وزيرة خارجية ألمانيا
![](https://raiseyasi.com/wp-content/uploads/2025/01/688591.jpeg-780x470.webp)
كتب د. عبدالرحمن الجيران في صحيفة الراي.
نستغرب تصريح وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بعد زيارتها لسورية، أذاعته – بصوت مُتهدِّج ووجه متجهم – بأن ألمانيا لا تُعطي الأموال للهياكل الإسلامية؟ ولا ندري ماذا تقصد فهل بلاد الشام هيكل مثل هيكل سليمان المزعوم عند اليهود؟ وهل دمشق وتاريخها بلا مضمون؟ وغاية ما في الأمر أن سورية تحررت من نظام فاسد مدعوم بغزو خارجي آثم خلّف وراءه آلاف القتلى والجرحى والنازحين والمعاقين دون أي اعتبار لحق المسلم على أخيه المسلم! والآن سورية بصدد التعافي شيئاً فشيئاً وتمد يدها للأصدقاء والأشقاء لإعانتها إنسانياً وبلا وصاية…
ولا ندري سبب تجهم وجه الوزيرة! ولماذا لم تعتبر عدم مصافحة أحمد الشرع، لها حرية شخصية؟ بينما هي – بحرية شخصية – اختارت لباسها الرسمي في هذه الزيارة! فما هي ازدواجية المعايير إذاً؟ خصوصاً أن ألمانيا ودستورها وشعبها علمانية حتى النخاع! كما أن واقع الحياة اليومي في ألمانيا لا يستقيم مع هذا الأسلوب! ولعل السبب في هذا الخوف عدم الإلمام بتاريخ العلاقة بين الإسلام والقوط وتالياً – الجرمان – وخطأ اختزالها بما تلبس! وبعدم المصافحة! حيث إن ألمانيا بل أوروبا بأسرها لا يمكنها أن تعيش عاماً واحداً من دون الشرق الأوسط!
وإذا قلّبنا صفحات التاريخ عام 732 ميلادي، أي في عام 112 للهجرة وتحديداً في معركة بلاط الشهداء… التي أوقفت زحف الجيوش الإسلامية عن الممالك البيزنطية… ثم تطورت العلاقات بين القيصرية الألمانية في عهد قيصر ألمانيا كارل مارتيل، وذلك في عهد الخليفة هارون الرشيد، وكانت بينهما مراسلات من أجل تأمين نصارى الغرب في زيارتهم لبيت المقدس، وارتقت هذه العلاقة من خلال البعثة الدبلوماسية حيث أقام عبدالله بن معاوية، في مدينة آخن، وعاش فيها فترة من الزمن (حسب رواية التاريخ).
وفي عام 1590 ميلادي، افتُتح أول كرسي للغة العربية في جامعة هيدلبرغ، وازداد عدد المستشرقين وتوالت الدراسات والترجمات من وإلى اللغة العربية فتألقت العلاقة أكثر وأكثر…
ويعيش في ألمانيا اليوم أكثر من خمسة ملايين مسلم لأسباب كثيرة ومنها نتائج الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا عام 1942، في ستالينغراد حيث تخلّف الجيش العثماني في ألمانيا لعدم قدرة الخليفة مالياً على نقلهم إلى إسطنبول فاستوطنوا فرانكفورت فنشأت منذ ذلك الحين أجيال وأجيال…
وما يمكن استخلاصه عن علاقة الرأي العام العلماني الألماني بالدين الإسلامي هو ضرورة الحذر مما يقدسه الآخرون وانتقاد أُسس كل معتقد ينافي أبسط قواعد اللباقة الدبلوماسية في العلاقات الدولية، ولا ينسجم مع الحياة والمزاج العام العلماني في ألمانيا على شرط أن يحمل المرء هذه المعتقدات محمل الجدّ ويحترمها باعتبارها مبادئ مقدسة بالنسبة للآخرين… ويلتحق كل عام 750 ألف طفل مسلم بالمدارس الإسلامية التي أُنشئت بألمانيا ومع تصاعد مدّ اليمين المتطرف في ألمانيا – حليقي الرؤوس – وخطابهم المتطرف تجاه الملونين.
صدرت دراسة عام 2023م، من معهد البحوث الجنائية في ولاية سكسونيا ونُشرت نتائجها في أكثر من 10 صحف ومواقع التواصل الاجتماعي – للطلبة في المرحلة المتوسطة – حيث أشار الاستطلاع إلى أن 67.8 % من الطلاب المسلمين المشاركين يرون أن (القرآن أكثر أهمية من القوانين في ألمانيا) وهذه عقيدة مليار ونصف المليار مسلم، وليس فقط المسلمين الألمان. وعليه ما سبب خوف ألمانيا من الإسلام؟ إذا كان المسلمون يتقيدون بقانون البلاد العلمانية؟ وهذه حرية المعتقد الذي ينادون به؟