الراعي: المطلوب دولة حاضرة وعادلة وقوية بمؤسساتها

وجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي رسالة الميلاد ٢٠٢٥ بعنوان:”ابشركم بفرح عظيم ولد لكم اليوم المخلص ” الى اللبنانيين جميعا والمسيحيين خصوصا بمشاركة لفيف من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات، والكهنة، والرهبان، والراهبات وأعضاء الإكليروس في حضور رئيس الرابطة المارونية المهندس مارون الحلو وامينها العام المحامي بول يوسف كنعان، رئيس المجلس العام الماروني ميشال متى على رأس وفد من المجلس.
استُهلّ اللقاء بصلاة ميلادية مشتركة أعدّها مكتب الرؤساء العامين والإقليميين والرئيسات العامات والإقليميات في لبنان، عكست روح التجسّد والرجاء، ومهّدت للدخول في عمق معنى الميلاد كحدث خلاصي لا مجرّد ذكرى.
بعد الصلاة، ألقى الرئيس العام لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة الأب إلياس سليمان، كلمة باسم الرؤساء العامين والرئيسات العامات، عايد فيها الكاردينال الراعي وقال:
«الكلمة صار جسداً وسكن بيننا» يوحنا (1/14)
“صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى، أصحاب السيادة الأساقفة ، قدس الرؤساء العامين والإقليميين ، حضرات الرئيسات العامات والإقليميات ، إخوتي وأخواتي الأحباء، نحجُّ اليوم إلى هذه الأعتاب المقدّسة لنحتفل مع غبطتكم بغبطة الملائكة والرعاة والمجوس بعيد التواضع الإلهي، حيث الذي لا يدرك صار منظوراً، والذ ي لا يُمس صار ملموساً كما يقول القديس غريغوريوس النزينزي.تتجذر فرحتنا في ليتورجيات كنائسنا حيث الإحتفال ليس عملية تذكر إنّّا ذاكرة روحية تستحيل حضوراً يقدِّّسنا ويبعث فينا الفرح ويشركنا بشكل شخصي ومباشر في سرّ المسيح الخلاصي.
تجدنا اليوم شعباً سالكاً في النور نهيم في وجه الارض نبحث عن نور ما نهتدي به ولا نور الا النور الذي راى المجوس نجمه طالعا في الشرق فهرب الليل من امامه ان شمس البر اضاءت من رحم العذراء كما ورد على لسات افرام السرياني.” النور هو الكلمة صار جسداً وسكن بيننا» يوحنا (1/14) والجسد هو الهشاشة والضعف والفقر والحاجة، فلا نبحثنّ عنه في مكان أكثر راحة وطمأنينة، لأننا لن نجد من اختار أن يولد على الهامش بين الفقراء، ويُوت خارج المدينة بين المجرمين إلاّ في الهشاشة. وقد ذكّرنا قداسة البابا لاون الرابع عشر في لقائه معنا في بازيليك سيدة لبنان في حريصا بكلام قداسة البابا الراحل فرنسيس بأن لا نكون غير مبالين أمم مآسي شعبنا وأن لا ننسى أنّ ألَمهم يعنينا فنتقاسم معهم الخبز والخوف والرجاء كما شهدت إحدى أخواتنا الراهبات في اللقاء نفسه.
لقد رسم لنا قداسته خارطة طريق لمشروع سلام كالذي جاء يبشّر به المخلص، ففي عنايا أهدانا قنديلاً مثل الذي أضاءه القديس شربل. وكم كان رائعاً وعظيماً أن يسجد خليفة بطرس أمام جسد أحيا وشفى، وما زال يُحيي و يَشفي بنعمة الله أجساد وأرواح الكثيرين، مذكّراً إيّانا أنّ كل مسيرة روحية تنطلق من سجدة لتمشي في النور، لأنّ كل عمل أو نشاط أو إنجاز روحي لا يتجذّر في الحياة الروحية هو بناء على الرمل لن يصمد فهو لا يرضي الله مهما عَظم وعَلا.
ثمّ أوصانا نحن المكرسين والمكرسات في حريصا أن نتمسّك بالسماء إن أردنا أن نبني السلام وقال: «أحبوا ولا تخافوا أن تفقدوا ما هو زائل، واعطوا بلا حساب. إنّ علينا أن نعزز حضور شبابنا ونقدّر مواهبهم وعطاءاتهم ، ونعطيهم مساحة للحياة والعمل، ونقدّم لهم آفاقاً حقيقية وعملية للنهوض والنموّ في المستقبل.
ووقف في صمت مهيب وصلى مع أهالي ضحايا إنفجار مرفأ بيروت، فكان صمتُه وإصغاؤه أكثر حناناً واحتراماً للموجوعين وأوجاعهم من عدالة متعثرة ومؤجّلة، وسياسات متآمرة على الوجع، وذكرنا أنّ الوقوف إلى جانب المتألمين قد يكون أرحم وأصدق من أي كلا م روحيّ أو لاهوتيّ مهما كان بليغاً. وكان قد زار في دير الصليب من قالت عنهم الأم العامّة أنّهم منسيون، متألّمون في وحدتهم لم يخترهم أحد، فذكّرنا قداسته بأنّ الربّ يسوع يسكن في وجعهم وعزلتهم وحيّا السامريين الصالحين وعملهم الكبير في عيني الله.
وختم زيارته بدعوتنا إلى أن لا نّيل إلى الإستسلام وننسى اندهاش القلب والشكر الواجب لله مهما كانت الأعباءُ ثقيلة. ودعانا إلى نزعِّ السلاح من قلوبنا وإسقاط دروع انغلاقاتنا لكي يتحقّ ق السلام ثمرة ا لميلاد الأولى.
سيدنا، لم يكن العالم الذي تجسّد فيه المخلص أفضل من عالمنا، احتلال وفساد ومسحاء كذبة وخيبات وخوف. كلّ ذلك يتكرر اليوم في مشاهد مماثلة وعا لم مجرو ح يستمرّ فيه المخلص في التزامه في عملي ة انسحا ق لن ينتهي طالما بقي على الأرض خاطئ أو متألّم أو ضائع.
جئنا اليوم نجدّد إيُاننا معكم وأمامكم أنّ الله آت على الرغم من كلّ علامات الغياب، فالعلامة التي نؤمن بها هي الطفل المقمّط في المذود جئنا نعلن معكم أنّ الفرح ممكن، وأنّ الخلاص سيتمّ ، فالله لا يدخل التاريخ من قِّمّته بل من جُرحِّه، كما يقول قداسة البابا بندكتوس السادس عشر.
وإنّنا إذ نعيش رجاء الإنتظار ولقاء فرح ومجد السما بحزن وشقاء الأرض، أتقدّم منكم يا صاحب الغبطة والنيافة باسم أخواتي الرؤساء العامين والإقليميين وأخواتي حضرات الرئيسات العامات والإقليميّات بواجب المعايدة والخضوع البنوي، معكم نعلي صلواتنا كي يبقى صرحُكُم منارةً للإيُمان والمؤمنين ، ويعمّ النورُ المسكونة كلها إذ يسكنها الله فتحيا وتفرح بحضوره، ويحلّ السلام.
بعد ذلك، وجّه البطريرك الراعي رسالته الميلادية فقال:
“أبشركم بفرح عظيم … ولد لكم اليوم المخلص” (لو 2: 10 – 11).
1. في ليلة حالكة، ورعاة بيت لحم ساهرون على مواشيهم، تراءى لهم ملاك الرب، بنور إلهي، ونقل إليهم البشرى العظيمة: “أبشركم بفرح عظيم، يكون للعالم كله: لقد ولد لكم اليوم المخلص، هو المسيح الرب” (لو 2: 10 – 11).
ميلاد يسوع المسيح قلب التاريخ. به انقسم الزمن إلى ما قبل الميلاد وما بعده. الله قرر أن يدخل تاريخ الإنسان دخولا نهائيا. دخل لا كقاض يدين، بل كطفل وديع؛ لا كسيد متسلط، بل كإله متجسد؛ لا ليلغي الإنسان، بل ليخلصه من الداخل.
في الميلاد، نكتشف أن الله لا يخلص الإنسان خارج تاريخه، بل من خلاله. لا يخلصه من السماء فقط، بل من على الأرض، من الواقع، من الجرح، من الفقر، من القلق، من الخوف. لذلك ولد يسوع في مذود، على هامش الإمبراطورية، بعيدا عن مراكز القرار، ليقول لكل إنسان: أنا معك حيث أنت.
2. يسعدني وإخواني السادة المطارنة الأجلاء أن نبادلكم التهاني والتمنيات بالميلاد المجيد والسنة الجديدة المقبلة ٢٠٢٦، يا قدس الرؤساء العامين والرئيسات العامات وحضرة الرؤساء والرئيسات الإقليميين والإقليميات، وسائر الرهبان والراهبات، وهذا الجمع الحاضر. وأشكر معكم قدس الأب الياس سليمان، رئيس عام جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، على الكلمة اللطيفة التي قالها باسمكم.
إني أخشع معكم أمام طفل المغارة، سائلين هذا الإله المتجسد، أن يبارك رهبانياتنا الرجالية والنسائية بنعمه وبدعوات مقدسة تعمل وتشهد في حقل الرب الفسيح.
وأود بالمناسبة أن أهنئ معكم أبناء وبنات كنائسنا المنتشرين في لبنان والأراضي البطريركية وبلدان الانتشار. ومعكم أهنئ جميع اللبنانيين الأحباء.
3. ما زلنا نعيش فرح زيارة قداسة البابا لاون الرابع عشر إلى لبنان في آخر تشرين الثاني وأوائل كانون الأول الجاري. فنشكر قداسته على رسالة السلام التي حملها إلى اللبنانيين، مرددا: “السلام ممكن”، بوجه التهديدات بالحرب. فما إن غادر لبنان، حتى في اليوم التالي كانت الموافقة الأميركية والإسرائيلية على بدء المفاوضات الأمنية وتطبيق القرار ١٧٠١ وما يتصل به، بواسطة الميكانزم برئاسة السفير سيمون كرم. إننا نصلي من أجل نجاح هذه المفاوضات وإبعاد شبح الحرب، وتمكين الجيش اللبناني من جمع السلاح غير الشرعي وحصره بيد السلطة، لكي تبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية.
نشكر قداسة البابا على الرجاء والثقة بالنفس اللذين زرعهما في قلوب اللبنانيين. ولنصلي على نيته لكي يسدد الله خطاه في رعاية الكنيسة بروحانية القديس بطرس الرسول، والاقتداء بالمسيح، الراعي الصالح.
4. إلى جانب الهم الأمني، لا يمكننا أن نغفل الوجع الاجتماعي العميق. العائلات تعاني في معيشتها، في مدارس أولادها، في مستشفياتها، في تأمين أبسط مقومات الحياة. الوضع الاقتصادي والمالي ما زال يضغط بقسوة، وقيمة الليرة، رغم كل الكلام، ما زالت تثقل كاهل المواطن، والإصلاحات الموعودة ما زالت غائبة.
الحقيقة المؤلمة أن المواطن اللبناني هو من يدفع الثمن. وحده بصبره، وكرامته، وتضحياته. هو الذي قام بالدولة حين غابت، وحمل المؤسسات حين تهاوت، وصمد حين انهار كل شيء. المواطن اللبناني هو البطل الصامت، المناضل اليومي، المقاوم بالحياة، لا بالشعارات.
5. لبنان اليوم لا يحتاج إلى إدارة أزمات متلاحقة، بل إلى رؤية وطنية شاملة، وإلى إرادة سياسية صادقة، تخرج البلاد من منطق الترقيع والانتظار، إلى منطق البناء والمسؤولية. المطلوب دولة حاضرة لا غائبة، عادلة لا انتقائية، قوية بمؤسساتها لا بهشاشتها، دولة تحمي الإنسان بدل أن تتركه وحيدا في مواجهة مصيره.
نناشدكم، أيها المسؤولون السياسيون، أن تجعلوا من الإصلاح أولوية لا شعارا، ومن الشفافية نهجا لا استثناء، ومن العدالة قاعدة لا تنازلا. الإصلاح الاقتصادي والمالي لم يعد خيارا، بل ضرورة وجودية، تبدأ بإعادة الثقة، وتنظيم المالية العامة، وحماية أموال الناس، وضمان حقوقهم، وتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي الكريم.
نناشدكم أن تضعوا الإنسان في صلب السياسات العامة: الإنسان الذي يتألم، الذي يعمل، الذي يربي أبناءه بعرق جبينه، والذي ينتظر من دولته أن تكون له سندا لا عبئا. فالدولة التي لا تحمي مواطنيها، تفقد معناها، وتخسر مبرر وجودها.
ونناشدكم بروح الميلاد، أن تختاروا المصالحة لا الانقسام، والحوار لا التعطيل، والمصلحة العامة لا المصالح الضيقة. فالوطن لا يبنى بالغلبة، ولا يدار بالخصومات الدائمة، بل بالتلاقي، وبالعمل المشترك، وبالقدرة على تقديم التنازلات المتبادلة من أجل لبنان. إن التاريخ لا يرحم، والأجيال المقبلة ستحاسب. والميلاد اليوم يضعنا جميعا، مسؤولين ومواطنين، أمام سؤال واحد: ماذا فعلنا بالوطن الذي أعطي لنا أمانة؟ فليكن جوابكم أفعالا تليق بالثقة، وتعيد الأمل، وتفتح باب المستقبل.
6. لا بد من تناول موضوعين أساسيين في رسالة الكنيسة: التربية والاستشفاء.
تشكل المدارس الكاثوليكية في لبنان الرأسمال التربوي الحقيقي للوطن. لا يقتصر دورها على التميز الأكاديمي فحسب، بل يمتد ليشمل التربية على القيم الروحية والإنسانية والأخلاقية، وثقافة السلام، وروح المواطنية، واحترام التعددية، في إطار رؤية تربوية إنسانية شاملة، ما يجعل منها ثروة فعلية للكنيسة وللبنان على حد سواء.
عددها ثلاثمائة وعشر مدارس موزعة على كامل الأراضي اللبنانية. وتضم ما يقارب مئتي ألف تلميذ، ثلثهم من غير المسيحيين، وخمسة عشر في المئة منهم في التعليم المجاني، موزعين على تسعين مدرسة مجانية، تقع غالبيتها في المناطق الجبلية والأطراف حيث لا وجود لمدارس رسمية أو خاصة.
لقد صمدت المدرسة الكاثوليكية في وجه الأزمات المتعاقبة، وصولا إلى الحرب الأخيرة التي حولت بعض القرى إلى خراب ودمار. ومع ذلك، استمرت هذه المدارس في احتضان أبنائها، فآوتهم عند الحاجة، وتابعت أوضاعهم خلال النزوح.
إلا أن هذه المدارس، كسائر القطاع التربوي الخاص، ما زالت تواجه تحديات مصيرية، أبرزها:
1- أزمة مالية خانقة ناجمة عن الانهيار الاقتصادي، وضعت المدارس أمام مطالب معيشية محقة للمعلمين وضرورة تطبيق القوانين والمراسيم النافذة، في مقابل عجز متفاقم لدى شريحة واسعة من الأهالي عن تسديد الأقساط المدرسية، ما يهدد يوما بعد يوم استمرارية رسالة الكنيسة التربوية.
2- غموض مصير تعويضات وتقاعد المعلمين الحاليين والمتقاعدين، الأمر الذي يستدعي وفاء الدولة بالتزاماتها، والإفراج عن أموال المؤسسات التربوية الخاصة، وتسديد الديون المتراكمة عليها.
3- الإقفال التدريجي لعدد كبير من المدارس المجانية نتيجة تقصير الدولة في دفع مستحقاتها المتراكمة منذ عام 2019، ووفق نظام يحدد قيمة مساهمة الدولة بنحو عشر دولارات سنويا عن كل تلميذ. إن فقدان هذا النوع من المدارس يعرض البلاد لخطر اجتماعي وتربوي كارثي.
4- التأخر في تشكيل المجالس التحكيمية حتى تاريخه، رغم الوعود المتكررة، والتي من شأنها إعادة انتظام العلاقة بين المدرسة والأهل على أسس قانونية عادلة.
5- الافتقاد الى تشريع عصري وعادل مبني على روح تشاورية، يعطي كل ذي حق حقه.
7. تعد المستشفيات في لبنان الركيزة الأساسية للنظام الصحي وهي تلعب دورا محوريا يتجاوز تقديم العلاج ليشمل الحماية الاجتماعية والأمن الصحي، وهي تؤمن الرعاية العلاجية والجراحية والخدمات الطبية المتقدمة من عمليات جراحية معقدة إلى علاجات متطورة، وتمثل خط الدفاع الأول في مواجهة الحروب والأوبئة والكوارث الكبرى، وتعمل المستشفيات الجامعية الكبرى كأدوات تعليمية لتخريج الأطباء والممرضين مما يحافظ على جودة الكوادر الطبية اللبنانية.
المستشفيات الخاصة تمثل 80% من القطاع الاستشفائي ولقد أثبتت خلال الأزمات والحروب المتلاحقة جدارتها في تحمل مسؤولياتها، ولقد نجحت في اجتياز الأزمة الاقتصادية بأقل ضرر ممكن بالتعاون مع الهيئات الصحية الرسمية والخاصة والخيرين، لكنها لا زالت ترزح تحت وطأة الأعباء والأكلاف المادية الكبيرة من أجور ورواتب وطاقة وغلاء المستلزمات الطبية وغلاء المعيشة، وتعرفات لا تعكس الكلفة الحقيقية للأعمال الطبية والاستشفائية، وهي تحاول بالتفاوض مع الهيئات الرسمية والخاصة الحصول على بدل عادل لهذه الأعمال، ونرجو أن تتجاوب هذه الهيئات مع مطالبها المحقة كي تستمر هذه المؤسسات في تقديم نوعية خدمات استشفائية جيدة ومميزة.
8. في ختام هذه الرسالة، نسأل الطفل الإلهي أن يحيي في قلوبنا فضيلة الرجاء، ويمنحنا النعمة لنكون “صانعي السلام”.
ولد المسيح، هللويا!
وفي ختام اللقاء، تقبّل البطريرك الراعي التهاني من الحضور، في أجواء روحية جامعة عكست معنى الميلاد كرسالة حياة ونور، لا فقط للكنيسة، بل للبنان بأسره.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام



