رأي

وزير التعليم: تحت المجهر

كتب د. طلال الحربي في صحيفة الرياض.

لعله في أغلب ميزانيات المملكة، أكثر قطاع تم دعمه والعمل على تطويره وتحسينه وتحديثه، هو قطاع التعليم بشكل عام، وقبل انطلاق الرؤية 2030، تم عمل مجهودات كبيرة للنهوض بقطاع التعليم، ولعل أسباب عدم اكتمال الصورة إن جاز التعبير في هذه الفترة ما قبل الرؤية كان سببه نقطتين رئيسيتين، الأولى هو محاولة تحسين ما هو موجود فعلياً، سواء من تنظيم هيكلي إداري، أو مناهج وأسس تعليم وضوابط، والنقطة الثانية هي إعطاء المجال والوقت الكافي لكي تعافى قطاع التعليم من تلقاء ذاته، وتبدل العملية كلها بشكل سلس حتى لو أخذ من الوقت عقوداً من الزمان.

ولكن مع انطلاق رؤية المملكة نحو العام 2030، وما شهدته المملكة من نهضة تنموية شاملة في كافة المجالات والقطاعات، فمن الضرورة بمكان أن يصبح قاطع التعليم المحطة الأولى الواجب معالجتها وإعادة برمجتها وهيكليتها، لكي أولاً تواكب التطور الناجم عن مسيرة رؤية 2030، ومن ثم العمل على رفد المجتمع والسوق السعودي بكوادر قادرة على تحقيق الرؤية، ومن ثم العمل لإنتاج جيل من المتعلمين والمثقفين السعوديين القادرين مستقبلاً على حماية منجزات الرؤية والوطن بشكل عام، لهذا كان من الضرورة بمكان التسريع بعملية التطوير، الاستبدال وليس الإحلال البطيء، فرض التغيير بالأنظمة والبرامج والسياسات الصادرة عن قمة هرم وزارة التعليم.

مؤخراً وضمن نفس النسق وعلى نفس النهج، قام معالي وزير التعليم الأستاذ يوسف البنيان، باتخاذ عدة قرارات مهمة وضرورية للغاية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ولأول مرة في تاريخ الوزارة تم العمل على فصل قطاع الخدمات والصيانة في الوزارة عن تبعية الهيكل التنظيمي الإداري للوزارة نفسها، وإلحاق هذه الخدمات بإشراف وإدارة شركة تطوير المباني، بحيث تتفرغ الوزارة بكافة كوادرها للمهام التعليمية البحتة، كمهنة تخصصية مقدسة، بما تشمله من تعليم وتطوير أسس التعليم.

كذلك تم إجراء العديد من التغييرات وبإشراف مباشر من معالي الوزير وفريقه الإداري، كلها تصب في خانة خدمة مهنة التعليم، وتوفير بيئة تعليمية جاذبة للمهنة والقطاع، بحيث تحقيق أهداف تخدم أركان منظومة التعليم من مناهج ومعلمين وطلاب ومرافق، وبصورة تتناسب مع تطورات العصر الحالي، وقادرة على التعامل مع أية متغيرات وتطورات في العصر المستقبلي المقبل، وهكذا فإن الهدف الآن بعيداً عن أية مساعدات أخرى، هو تجهيز مخرجات التعليم لمواكبة الرؤية اليوم والمساهمة في تحقيقها وإنجازها، وبنفس الوقت مخرجات تعليمية قادرة على حماية المنجزات واستدامتها.

على ذكر المناهج، فإنه تم تشكيل لجنة من عدة قطاعات من الجهات ذات العلاقة وضعت برامج تخصصية متقدمة مواكبة لكل ما هو جديد، ومحافظة على كل ما هو مفيد وإن كان قديماً، الاستفادة من الدروس والعبر السابقة، والمقارنة بين كيف كنا وكيف نحن اليوم وكيف سنكون غداً، وعليه جارٍ إعداد مناهج دراسية تواكب كل ما هو جديد، وتساهم في إيجاد عقليات وطنية سعودية قادرة على الإبداع والابتكار، كأهم المخرجات الرئيسية لرؤية المملكة 2030.

ولا يمكن لنا أن نتناول ملف التعليم في المملكة، ووزارة التربية والتعليم، دون أن نأتي على ذكر الأكثر أهمية في المنظومة كلها، صاحب المهنة الأكثر قدسية، المعلم، رفع مستوى المعلم المهني والوظيفي والقدرات، والعمل على بناء نظام وهيكل خاص بمهنة المعلم كمهنة، وأنها تصبح مهنة لمن يرغبها ويريدها، وليس مجرد وظيفة يسعى إليها الشاب السعودي، لكي يؤدي الرسالة الأهم في تاريخ كل شعب وكل حضارة ألا وهي التعليم ثم التعليم.

معالي الوزير البنيان، يستحق الثناء والشكر، ليس على هذه القرارات والتنظيم، بل على قدرته على اختيار الفريق المرافق سواء المخطط والمنفذ اللذين يعملان تحت إدارته، ويسجل لمعاليه قدرته على اختيار الطاقات السعودية المناسبة وتوظيفها في المكان المناسب ضمن برنامج تطوير التعليم في المملكة، وهنا تكمن المهارة والحنكة، ولهذا فإنني أرفع العقال لمعاليه، ومؤكداً أن حكمة وروية ولاة الأمر في اختياره وزيراً للتعليم، إنما هي مستمدة من توفيق رب العالمين أولاً، ومن ثم إصرار ولاة الأمر على تحقيق الإنجاز المميز في وقت قليل لتطوير منظومة التعليم بشكل عام.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى