يعطيكم العافية
كتب د. خالد أحمد الصالح في صحيفة الراي.
دعاء جميل يفتتح به العرب محادثاتهم.
وفي الكويت جملة (يعطيك العافية) منتشرة في مستهل الحوار، وفي وسطه، وفي آخره، ويبدو أن استخدام الكويتيين لهذه الجملة عقوداً طويلة انتهى بهم إلى تحقيق الحلم فأتتهم (عافية) ولكن سرعان ما تبخر الحلم وضاعت (عافية).
الآن، المتقاعدون ومعظمهم كبار السن تم سحب هذا الامتياز منهم، وعادوا إلى قواعدهم القديمة ولكن غير سالمين، ولأن المتقاعدين مخضرمون في الحياة فقد بادروا بتكوين حزب قوي صنعته لهم عافية، وبدأت قبل أيام معركتهم مع وزارة الصحة، بدأت بالنقد و(التحلطم) ثم استغلال منصات التواصل لبث الشكوى وتسجيل مواقف ومهاجمة قياديي الصحة.
لن تنتهي الحرب إلّا بفوز المتقاعدين، هذا طبيعي فكل متقاعد لديه جيل أو جيلان من الشباب يتم تجنيدهم في هذه المعركة، ببساطة سوف يواجه قياديو الصحة الشعب الكويتي برمته، باستثناء أقليّة لهم مصالح مع الحكومة.
أنا أعرف قياديي الصحة عن قرب، جميع من أعرفهم في هذه الحقبة من المخلصين المحبين لوطنهم وشعبهم، ولأنهم كذلك فقد وجدوا أنفسهم بين فكّي الرحى، ليس باستطاعتهم مخالفة توجهات الحكومة ولن يستطيعوا مسايرة موجات النقد المبرر وغير المبرر.
ما هو الحل ؟ أفضل حل هو المسارعة في إعادة التأمين للمتقاعدين بصورة مرحلية ثم دراسة حلول تطوير هذا القانون سواءً بتحميل جزء من أموال عافية على المتقاعدين دون إرهاق ميزانيتهم، أو بتوفير شركة تأمين حكومية مساهمة تتولى عافية لتكون (دهينتنا في مكبتنا)، المهم في هذه المرحلة الابتعاد عن دعاوى تطوير العمل وتخصيص عيادات وغيرها من الأفكار، والسبب أن عافية مرتبطة أيضاً بالأطباء داخل الوزارة، وكثير منهم وجد في عافية سبيلاً لتحقيق فائدة مالية مُستحقه تُعينه على الغلاء الفاحش، لا سيما في أسعار الأراضي، حلم الشباب الكويتي اليوم.
أصبحت عافية مُنقذة للمتقاعدين والأطباء الكويتيين العاملين بالقطاع الخاص، والذين منهم كثيرون يعملون صباحاً في وزارة الصحة. إذاً، التأخير في عودة عافية سوف يُضعف القطاع الخاص وأيضاً سوف يؤثر على سمعة وزارة الصحة بالتربص الذي للأسف كثير منه غير مبرّر، وستجد وزارة الصحة نفسها بعد عام وقد ضاع كل مجهودها المتواصل لتحسين سمعة الخدمات الصحية تحت مِطرقة عافية.
أما الاقتصاديون الذين لديهم الرغبة في توفير أموال الدولة ويتحدثون عن التوفير والهدر وغيرها من المصطلحات ذات الوجه الواحد، فهؤلاء عليهم أن يواجهوا حزب المتقاعدين الجديد.
إذاً، أتمنى ايجاد حل يُرضي المتقاعدين بعيداً عن القطاع العام الذي لن ينجح في إرضائهم مهما حاولوا. فالطائر الجارح أكبر من اليد القابضة.