صدى المجتمع

يحدد هدفه مسبقاً.. لماذا الذباب أذكى كثيراً مما نعتقد؟

أظهرت دراسة حديثة مدى الذكاء الذي تتمتع به «ذبابة الفاكهة»، وأنها لا تطير بلا هدف بحثاً عن غذائها، ولكنها تكتشف مساراً محدداً قبل الانطلاق فيه، على طريقة «GPS»، فيما أكد العلماء أن الذبابة تمتلك دماغاً صغيراً للغاية، لكنها تفعل به عمليات معقدة، لدرجة تفوقها على الإنسان أحياناً في معرفة اتجاه الرياح، وهو ما قد يساعد لاحقاً في الحد من انتشار الأمراض عن طريق الحشرات الطائرة.

وأجاب علماء في جامعة نيفادا الأمريكية عن السؤال الذي يراود الكثيرين: كيف وصلت ذبابة الفاكهة إلى هدفها في مطبخك؟

وفي حين قد يبدو للبعض أن الذباب يطير بلا هدف حول المنزل، كشفت دراسة نشرت الجمعة في مجلة Current Biology أن ذباب الفاكهة يستخدم في الواقع حركات متعمدة للبحث عن مصدر الرائحة اللذيذة.

ووثق الباحثون أن ذبابة الفاكهة السوداء تنفذ استراتيجية تعرف باسم «الصب والاندفاع»، للعثور على مصادر الغذاء. وباستخدام هذه التقنية، تلتقط ذبابة الفاكهة «نفحة» من شيء لذيذ، وتتحرك عكس اتجاه الريح لتتبّع الرائحة، ثم تتقلّب جنباً إلى جنب عندما تفقد الرائحة للعثور عليها مرة أخرى، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.

وأوضح العلماء أن التقاط رائحة في الريح لا يعني أن المصدر قريب. بل ربما كان النسيم يحمل الرائحة من نقطة بعيدة. ونتيجة لذلك، تعد تقنية الذباب طريقة فعالة لتعقب أصل الرائحة.

تجربة السيارة
وسأل فلوريس فان بروغل، الباحث الرئيسي في الدراسة والأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية قائلاً: «إذا أخرجت رأسك من نافذة السيارة أثناء القيادة، هل يمكنك معرفة ما إذا كانت هناك رياح أم لا؟»، وأضاف: «من الصعب اكتشاف نسيم لطيف أثناء التحرك في الهواء، لكن ذباب الفاكهة يتفوق في ذلك على أي حال».

ورجّح الباحثون أن الذباب يبطئ سرعته ويستدير عندما يواجه رائحة ما لتحديد ما إذا كانت هناك رياح ومن أين تأتي.

وقالت إليزابيث هونغ، أستاذة علم الأعصاب في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: «إن هذه عملية حسابية معقدة للغاية تحدث في هذا الدماغ الصغير جداً – الذي يُفترض أنه بسيط -».

الهواء الساكن
وقال ماركوس ستينسماير، الأستاذ المشارك في علم الأحياء الحسي بجامعة لوند: «إن لدى الذباب خدعة أخرى»، عندما لا توجد رياح. ووجد الباحثون أنه عندما يواجه الذباب رائحة في الهواء الساكن ثم يفقدها، فإنه يتجه نحو الأسفل في محاولة للعثور على مصدر الرائحة.

قد لا يكون هذا السلوك مفاجئاً، فمعظم الرسوم الكاريكاتورية للذباب تظهره وهو يدور حول كومة من «الطعام النتن». ومع ذلك، فهذه هي المرة الأولى التي يوثق فيها العلماء كيف تتصرف ذبابة الفاكهة في بيئات الهواء الساكن، مما يؤكد الحدس البشري القديم.

وفي الهواء الساكن، يشير التقاط الرائحة إلى أن المصدر ربما يكون قريباً، مما يجعل نهج «الحوض والدائرة» أكثر فائدة. واقترح بعض الباحثين أن الكلاب والفئران تظهر سلوكيات متشابهة عندما تشم رائحة عالية ومنخفضة لتقترب من الرائحة.

كيف تم الاكتشاف؟
لإجراء دراستهم، كان على الباحثين أولاً اكتشاف طريقة لتحفيز حاسة الشمّ لدى الذبابة في بيئة خالية من الرياح. إذ استخدموا ذباباً معدلاً وراثياً يحتوي على خلايا عصبية منشطة بالضوء في قرون الاستشعار الخاصة به، والتي هي في الأساس أنف الذبابة. ونتيجة لذلك، تمكن الباحثون من تحفيز حاسة الشم باستخدام ومضات ضوئية حمراء بدلاً من الروائح الفعلية.

وبعد ملاحظة أن ذباب الفاكهة يتحرك بشكل مختلف بناءً على الظروف الجوية، استنتج الباحثون أنه يمكنه الشعور بوجود الرياح واتجاهها.

فائدة الاكتشاف
وفقاً لريتشارد بنتون، الأستاذ بجامعة لوزان الذي يتمتع بخبرة في علم الأحياء العصبي، فإن فهم كيفية تتبع ذباب الفاكهة للروائح يمكن أن يساعد العلماء على فهم الآفات الضارة بشكل أفضل، مثل البعوض.

ويهتم العلماء بشكل خاص بتثبيط قدرة البعوض على العثور على البشر والتغذي على دمائهم للحد من انتقال الأمراض.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى