وفود الأعمال اليابانية تعود إلى الصين بعد 5 سنوات من الانقطاع
وصل وفد يضم نحو 200 من قادة الأعمال والمديرين التنفيذيين اليابانيين إلى الصين، هذا الأسبوع، في أول زيارة على هذا المستوى منذ عام 2019، وذلك في إطار سعي الشركات لتعزيز العلاقات الاقتصادية في مواجهة الرياح المعاكسة الجيوسياسية التي أدت إلى توتر العلاقات الثنائية.
وكانت الوفود الاقتصادية اليابانية تزور الصين كل عام منذ عام 1975، لكن تلك الزيارات انتهت خلال عصر «كوفيد – 19» عندما أغلقت الصين حدودها إلى حد كبير؛ بسبب سياساتها الصارمة في التعامل مع الوباء.
ويوم الخميس، التقى مندوبون من اتحاد الأعمال الياباني القوي، والجمعية الاقتصادية اليابانية – الصينية، رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ في قاعة الشعب الكبرى.
وقال وانغ وين بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، في مؤتمر صحافي: «أوضح رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ أن العلاقات الصينية – اليابانية تمر حالياً بفترة حرجة بين توترات الماضي واستشراف المستقبل… ومن المأمول أن يمارس المجتمع الاقتصادي الياباني تأثيراً نشطاً في التعاون المربح للجانبين بين الصين واليابان».
وتوترت العلاقات بين الصين واليابان بعد أن اختلف ثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم حول قضايا تتراوح بين إطلاق اليابان المياه المشعة المعالَجة في المحيط، إلى احتجاز مواطنين يابانيين للاشتباه في قيامهم بالتجسس.
كما كانت القيود التي فرضتها اليابان على تصدير معدات صناعة الرقائق المتقدمة إلى الصين سبباً في تأجيج الاتهامات الصينية بأن حكومة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا تتبع خطى الولايات المتحدة في «احتواء» التنمية الاقتصادية في الصين.
ولكن خلال اجتماع نادر بين كيشيدا والرئيس الصيني شي جينبينغ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اتفق الرجلان على ضرورة أن يسعى بلداهما إلى إقامة علاقات متبادلة المنفعة.
وتعتمد اليابان بشكل كبير على الصين، حيث استثمرت الشركات اليابانية لسنوات في بناء سلاسل توريد التصنيع وإقامة علاقات مع الشركاء المحليين. وكانت الصين أكبر سوق لصادرات اليابان بقيمة 145 مليار دولار، وأكبر مصدر منفرد للواردات بقيمة 189 مليار دولار في عام 2022.
لكن عدد الشركات اليابانية التي تخطط للتوسع في الصين انخفض إلى أقل من 30 في المائة للمرة الأولى وفقاً لمسح سنوي نُشر أواخر العام الماضي، حيث أشارت بعض الشركات إلى مخاوف بشأن عدم اليقين الاقتصادي، بينما سلطت شركات أخرى الضوء على المخاطر الجيوسياسية.
واعتقلت الصين العام الماضي مسؤولاً تنفيذياً يابانياً، وهو موظف في شركة الأدوية «أستيلاس فارما»، للاشتباه في قيامه بالتجسس. ويقول مسؤولون يابانيون إن هذه الخطوة كان لها تأثير سلبي في قطاع الأعمال.
وقال المتحدث الصيني: «إن جميع أنشطة إنفاذ القانون والأنشطة القضائية في الصين يتم تنفيذها على أساس الحقائق والقانون. وما دامت الشركات تعمل بشكل قانوني، فلا داعي للقلق. نحن نرحب بالشركات من جميع البلدان، بما في ذلك الشركات اليابانية».
كما يعاني عدد متزايد من الشركات اليابانية من تراجع المبيعات في الصين؛ بسبب المنافسة المحلية المتزايدة، والاقتصاد الصيني المتباطئ، والمشاعر اليابانية السلبية بعد تسرب مياه الصرف الصحي من منشأة فوكوشيما.
وتواجه شركات صناعة السيارات اليابانية أيضاً، على غرار «تويوتا» و«نيسان»، انخفاضاً في حصصها السوقية في الصين، حيث تتخلف عن المنافسين المحليين في عروض السيارات الكهربائية في أكبر سوق للسيارات في العالم.
وفي شأن ياباني منفصل، تسعى النقابات الممثلة للعاملين في قطاع الطيران الياباني لزيادة أساس الأجور الشهرية بأكثر من 10 آلاف ين (نحو 68 دولاراً) أي بنسبة 3.6 في المائة، في ظل المفاوضات بشأن الأجور بين شركات الطيران والنقابات العمالية، حسبما ذكرت «بلومبرغ».
وقال اتحاد نقابات صناعة الطيران اليابانية، يوم الخميس، إن الاقتراح يستهدف ضمان توافر العمالة التي يحتاجها قطاع الطيران الياباني في ظل نقص العمالة، والتعامل مع ارتفاع معدل التضخم.
يذكر أن الأجور تعدّ مؤشراً رئيسياً لبنك اليابان المركزي عند مراجعة السياسة النقدية وأسعار الفائدة الرئيسية. ورغم قيام الشركات بزيادة الأجور وبوتيرة سريعة في العام الماضي، فإنها لم تؤدِّ إلى دورة زيادة أجور مستدامة ذاتياً.
وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي أبقى البنك المركزي على سياسته النقدية وسعر الفائدة السلبي دون تغيير. كما أبقى على توقعاته للنمو الاقتصادي والتضخم.
وقال أكيرا نايتو، رئيس اتحاد النقابات، إنه في حين ما زالت صناعة الطيران اليابانية تواجه تحديات مثل العمل الزائد بالنسبة للعاملين في القطاع، فإن زيادة الأجور أصبحت مهمة لجذب المواهب، في الوقت الذي أصبحت فيه الموارد البشرية مشكلة خطرة للقطاع منذ تفشي جائحة فيروس «كورونا المستجد» في أوائل 2020.
وتطالب «نقابة رينغو»، أكبر نقابة عمالية في اليابان، بزيادة الأجر الأساسي بنسبة 5 في المائة على الأقل بوصف ذلك جزءاً من رؤية أساسية للمفاوضات المقبلة مع أصحاب العمل، في حين تعد الشركات الكبرى في اليابان عرضاً بزيادة الأجور بنسبة 3.85 في المائة فقط خلال العام الحالي، وهي أكبر زيادة منذ 31 عاماً، بحسب مسح أجراه «مركز اليابان للأبحاث الاقتصادية» وشمل 37 محللاً اقتصادياً.