رأي

١٣ نيسان بداية التاريخ الأسود..

كتب صلاح سلام في “اللواء”:

١٣ نيسان ليس مثل بقية الأيام في الذاكرة اللبنانية، لأنه بداية أفول عصر «المعجزة اللبنانية» التي حيّرت العالم، وكانت تُعتبر سر المرحلة الذهبية التي حفلت بالتطور والإزدهار والإستقرار، وجعلت من لبنان ما يسمى في ذلك الزمان «سويسرا الشرق».
هبت رياح الفتنة بعد سلسلة من المؤشرات على اقتراب العاصفة الهوجاء، وما ستسببه من إنفجار مريع يُطيح بكل قواعد الحياة الهائنة التي كان يعيشها لبنان، وذهبت مضرب المثل والمثال للعديد من  شعوب المنطقة التي كانت تُعاني من عدم الإستقرار، وإشتداد قبضة الإستبداد.
رغم قسوة الحروب العبثية التي عاشها لبنان على إمتداد خمس عشرة سنة، فقد صمدت الصيغة اللبنانية، رغم كل ما تعرضت له من ضربات وإهتزازات، ورغم كل المجازر والأهوال التي تنقلت بين مختلف المناطق، وأصابت بمآسيها كل مكونات الوطن. 
ولكن لا بد من الإعتراف بأن البلد لم يخرج بعد من إرتدادات صدمات الحرب، بسبب سوء الإدارة السياسية التي تولت السلطة منذ التسعينات، وأهملت مسؤولياتها الوطنية في تحقيق المصالحة الشاملة، والعمل بجدية على إعادة بناء الدولة على أسس المساواة والعدالة، وترسيخ مبادئ الحريات والممارسة الديموقراطية الصحيحة، وطوي صفحة «دولة المزرعة»، التي سادت في مرحلة الجمهورية الأولى. 
تولت الميليشيات التي خاضت المعارك طوال سنوات الحرب، قيادة الدولة في «الجمهورية الثانية»، وضربت عرض الحائط الأسس التي يقوم عليها الحكم الرشيد.
خُيّل لكثيرين في البداية أن الحرب هي الوسيلة المتاحة للتغيير في البنية السياسية، والتخلص من مجموعات السياسيين المخضرمين الذين حكموا في عهود الإستقلال الأولى. ولكن ما وصلت إليه البلاد والعباد من تعثر وإرباكات، وصولاً إلى الإنهيارات الراهنة، بسبب تفشي الفساد والمحسوبيات والصفقات، جعل الناس تترحم على أيام «الزعامات الرجعية والتقليدية»، التي حولت وطن الأرز إلى «سويسرا الشرق». 
١٣ نيسان ذلك اليوم الأسود، كان بداية التاريخ الأسود والمراحل المدمرة التي أوصلت هذا الشعب الصابر إلى جهنم وبئس المصير.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى