افتتاحية اليوم: استهداف “اليونيفل” متعمد

في حادثة جديدة تمثل منحى خطيراً في مسار التوتر القائم على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، أطلقت دبابة ميركافا تابعة لجيش العدو الإسرائيلي منذ يومين النار على قوة من قوات “اليونيفيل”، قرب موقع أقامته إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية.
هذه الحادثة، وإن لم تؤد إلى وقوع إصابات، إلا أنها أعادت الى الواجهة سؤال قديم جديد عن مدى التزام اسرائيل بالقرارات الأممية.
لا شك أن الاستهداف بحد ذاته ليس مجرد خطأ تكتيكي عابر، بل يحمل دلالات سياسية وعسكرية تتجاوز اللحظة الميدانية، فوجود موقع عسكري إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية، يشكّل تحدياً مباشراً لسيادة لبنان ويضع اليونيفيل في وضع بالغ الحساسية، كونها مكلّفة بتنفيذ القرار 1701 الذي ينص على وقف الأعمال العدائية وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خلف الخط الأزرق.
إن إطلاق النار على قوة دولية تعمل في اطار حفظ السلام يعتبر انتهاكاً واضحاً لاتفاق الهدنة والقرار 1701، ويضع إسرائيل أمام سؤال حول مدى التزامها بحماية مهمة اليونيفيل التي تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة.
قد يقرأ الاستهداف على انه رسالة ضغط من الجانب الإسرائيلي في ظل رغبة لدى العدو في توسيع هامش الحركة العسكرية داخل نقاط تراها تل أبيب “حساسة”.
لكن الإشكال لا يكمن في التفسير، بل في النتائج المحتملة. فاستهداف قوات الأمم المتحدة بشكل مباشر قد يدفع بهذه القوات إلى إعادة تقييم وضعها الميداني بما ينعكس على الاستقرار الهش في جنوب لبنان.
على المستوى اللبناني، سيكون هذا الحادث ورقة جديدة في السجال الداخلي حول دور اليونيفيل، ومدى قدرة الدولة على حماية مهمتها. كما يُتوقع أن يعيد تسليط الضوء على الخروقات الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية.
أما على المستوى الدولي، فإن الأمم المتحدة قد تجد نفسها مضطرة إلى توجيه رسائل حازمة للطرف المتورط، كون سلامة جنودها خط أحمر. وقد يدفع هذا التطور بعض الدول المشاركة في اليونيفيل إلى إعادة النظر في قواعد انتشارها.
لكن ورغم خطورة الحادث، إلا أن احتمالات توسعه إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل واليونيفيل تبدو مستبعدة، بحكم طبيعة الهيكل الدولي للبعثة ومصالح الأطراف في تجنب إرباك إضافي في المشهد الإقليمي المعقد. غير أن استمرار التوترات على الحدود قد يمهد لحوادث مشابهة، ما لم تُتخذ خطوات عملية لضبط الوضع، سواء عبر قنوات التفاوض أو عبر تعزيز آليات الاتصال بين الجيش اللبناني واليونيفيل والجانب الإسرائيلي.




