى الإقليمية والدولية. ومع تصاعد حدة المواجهات، تظل الحلول الدبلوماسية الخيار الأمثل لتجنب كارثة إنسانية وأمنية واسعة النطاق، إلا أن تحقيق ذلك يتطلب جهودًا دولية مكثفة وإرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف المعنية.
*رأي سياسي*