اقتصاد ومال

“وول ستريت” تحبس الأنفاس انتظاراً لبيانات حاسمة

لم يكن شهر أغسطس الماضي عادياً بالنسبة لـ “وول ستريت”، فقد كان أحد أكثر أشهر التداول اضطراباً في العام الجاري، بعد أن استعاد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 – الذي بدأ شهر أغسطس بتسجيل أسوأ يوم له منذ عام 2022 – جميع خسائره في ثلاثة أسابيع قصيرة فقط، ويقترب مرة أخرى من أعلى مستوياته على الإطلاق.

وتواجه “وول ستريت” شهوراً صعبة قبيل الانتخابات الأميركية، ابتداءً من شهر سبتمبر الذي يعتبر “الشهر الأضعف موسمياً (وفق البيانات التاريخية) حيث بلغ متوسط ​​الانخفاض 1.2 بالمئة خلاله، وفقاً لما أشار إليه الخبير الاستراتيجي الفني في بنك أوف أميركا، ستيفن سوتماير”، في التصريحات التي نقلها تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، اطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية عليه.

علاوة على ذلك، سوف يضطر المستثمرون إلى التعامل مع اجتماع السياسة النقدية المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي يستمر يومين يومي 17 و18 سبتمبر.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة.. بينما السؤال هو إلى أي مدى سوف يخفض البنك أسعار الفائدة.


ونقل التقرير عن كبير الاستراتيجيين العالميين في فريدوم كابيتال ماركتس، جاي وودز، قوله: “ستكون هناك مخاطر كبيرة في العناوين الرئيسية خلال الأسابيع القليلة المقبلة. والآن بعد أن انتهينا من موسم الأرباح، ستكون هذه العناوين الرئيسية تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى”.

وحتى ذلك الحين، سيتعين على المستثمرين أن يخوضوا في جدول اقتصادي مزدحم ــ مع صدور تقرير الوظائف في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، وبيانات التضخم في الأسبوع التالي ــ للحصول على المزيد من الأدلة حول ما يمكن توقعه من بنك الاحتياطي الفيدرالي في المستقبل.

مفتاح أسعار الفائدة

ومن المرجح أن يظل مسار تخفيف السياسة النقدية حاضراً بقوة في أذهان المستثمرين طيلة تعاملات الشهر الجاري، وهو ما يضيف أهمية إلى التقارير الاقتصادية التي ستصدر بين الآن واجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي.

بيانات الرواتب غير الزراعية لشهر أغسطس من المقرر أن تصدر في السادس من سبتمبر.
في حين من المقرر أن تصدر مؤشرات أسعار المستهلك والمنتجين في الحادي عشر والثاني عشر من الشهر نفسه.
أية إشارة من سوق العمل أو بيانات التضخم تشير إلى أن المستثمرين سوف يضطرون إلى إعادة النظر في توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة لبقية العام من الممكن أن تضر بالأسهم.
ونقل التقرير عن سام ستوفال من مركز أبحاث الأسواق المالية، قوله: “أعتقد بأن توقع خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في غضون أربعة أشهر أمر مبالغ فيه بعض الشيء.. لقد ظل بنك الاحتياطي الفيدرالي يقول إنه لا يريد إعادة إشعال فتيل التضخم، بل يريد التأكد من إخماد الحريق قبل أن نغادر المخيم. لذا، أعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، وبعد ذلك سوف نراقب البيانات لاتخاذ القرار”.


وأضاف: “ربما نستبعد احتمالات شهر نوفمبر مرة أخرى إذا استمرت البيانات في الظهور بشكل أقوى من المتوقع. لا يزال الوضع متقلبا، لأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يظل معتمدا على البيانات”.

مسار إيجابي للأسهم

وعلى العكس من البيانات التاريخية لشهر سبتمبر، توقع خبير أسواق المال والعضو المنتدب لشركة آي دي تي للاستشارات والنظم التكنولوجية، محمد سعيد، أن تتجه “وول ستريت” نحو المسار الإيجابي في الفترة المقبلة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأميركية، موضحاً لدى حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن السوق حافظت على اتجاهها الصاعد لفترة طويلة، وبما يدعم استمرار هذا الاتجاه وفقاً للتحليل الفني، حيث تميل الأسواق التي تسير في اتجاه معين إلى الحفاظ عليه.

لكنه من ناحية أخرى، حذر من أن الزخم الحالي للسوق قد استمر لفترة طويلة، مما قد يضع عقبات أمام المسار الإيجابي المتوقع (في إشارة لأداء متذبذب محتمل) مشدداً في الوقت نفسه على أن التوترات الجيوسياسية، بالرغم من هدوء الأوضاع نسبيًا على الصعيد الروسي الأوكراني، قد تشكل تهديدات مستقبلية.

وأكد أن هذه التوترات قد تؤثر على أداء السوق من وقت لآخر، إلا أنه بالرغم من هذه المعوقات، يبقى التوقع الأكبر أن تحتفظ السوق بزخمها الإيجابي.. مردفاً: “أسواق المال تتميز بعدم المنطقية، ورغم كل الإيجابيات والمعوقات، يظل هذا العنصر جزءًا لا يتجزأ من طبيعة الأسواق”.

كما تحدث عن ارتباط أداء السوق بقرار الفيدرالي كمحدد رئيسي للاتجاهات المستقبلية، مشدداً على أن الفيدرالي كان قد تبنى سياسة نقدية متشددة على مدار سنتين ونصف لمواجهة التضخم الذي بلغ مستويات قياسية بعد الحرب في أوكرانيا، كانت الأعلى منذ أربعين عاماً. وأشار إلى أن رئيس الفيدرالي عبر في ندوة جاكسون هول عن ارتياحه لتحقيق استقرار في معدلات التضخم، لافتاً إلى أن التحديات الرئيسية باتت الآن تتركز في سوق المال وتقرير الوظائف.

وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة في اجتماع سبتمبر وما يليه من اجتماعات، وربما يمتد هذا النهج لسنتين قادمتين، مما سيعزز السياسة التوسعية ويدعم المسار الإيجابي للسوق، وفق سعيد، الذي أشار إلى أن نتائج أعمال الشركات ما زالت في المنطقة الإيجابية، لكن من الصعب التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، وهي عوامل أيضاً تؤثر بشكل مباشر في وول ستريت.

تحديات كبيرة
توقع رئيس الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، أن تشهد سوق الأسهم في “وول ستريت” تحديات كبيرة في الفترة المقبلة؛ خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، موضحاً لدى حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن شهر سبتمبر يعد تاريخياً أحد أسوأ شهور السنة بالنسبة للأسهم، حيث يشهد انخفاضات كبيرة معتادة.

وأرجع ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها اقتراب موعد إعلان قرار لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بشأن أسعار الفائدة، وهو قرار منتظر بشكل كبير هذا العام تحديداً (ويأتي بعد إشارة رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول، خلال ندوة جاكسون هول، بشأن أن الوقت قد حان لتعديل السياسة).

وأضاف أن التوقعات تشير إلى أن الفيدرالي سيواصل خفض أسعار الفائدة، إلا أن هذه التوقعات أصبحت مرتبطة بشكل وثيق بتقرير الوظائف الأميركي المرتقب صدوره يوم الجمعة المقبل، مردفاً: الخبراء يتوقعون خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس. وذكّر بأن تقرير الوظائف الأخير والخوف من موجة بيع عنيفة أعاد الأسواق إلى حالة من القلق.


وأشار يرق إلى أن بعض المؤشرات الاقتصادية الأميركية الأخيرة، مثل انخفاض معدل البطالة وتحسن بعض الأرقام الاقتصادية، قد منحت الاقتصاد دفعة إيجابية. إلا أنه أوضح أن الأرقام السلبية في سوق العمل ستكون المحرك الرئيسي للأسواق في الفترة المقبلة.

من المتوقع أن يكون تقرير الوظائف المرتقب محركا للسوق بعد الضعف المخيب للآمال في أرقام الرواتب في يوليو والذي أثار المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي، مما أسهم في موجة البيع في الخامس من أغسطس، فيما عرف بـ “الاثنين الأسود”.
تتوقع وول ستريت صدور تقرير أقوى هذه المرة. ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يضيف الاقتصاد الأميركي أكثر من 160 ألف وظيفة في أغسطس ، ارتفاعاً من 114 ألف وظيفة في يوليو ، وفقاً لتقديرات شركة فاكت سيت.
وتشير التقديرات إلى أن معدل البطالة من المتوقع أن يتراجع إلى 4.2 بالمئة من 4.3 بالمئة.
أظهرت بيانات فاكت سيت أن مؤشر أسعار المستهلك في أغسطس من المقرر أن يظهر تراجع التضخم السنوي إلى 2.6 بالمئة من 2.9 بالمئة على أساس سنوي. ومن المقرر أن يظهر مؤشر أسعار المنتجين لنفس الشهر تراجع التضخم إلى 1.7 بالمئة من 2.2 بالمئة.
تؤثر كل تلك العوامل بشكل مباشر على “وول ستريت”. وفي تصور رئيس الأسواق العالمية في Cedra Markets، فإن البيانات الاقتصادية المرتقبة وقرار الفيدريالي وتأثير ذلك على سوق العمل جميعها عوامل حاسمة في تحديد اتجاهات وول ستريت حتى الانتخابات الأميركية، لافتاً في الوقت نفسه إلى تصريحات رئيس الفيدرالي التي وعد خلالها بتحقيق توازن في الاقتصاد وتجنب الهبوط الحاد، إلا أنه لم يولِ اهتمامًا كبيرًا لبيانات سوق العمل السلبية.

واختتم يرق تصريحاته بالإشارة إلى أن شهر سبتمبر سيشهد تصحيحات قوية في الأسواق، متوقعاً أن تكون حدة التصحيح مرتبطة بأرقام الفائدة والبيانات الاقتصادية الأميركية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى