رأي

نحو صناعة البتروكيماويات والمستقبل.

كتب كامل عبدالله الحرمي في صحيفة الراي.

في الآونة الأخيرة، زادت التقارير في الصحف والمنصات الإلكترونية من دول خارجية التي تتحدث عن وضعنا وتأخرنا في مجالات اقتصادية ومالية. هذا الوضع يشمل أيضاً تراجعنا عن التنمية وعدم تجديد أنشطتنا المختلفة، واستمرار وجودنا في مكاننا على الرغم من أننا كنا في السابق في مكانة مرموقة. والنقطة البارزة الوحيدة التي لاتزال لدينا هي ديموقراطيتنا وحريتنا في وسائل الإعلام وتطبيقات الدردشة المختلفة. هذا هو العامل الذي يمكن أن يفسر تأخرنا في مقارنة مواقعنا مع تلك الدول.

ونحن لا نختلف مع المنتقدين بالنسبة لأدائنا وتأخرنا في جميع المجالات. ومع ذلك، نحن بالتأكيد نعتز بحرية الصحافة ومبدأ الديموقراطية، وقد يكون هذا هو السبب في قدرتنا على انتقاد أنفسنا والحاجة الماسة إلى التغيير نحو الأفضل والأصلح. وفي الوقت نفسه، نحن متمسكون بجذورنا في نظامنا وحكمنا الديموقراطي ودستورنا. ونقوم بمراجعة حكوماتنا وأعضائها نحو التحسين، وهذا يقودنا إلى المستقبل والأفضل.
دعونا نلقي نظرة على القطاع النفطي، الذي يعتبر المحرك الرئيسي لتطورنا، ونحن نفتخر بإنجازاتنا في هذا المجال. على سبيل المثال، لدينا قطاع المصافي، الذي يمتلك طاقة إنتاجية تزيد على 615 ألف برميل يومياً من خلال ثلاث مصافٍ. كما نشارك في مصافٍ خارجية في آسيا وأوروبا، ما يميزنا في مجال تكرير النفط. نحن نتطلع إلى المزيد من تجاربنا لتحقيق العوائد المالية المطلوبة من مصافينا المحلية والدولية، على الرغم من التحديات التي نواجهها مثل مصفاة فيتنام وشراكتنا مع شركاء آخرين بنسبة 35 في المئة.

وينبغي أن نولي اهتماماً خاصاً لهذه النقطة. ومع ذلك، نحن في الوقت نفسه نزوّد المصافي بالكامل بالنفط الخام الكويتي، وهذا يعد جزءاً من إستراتيجية القطاع النفطي الكويتي لضمان وتأمين ممرات لتصدير النفط الكويتي.

بالفعل، نواجه خسائر في بعض المصافي والقطاعات النفطية، ولكن سجلنا مفتوح وواضح. لدينا هيئات رقابية مختلفة، يتصدرها مجلس الأمة، وهي مسؤولة عن العمل والتحقيق والتصحيح وتحقيق الأرباح في نهاية المطاف. وهناك قضايا لا يمكن أن تحلها أو تمنح صلاحياتها القطاع النفطي بمفرده، بل تتطلب تشريعاً وقرارات حكومية وموافقة مجلس الأمة.

وهذا يدفعنا نحو الحاجة الملحة لاتخاذ القرار المناسب الذي يشجع على مشاركة الشريك الأجنبي في مشاريع محددة، على سبيل المثال في مجال البتروكيماويات. حيث إننا نمتلك تجربة محدودة ومعرفة ضئيلة في هذا المجال، على الرغم من أننا كنا أوائل من دخلوا هذا القطاع.

لنستعرض مثالاً مميزاً من منطقة الخليج العربي، حيث تجسدت في الشراكة الإستراتيجية مع شركة «داو» الأميركية في «إيكويت» الكويتية، والتي أتاحت لنا تحقيق أرباح سنوية تصل إلى مليار دولار.

والآن، نجد أنفسنا متورطين في مصفاة الزور، التي تم بناؤها بهدف توفير الوقود اللازم لوزارة الكهرباء، وتحديداً غاز الزيت أو وقود الديزل بنسبة تبلغ 30 في المئة من إنتاج المصفاة، وهو ما يعادل 180 ألف برميل يومياً من هذا الوقود. ومن ثم، ستقرر الوزارة في ما بعد عدم حاجتها لهذا الإنتاج والاعتماد على استيراد الغاز النظيف من الخارج، ما سيؤدي إلى تراجع القيمة المضافة للمصفاة وتحقيق خسائر مالية دائمة للقطاع النفطي الكويتي.

وبناءً على هذا السياق، يتوجب علينا أن نبحث عن حل لإضافة قدرة متقدمة في مجال البتروكيماويات من خلال شراكة خارجية. يأتي ذلك نظراً لعدم توافر خبراتنا الكافية في هذا المجال، وكذلك لعدم توافر هذه الخبرات لدى الدول المجاورة، التي تملك أيضاً شراكات خارجية، مثل «الصدارة» في المملكة العربية السعودية، التي تنتج أفضل المشتقات البتروكيماوية العالمية في مجال الطب والمنتجات ذات الصلة.

وهذا يشير إلى دور القطاع النفطي في تشجيع وتعزيز هذه الصناعة المتقدمة من خلال الترحيب بالشراكة مع الشركاء الأجانب في مجال البتروكيماويات. إذاً، لدينا كل المقومات الصناعية الإيجابية اللازمة لهذا الغرض. ومع ذلك، يجب علينا التحضير والحصول على الموافقات اللازمة. هذا هو المجال المطلوب والذي سيبقى معنا، حيث نملك الموارد اللازمة. ومع ذلك، نحتاج بشكل حاسم إلى صناعة جديدة تمكننا من مواكبة الشركات العالمية الأخرى، دون خوف أو تنازل عن سيادتنا. ويجدر بنا أن ننظر إلى هذا المشروع على أنه مشروع إستراتيجي منافس ومربح للجانبين.

نعم، وصلنا إلى درجة التشبع في قطاع النفط، ولكن علينا الآن الانتقال إلى قطاع آخر تنافسي، وهو قطاع البتروكيماويات.

وهنا نحن بحاجة ماسة إلى توعية الجمهور بأهمية هذا المشروع، وذلك على خلفية وجود البنية التحتية والإمكانيات في مصفاة الزور. هل سيتم تحقيق هذا الهدف؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى